المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بعض آداب الدعاء وأسباب إجابته، وحكم الدعاء دون مباشرة الأسباب المادية الظاهرة


نزف القلم
12-Jul-2021, 09:13 AM
السؤال
أنا طالبة جامعية، مررت -وسأمرّ- بظروف صعبة؛ لذلك أحتاج أن أدعو الله، ولكني لا أعلم كيف أدعو الله، فماذا أقول عندما أودّ أن أدعو؟ وهل الدعاء كافٍ عندما أواجه مشكلة، فأذهب لأدعو الله دون عمل؟ وما الفرق بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله ودعائه؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس للدعاء صيغة خاصة، أو كيفية معينة، لا بدّ من الالتزام بها، بل يدعو المرء بحاجته، ولا سيما عند كربته.
لكنْ للدعاء آداب، من أهمها: افتتاحه بالثناء على الله عز وجل، والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ لَمْ يُمَجِّدْ اللَّهَ تَعَالَى، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَجِلَ هَذَا. ثُمَّ دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ: إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ، فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ رَبِّهِ جَلَّ وَعَزَّ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ. رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح. وراجعي الفتوى: 119608.
وبعض الأوقات أفضل للدعاء من بعض؛ فينبغي أن يتحيّنها المرء في دعائه، يقول ابن القيم -رحمه الله- مبينًا أسباب إجابة الدعاء: وَإِذَا جَمَعَ مَعَ الدُّعَاءِ حُضُورَ الْقَلْبِ، وَجَمْعِيَّتَهُ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَصَادَفَ وَقْتًا مِنْ أَوْقَاتِ الْإِجَابَةِ السِّتَّةِ، وَهِيَ: الثُّلُثُ الْأَخِيرُ مِنَ اللَّيْلِ، وَعِنْدَ الْأَذَانِ، وَبَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَأَدْبَارُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، وَعِنْدَ صُعُودِ الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى تُقْضَى الصَّلَاةُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَآخِرُ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ. وَصَادَفَ خُشُوعًا فِي الْقَلْبِ، وَانْكِسَارًا بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ، وَذُلًّا لَهُ، وَتَضَرُّعًا، وَرِقَّةً. وَاسْتَقْبَلَ الدَّاعِي الْقِبْلَةَ. وَكَانَ عَلَى طَهَارَةٍ. وَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى اللَّهِ. وَبَدَأَ بِحَمْدِ اللَّهِ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ. ثُمَّ ثَنَّى بِالصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ حَاجَتِهِ التَّوْبَةَ، وَالِاسْتِغْفَارَ. ثُمَّ دَخَلَ عَلَى اللَّهِ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَتَمَلَّقَهُ، وَدَعَاهُ رَغْبَةً وَرَهْبَةً. وَتَوَسَّلَ إِلَيْهِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَتَوْحِيدِهِ. وَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ دُعَائِهِ صَدَقَةً؛ فَإِنَّ هَذَا الدُّعَاءَ لَا يَكَادُ يُرَدُّ أَبَدًا، وَلَا سِيَّمَا إِنْ صَادَفَ الْأَدْعِيَةَ الَّتِي أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا مَظَنَّةُ الْإِجَابَةِ، أَوْ أَنَّهَا مُتَضَمِّنَةٌ لِلِاسْمِ الْأَعْظَمِ. انتهى.
ونحيلك إلى بعض صيغ الأدعية في الفتوى: 32655، والفتوى: 361969.
والدعاء دون مباشرة الأسباب المادية الظاهرة، لا حرج فيه، ولا تتوقف إجابته على الأخذ بها؛ لأن الدعاء في حد ذاته سبب من أعظم الأسباب التي يتحقق بها المطلوب، قال ابن القيم في الداء والدواء: المقدور قدر بأسباب، ومن أسبابه الدعاء، فلم يقدر مجردًا عن سببه، ولكن قدّر بسببه، فمتى أتى العبد بالسبب، وقع المقدور، ومتى لم يأت بالسبب، انتفى المقدور. وهذا كما قدر الشبع والري بالأكل والشرب، وقدر الولد بالوطء، وقدر حصول الزرع بالبذر، وقدر خروج نفس الحيوان بذبحه، وكذلك قدر دخول الجنة بالأعمال، ودخول النار بالأعمال ...
فَالدُّعَاءُ مِنْ أَقْوَى الْأَسْبَابِ، فَإِذَا قُدِّرَ وُقُوعُ الْمَدْعُوِّ بِهِ بِالدُّعَاءِ، لَمْ يَصِحَّ أَنْ يُقَالَ: لَا فَائِدَةَ فِي الدُّعَاءِ، كَمَا لَا يُقَالُ: لَا فَائِدَةَ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَجَمِيعِ الْحَرَكَاتِ وَالْأَعْمَالِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْأَسْبَابِ أَنْفَعَ مِنَ الدُّعَاءِ، وَلَا أَبْلَغَ فِي حُصُولِ الْمَطْلُوبِ. اهـ.
وقال في الجواب الشافي: الدعاءُ مِنْ أقوى الأسباب؛ فليس شيءٌ أنفع منه، فمتى أُلْهِمَ العبدُ الدعاءَ، حصَلَتِ الإجابة. اهـ.
والتوكل على الله، والاعتماد عليه من شعب الإيمان، ولكنه لا ينافي الأخذ بالأسباب، جاء في الآداب الشرعية لابن مفلح: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اللَّهُ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّبَبَ وَالْمُسَبِّبَ، وَالدُّعَاءُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَسْبَابِ الَّتِي يُقَدِّرُهَا؛ فَالِالْتِفَاتُ إلَى الْأَسْبَابِ شِرْكٌ فِي التَّوْحِيدِ، وَمَحْوُ الْأَسْبَابِ أَنْ تَكُونَ أَسْبَابًا نَقْصٌ فِي الْعَقْلِ، وَالْإِعْرَاضُ عَنْ الْأَسْبَابِ بِالْكُلِّيَّةِ قَدْحٌ فِي الشَّرْعِ. اهـ.
والإنسان معرض دائمًا للأخطار والمحن التي لا قبل له بها، وما له من دافع يدفعها عنه إلا الله، وهو فقير إلى رحمة الله له، ولطفه به في سائر أحواله وتقلبات الحياة به، فإذا هو أصلح ما بينه وبين الله، هيأ نفسه لقبول دعوته، وتلقي المدد والمعونة من لدنه -تعالى-، وكان مثالاً للقدوة الصالحة، وعاش قرير العين، آمنًا من فتنة الدنيا، وقدم على ربه بزاد من التقوى والعمل الصالح، قال تعالى: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [الكهف:110].
وعليه أن يحسن ظنه بالله تعالى، ويؤمل في فضله الواسع، ويوطّن نفسه على الصبر، والرضا، مع الأخذ بالأسباب الممكنة لتحسين الحال.
وليثق العبد أن تدبير الله له خير من تدبيره لنفسه، فهو أرحم بعبده، وأعلم بمصالحه من نفسه، فإذا شهد العبد بقلبه ذلك، أورثه الرضا والطمأنينة، وأبعد عنه الحزن والغمّ.
والله أعلم.
فتاوى اسلام ويب

الباز الذهبي
12-Jul-2021, 09:57 AM
جزاك الله خير الجزاء
حروف من نور وطمانينة

مودتي

سلطان الزين
12-Jul-2021, 04:37 PM
جزاك الله كل الخير وبارك فيك...

سليدا
12-Jul-2021, 07:59 PM
جَزآكــم اللهُ خَيرَ آلجَزآءْ ..،
جَعَلَ أَيامكم نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً..
جَعَلَهُ الله في مُوآزيَنَ آعمآلَكــم
دَآمَ لَنآ عَطآئُكــم

عيسى العنزي
26-Jul-2021, 05:46 PM
شكرا لك على الموضوع
يعطيك العافيه
احترامي

ليل،LAYL
28-Aug-2021, 04:02 PM
أخونا الفاضل / نزف القلم ...

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ...........
قلمك جميل وطرحك أجمل وأنتقائك للطرح مهم
للغاية وبالتالي نتمنى أن يسـتمر هذا العطـــــــــاء
في مســــــــــاره الهادف والمنشود والمطلوب.
( جهد تستحق الشكر عليه )
الله يجزاك كـــــل الخير يارب والله يكثر من أمثالك.
ولا خلا ولا عـــــــــدم يارب والله يرضى عليك.

تقبل مني خالص ودي قبل شكري ثم إحترامي
قبل تقديري ثم في حفظ الرحمن،،،،،،،،،،،،




ردي + أعجابي + على رأسي
أخوك : ليل - مر من هنـــــــــا




ملاحظة هامة للجميع : كرماً وليس أمراً :
البحث في قائمة البحث المنســــــــدلة
عن أي موضوع مشابه قبل نشره تلافياً
لتكــــــرار النشر وتدفّـق المواضيع.

ليان الحربي
30-Aug-2023, 05:19 AM
بآرك الله فيك على جمآل هذا الطرح
وروعة هذه الفرآئد والفوآئد
جزآك الله خيراً
و كتبها الله في موآزين حسنآتك

حـُـلم
25-Dec-2023, 06:22 PM
طرح قيم
جزاك الله خير الجزاء