مُهاجر
06-Dec-2022, 08:18 AM
كنت :
أتصفح الكتاب الذي أهداني اياه أحد الأخوة الاعزاء _ رحمه الله _ ،
والذي كتبه في حلته القشيبة ، والذي ظمّنه بقصص لطيفة
جميلة ، فيها من الدروس ، والقيم ، والعبر التي لا يستغني عنها
من أراد السلامة في هذه الحياة ،
كنت اقرأ قصة " عندما مات العصفور " ،
كان بطلها "منصور " ذاك الشاب الملتزم
الذي عشقه أهل قريته بعدما أفاض عليهم بأخلاقه ،
ونالوا :
من فضله وعطاءه ، حين تعودوا منه سبق الزيارة ،
وتلمس حوائجهم ، اعتاد على مبادرة التحية على الصغير والكبير ، ولا
يستثني منهم أحدا ، فالمعيار عنده " كلنا أولاد آدم وآدم من تراب "
كان :
مع أهله ذاك النموذج الذي تشرئب له أعناق الفقد ،
لذاك الخلق العظيم الجم ،
حين شُحّ وجود أمثال من اكتسبوا تلك الخصال التي استنزفتها
المصالح !في ظلال التكالب على نيل الغنائم من متاع زائل !
مضموم القصة :
بعد تلك الشمائل التي رقّت " منصور " ،
ليكون رمزاً لتلكم القرية الآمنة الصغيرة ،
تغير الحال وتبدل ! بعدما هجم على قريته
ذاك السيل " العرم " ، الذي أطاح بالكثير
من المنازل ليهجرها أهلها ،
وييممون بوجوههم لمناطق أخرى يحقنون بها أرواحهم ،
فقل وجود الناس هناك ، وانشغل منصور بالبيت ،
في ترميمه واصلاح ما تلف منه ،
بات :
بعد ذلك حبيس البيت بعد ذهاب الكثير ،
وبقى يضاجع الهموم ، ويناكف التفكير ،
حتى اتته زوجته الحنون ، وأشارت عليه أن يبحث عن الاصدقاء ،
الذي يخرجونه من حال عزلته ،
تعّرف على "مطاوعة " _ مع تحفظي على التسمية _
فسار سيرتهم بدأ يتأخر عن الرجوع للبيت،
فهجر بذاك أولاده ! فما عاد ذلك الأب المثالي
الذي كان المثال والقدوة لهم ! وقام يتعنيف زوجته ،
حين أخذ يُسمعها الكلام الجارح ،
ويبرز لها أن القوامة له وبيده ،
وهو المتحكم بها !
فانقلب البيت السعيد ، ليكون البيت الخرِب ،
الذي ينعق على أعتابه غراب الشؤم الكئيب !
حتى :
ذاك العصفور الذي كان يتعاهده ، ويسوق له الطعام ،
ويضع له الماء هجر عشه ونسى أمره !
بدأ مع أصحابه الجدد لتبدأ تلك " التصنيفات للناس
هذا " فاسد ، وذاك طالح ، وهذه سافره ،
وتلك متبرجة !
ليكون :
السلام والتسليم على حسب مدى
" صلاح وفساد من يُلاقي " ، _ وطبعاً حكم الظاهر
هو الذي به يُلاسن ويُحاجج _ !
زوجته زينب :
تحاول جاهدة أن ترده لصوابه ، ليعود منصور ذاك
الذي يطيب الجرح من صفاته ، ولكن بدون جدوى !
الناس :
استنكروا فعله ، فما عادوا يرون ذاك الخلق
وتلك الابتسامة !
وفي :
يوم من الأيام وهو واقف عند الشجرة سقط ذاك
العصفور من أعلاها ميتاً ، وكأن ماساً كهربائياً
قد هز كل كيانه وكُله _ اعني بذلك منصور _ ،
لتكون العودة لذاك الصواب ، فعاد
وهو يصرخ وينادي زوجته ، ويحتضنها ،
ويقبل رأسها ويديها ، معتذرا منها
على كل ما بدر منه ، معاهداً نفسه ،
وإياها أن يعود منصور الذي قتله بيده ،
حين استمع لتلك الزمرة :
التي جعلت الدين مطية لنسف
كل جسور التواصل بين الناس !
حين صنّفوا الناس _ بفعلهم وقولهم _ ،
وحفروا بذاك خندق الاقصاء والتمييز !
متناسين بأن " الدين المعاملة " ،
وأن الأخلاق ، وحسن الفعال
هي من تقلب الموازين والمعادلة .
" انتهت القصة "
تعقيبي _ المتواضع _ على تلكم القصة /
ذاك :
الأسف ... حين نتبعه بزفرات من الأسى ،
حين يكون المنطلق يتجاوز واقع الأمور ،
من ذاك ذاك السواد الكثيف الكثيب
من المخالفات الشرعية ،
التي باتت تُصنف من البديهيات ، ومن صغائر الأمور ،
مثل أن نجد ذاك التساهل في خروج بعض الخصلات من الشعر ،
أو ذاك الساعد الذي يبرز من بين ثنايا الثوب ،
أعلم :
بأن بعض الأفعال لا تكون عن سابق قصد ،
ولكن الكثير حين تبدي له النصح يتضايق ،
وينعتكَ بالتشدد وتعظيم القول !
ومع هذا :
كان للتعامل وحسن الطريقة إذا ما اقتضى الأمر ذلك الأثر في نفس ،
وقلب مرتكب ذاك الخطأ حين يُرسل له ورود الود من كلمات تفتح له
الصدر ليغوص بنصحه في سويداء القلب ،
ليكون القبول هو نتاج النصح .
لا :
أن يبادر بقصف الجبهات ،
وتحقير ذاك الكيان ليحسب نفسه
واقع في جحيم الموبقات !
من هنا :
كان الفارق والمخالف بين الأمرين
لمن أراد الرشد .
التدين :
ليس له بطاقة هوية تكون بالصورة
والشكل وإنما هو ما وقر في القلب
وصدّقه الفعل ، وليس بالتمني ،
أو بالدعوى والتجني !
ولا :
يعني أن تكون متديناً أن تُحيط بنفسك بهالة القداسة
، وترى الناس من برجك العاجي على أنك المنزه
وغيرك في الإثم واقع !!
ما :
أجمل الإنسان حين يحب لغيره ما يحبه لنفسه ،
من ذاك يكون مشفقاً على غيره ،
يتمنى :
لهم الكمال وبلوغ الرشاد ، يمد يد العون ،
ويبسط له الوجه بجميل الابتسام ،
بذاك يأسر القلوب ، ويكون الفعل هو رسول السلام
مستغنٍ بذاك عن طويل الكلام .
لتبقى القاعدة :
" إنما الدين النصيحة ،
إنما الدين المعامله " .
عن :
منصور وعن حاله من قبل معرفته
" بتلك الزمرة "
وبعد :
نستخلص أن الإنسان باستطاعته جني الأجور ،
وطرق أبواب البر والخير، وهو على سجيته وأخلاقه ،
من غير أن يكون له انتماء ، وتبعية لمن لا يعلمون
في الدين غير " رسمه " !!
ليكونوا بذلك :
ذاك الحمل الثقيل وذاك الوجه القبيح ،
لذاك المعنى العظيم ألا وهي " الاستقامة "
في دين الله القويم .
أقول :
ما جرف منصور هو " جهله " في الدين حين جعل
ما عظم في صحائف أعماله من عظيم الفعال ،
من صنوف الخير على المحك ، لينسف كل ما فعله في
غمرة ذاك الجهل ، وذاك التغييب عن الواقع
وعن مبادئ الدين .
فالدين :
دين يسر ، وليس دين عسر ، والدين لا يُساير الهوى ،
بحيث يكون التحريم والتحليل منقادان له !
في مقولة :
" الدين يسر " !
فالبعض :
يجعلها شماعة لينتهك بها ما الله أمر ونهى !
فالدين يسر لا يعني أن أقع في المخالفات واسترسل
في الموبقات ، وأنا أتشدق بتلكم الكلمات !
فلا يقال :
بأن التمسك بتعاليم الإسلام هو " التشدد " !
التشدد حين نهرع لكل عسير إذا ما وجد الأمر به سعه ، فذاك
منهج رسول الله _ عليه الصلاة والسلام _ إذا ما خير "
فإنه يختار الأيسر ما لم يكن حراما " .
يُقال :
البعض للأسف يتخذ من هذا الدين شماعه ،
ليظهر أمام الناس بوجه ، ويخفي بباطنه وجه مغاير تماما ،
ليُبدي عكس ما يبطن ،
فلماذا النفاق في أمور الدين ؟!
والرد عليه :
أن البعض يتترس ويتخندق
" بالتدين "
ليمرر خبث نواياه !
حين :
يصل الأمر بأحدهم أنه يرى كل أفعاله وأقواله ،
لا يمكن أن تخضع
للخطأ ، فذاك الوصول لدرجة الغرور
التي تودي بصاحبها لدركات المهالك !
فقد أوصل نفسه لمرتبة العصمة ،
التي خصها الله لخير خلقه من الرسل
والانبياء المجتبون .
لتبقى الخاتمة :
" أن التدين هو رديف الأخلاق الحميدة
التي تُستقى من منبع ما الله أوجب وأمر " .
مُهاجر
أتصفح الكتاب الذي أهداني اياه أحد الأخوة الاعزاء _ رحمه الله _ ،
والذي كتبه في حلته القشيبة ، والذي ظمّنه بقصص لطيفة
جميلة ، فيها من الدروس ، والقيم ، والعبر التي لا يستغني عنها
من أراد السلامة في هذه الحياة ،
كنت اقرأ قصة " عندما مات العصفور " ،
كان بطلها "منصور " ذاك الشاب الملتزم
الذي عشقه أهل قريته بعدما أفاض عليهم بأخلاقه ،
ونالوا :
من فضله وعطاءه ، حين تعودوا منه سبق الزيارة ،
وتلمس حوائجهم ، اعتاد على مبادرة التحية على الصغير والكبير ، ولا
يستثني منهم أحدا ، فالمعيار عنده " كلنا أولاد آدم وآدم من تراب "
كان :
مع أهله ذاك النموذج الذي تشرئب له أعناق الفقد ،
لذاك الخلق العظيم الجم ،
حين شُحّ وجود أمثال من اكتسبوا تلك الخصال التي استنزفتها
المصالح !في ظلال التكالب على نيل الغنائم من متاع زائل !
مضموم القصة :
بعد تلك الشمائل التي رقّت " منصور " ،
ليكون رمزاً لتلكم القرية الآمنة الصغيرة ،
تغير الحال وتبدل ! بعدما هجم على قريته
ذاك السيل " العرم " ، الذي أطاح بالكثير
من المنازل ليهجرها أهلها ،
وييممون بوجوههم لمناطق أخرى يحقنون بها أرواحهم ،
فقل وجود الناس هناك ، وانشغل منصور بالبيت ،
في ترميمه واصلاح ما تلف منه ،
بات :
بعد ذلك حبيس البيت بعد ذهاب الكثير ،
وبقى يضاجع الهموم ، ويناكف التفكير ،
حتى اتته زوجته الحنون ، وأشارت عليه أن يبحث عن الاصدقاء ،
الذي يخرجونه من حال عزلته ،
تعّرف على "مطاوعة " _ مع تحفظي على التسمية _
فسار سيرتهم بدأ يتأخر عن الرجوع للبيت،
فهجر بذاك أولاده ! فما عاد ذلك الأب المثالي
الذي كان المثال والقدوة لهم ! وقام يتعنيف زوجته ،
حين أخذ يُسمعها الكلام الجارح ،
ويبرز لها أن القوامة له وبيده ،
وهو المتحكم بها !
فانقلب البيت السعيد ، ليكون البيت الخرِب ،
الذي ينعق على أعتابه غراب الشؤم الكئيب !
حتى :
ذاك العصفور الذي كان يتعاهده ، ويسوق له الطعام ،
ويضع له الماء هجر عشه ونسى أمره !
بدأ مع أصحابه الجدد لتبدأ تلك " التصنيفات للناس
هذا " فاسد ، وذاك طالح ، وهذه سافره ،
وتلك متبرجة !
ليكون :
السلام والتسليم على حسب مدى
" صلاح وفساد من يُلاقي " ، _ وطبعاً حكم الظاهر
هو الذي به يُلاسن ويُحاجج _ !
زوجته زينب :
تحاول جاهدة أن ترده لصوابه ، ليعود منصور ذاك
الذي يطيب الجرح من صفاته ، ولكن بدون جدوى !
الناس :
استنكروا فعله ، فما عادوا يرون ذاك الخلق
وتلك الابتسامة !
وفي :
يوم من الأيام وهو واقف عند الشجرة سقط ذاك
العصفور من أعلاها ميتاً ، وكأن ماساً كهربائياً
قد هز كل كيانه وكُله _ اعني بذلك منصور _ ،
لتكون العودة لذاك الصواب ، فعاد
وهو يصرخ وينادي زوجته ، ويحتضنها ،
ويقبل رأسها ويديها ، معتذرا منها
على كل ما بدر منه ، معاهداً نفسه ،
وإياها أن يعود منصور الذي قتله بيده ،
حين استمع لتلك الزمرة :
التي جعلت الدين مطية لنسف
كل جسور التواصل بين الناس !
حين صنّفوا الناس _ بفعلهم وقولهم _ ،
وحفروا بذاك خندق الاقصاء والتمييز !
متناسين بأن " الدين المعاملة " ،
وأن الأخلاق ، وحسن الفعال
هي من تقلب الموازين والمعادلة .
" انتهت القصة "
تعقيبي _ المتواضع _ على تلكم القصة /
ذاك :
الأسف ... حين نتبعه بزفرات من الأسى ،
حين يكون المنطلق يتجاوز واقع الأمور ،
من ذاك ذاك السواد الكثيف الكثيب
من المخالفات الشرعية ،
التي باتت تُصنف من البديهيات ، ومن صغائر الأمور ،
مثل أن نجد ذاك التساهل في خروج بعض الخصلات من الشعر ،
أو ذاك الساعد الذي يبرز من بين ثنايا الثوب ،
أعلم :
بأن بعض الأفعال لا تكون عن سابق قصد ،
ولكن الكثير حين تبدي له النصح يتضايق ،
وينعتكَ بالتشدد وتعظيم القول !
ومع هذا :
كان للتعامل وحسن الطريقة إذا ما اقتضى الأمر ذلك الأثر في نفس ،
وقلب مرتكب ذاك الخطأ حين يُرسل له ورود الود من كلمات تفتح له
الصدر ليغوص بنصحه في سويداء القلب ،
ليكون القبول هو نتاج النصح .
لا :
أن يبادر بقصف الجبهات ،
وتحقير ذاك الكيان ليحسب نفسه
واقع في جحيم الموبقات !
من هنا :
كان الفارق والمخالف بين الأمرين
لمن أراد الرشد .
التدين :
ليس له بطاقة هوية تكون بالصورة
والشكل وإنما هو ما وقر في القلب
وصدّقه الفعل ، وليس بالتمني ،
أو بالدعوى والتجني !
ولا :
يعني أن تكون متديناً أن تُحيط بنفسك بهالة القداسة
، وترى الناس من برجك العاجي على أنك المنزه
وغيرك في الإثم واقع !!
ما :
أجمل الإنسان حين يحب لغيره ما يحبه لنفسه ،
من ذاك يكون مشفقاً على غيره ،
يتمنى :
لهم الكمال وبلوغ الرشاد ، يمد يد العون ،
ويبسط له الوجه بجميل الابتسام ،
بذاك يأسر القلوب ، ويكون الفعل هو رسول السلام
مستغنٍ بذاك عن طويل الكلام .
لتبقى القاعدة :
" إنما الدين النصيحة ،
إنما الدين المعامله " .
عن :
منصور وعن حاله من قبل معرفته
" بتلك الزمرة "
وبعد :
نستخلص أن الإنسان باستطاعته جني الأجور ،
وطرق أبواب البر والخير، وهو على سجيته وأخلاقه ،
من غير أن يكون له انتماء ، وتبعية لمن لا يعلمون
في الدين غير " رسمه " !!
ليكونوا بذلك :
ذاك الحمل الثقيل وذاك الوجه القبيح ،
لذاك المعنى العظيم ألا وهي " الاستقامة "
في دين الله القويم .
أقول :
ما جرف منصور هو " جهله " في الدين حين جعل
ما عظم في صحائف أعماله من عظيم الفعال ،
من صنوف الخير على المحك ، لينسف كل ما فعله في
غمرة ذاك الجهل ، وذاك التغييب عن الواقع
وعن مبادئ الدين .
فالدين :
دين يسر ، وليس دين عسر ، والدين لا يُساير الهوى ،
بحيث يكون التحريم والتحليل منقادان له !
في مقولة :
" الدين يسر " !
فالبعض :
يجعلها شماعة لينتهك بها ما الله أمر ونهى !
فالدين يسر لا يعني أن أقع في المخالفات واسترسل
في الموبقات ، وأنا أتشدق بتلكم الكلمات !
فلا يقال :
بأن التمسك بتعاليم الإسلام هو " التشدد " !
التشدد حين نهرع لكل عسير إذا ما وجد الأمر به سعه ، فذاك
منهج رسول الله _ عليه الصلاة والسلام _ إذا ما خير "
فإنه يختار الأيسر ما لم يكن حراما " .
يُقال :
البعض للأسف يتخذ من هذا الدين شماعه ،
ليظهر أمام الناس بوجه ، ويخفي بباطنه وجه مغاير تماما ،
ليُبدي عكس ما يبطن ،
فلماذا النفاق في أمور الدين ؟!
والرد عليه :
أن البعض يتترس ويتخندق
" بالتدين "
ليمرر خبث نواياه !
حين :
يصل الأمر بأحدهم أنه يرى كل أفعاله وأقواله ،
لا يمكن أن تخضع
للخطأ ، فذاك الوصول لدرجة الغرور
التي تودي بصاحبها لدركات المهالك !
فقد أوصل نفسه لمرتبة العصمة ،
التي خصها الله لخير خلقه من الرسل
والانبياء المجتبون .
لتبقى الخاتمة :
" أن التدين هو رديف الأخلاق الحميدة
التي تُستقى من منبع ما الله أوجب وأمر " .
مُهاجر