منتديات أحاسيس الليل

منتديات أحاسيس الليل (http://www.a7-lil.com/vb/index.php)
-   قسم الرسول مع حياة الصحابة (http://www.a7-lil.com/vb/forumdisplay.php?f=132)
-   -   شرح حديث عمر رضي الله عنه: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله (http://www.a7-lil.com/vb/showthread.php?t=29329)

هجران 28-Mar-2024 02:02 AM

شرح حديث عمر رضي الله عنه: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله
 
شرح حديث عمر رضي الله عنه: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله


عَنْ عُمَرَ رضْي اللهُ عنه قال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّي اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: «لو أنَّكُمْ تَتَوكَّلُونَ علَى اللهِ حقَّ توكُّله لرزقَكم كما يرْزقُ الطَّيرَ، تغدوا خِماصًا وتَرُوحُ بِطانًا» رواه الترمذيُّ، وقال: «حديثٌ حسَنٌ».

معناه: تذْهبُ أوَّلَ النَّهارِ خماصًا؛ أي: ضامرةَ البطونِ من الجوع، وترجعُ آخرَ النَّهار بِطانًا: أيْ: مُمتلِئةَ البُطُونِ.

قال العلَّامةُ ابنُ عُثيْمين - رحمَه اللهُ -:
يقول النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ حاثًا أمَّتَه على التَّوكُّلِ: «لو أنَّكم تتوكَّلون علي اللهِ حقَّ توَكُّلِه»؛ أي: توكُّلًا حقيقيًّا، تعتمدون علي اللهِ - عزَّ وجلَّ - اعتمادًا تامًّا في طلبِ رزقكم وفي غيرِه «لرزَقَكم كما يَرْزقُ الطَّيرَ»؛ الطيرُ رزقها علي الله عزَّ وجلَّ، لأنَّها طيور ليس لها مالك، فتطير في الجوِّ، وتغدوا إلى أوْكارِها، وتستجلبُ رزقَ اللهِ عزَّ وجلَّ.

«تغْدُوا خِماصًا»: تغدُوا؛ أي: تذهبُ أوَّلَ النهارِ، لأنَّ الغدوة هي أول النهار. وخِماصًا يعني: جائعةً كما قال الله تعالى: ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: من الآية 3]. مخْمَصة: يعني: مجاعة.

«تَغْدوا خِماصًا»؛ يعني: جائعة، ليس في بطونها شيءٌ، لكنَّها متوكلة على ربِّها عزَّ وجلَّ.
«وتَروُحُ»؛ أي: ترجعُ في آخرِ النَّهار، لأنَّ الرواح هو آخرُ النَّهارِ.
«بِطانًا»؛ أي: ممتلئةَ البطونِ، من رزقِ الله عزَّ وجلَّ. ففي هذا دليلٌ علي مسائل:

أوَّلًا: أنَّه ينبغي للإنسانِ أنْ يعتمِدَ على الله – تعالى - حقَّ الاعتماد.

ثانيًا: أنَّه ما من دابة في الأرض إلَّا علي اللهِ رزقها، حتى الطير في جو السماء، لا يمسكه في جوِّ السماءِ إلَّا الله، ولا يرزقه إلا الله عزَّ وجلَّ. كلُّ دابةٍ في الأرض، من أصغر ما يكون كالذَرِّ، أو أكبر ما يكون، كالفيلةِ وأشباهِها، فإنَّ على الله رزقُها، كما قال الله: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ﴾ [هود: من الآية 6]، ولقد ضلَّ ضلالًا مبينًا من أساء الظنَّ بربِّه، فقال لا تُكثروا الأولاد تضيق عليكم الأرزاق! كذبوا وربِّ العرش، فإذا أكثروا من الأولاد أكثر الله في رزقهم، لأنَّه ما من دابةٍ على الأرض إلا علي الله رزقها، فرزقُ أولادك وأطفالك علي اللهِ عزَّ وجلَّ، هو الذي يفتح لك أبواب الرزق من أجل أن تنفق عليهم، لكن كثير من الناسِ عندهم سوءُ ظنٍّ بالله، ويعتمدون على الأمور الماديَّة المنظورةِ، ولا ينظرون إلى المدى البعيد، وإلى قدرة الله عزَّ وجلَّ، وإنَّه هو الذي يرزق ولو كثر الأولاد. أكثرْ من الأولاد تكْثرُ لك الأرزاق، هذا هو الصحيح. وفي هذا دليلٌ – أيضا - على أنَّ الإنسان إذا توكلَّ على الله حقَّ التوكل فليفعل الأسباب. ولقد ضلَّ من قال لا أفعلُ السَّببَ، وأنا متوكِّلٌ، فهذا غير صحيحٍ، المتوكلُّ: هو الذي يفعل الأسباب متوكِّلًا علي الله عزَّ وجلَّ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «كما يرْزقُ الطَّيْرَ تغدُوا خِماصًا» تذهب لتطلب الرزق، ليست الطيور تبقي في أوْكارِها، لكنَّها تغدو وتطلبُ الرِّزقَ.

فأنت إذا توكَّلتَ على اللهِ حقَّ التوكُّلِ، فلا بدَّ أن تفعل الأسباب التي شرعَها الله لك من طلبِ الرزقِ من وجهٍ حلالٍ بالزراعة، أو التجارة، بأي شيءٍ من أسباب الرزق، اطلبِ الرزقَ معتمدًا على الله، ييسر الله لك الرزق.

ومن فوائدِ هذا الحديث: أنَّ الطيورَ وغيرَها من مخلوقات الله تعرف الله، كما قال الله تعالى: ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾ [الإسراء: من الآية 44]، يعني: ما من شيءٍ إلَّا يُسَبِّحُ بحمْدِ اللهِ، ﴿ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾، ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [الحج: من الآية 18].

فالطيور تعرفُ خالقها عزَّ وجلَّ، وتطيرُ تطلبُ الرِّزقَ بما جلبها اللهُ عليه من الفطرةِ التي تهتدي بها إلى مصالِحها، وتغدو إلى أوكارِها في آخر النَّهار بطونها ملأى، وهكذا دوَاليك في كلِّ يومٍ، والله عزَّ وجلَّ يرزقها ويُيَسِّرُ لها الرزقَ. وانظرْ إلى حكمةِ الله، كيف تغدو هذه الطيور إلى محلاتٍ بعيدة، وتهتدي بالرجوع إلى أماكنِها، لا تخطئها، لأنَّ الله - عزَّ وجلَّ - أعطى كلَّ شيءٍ خلْقَه ثمَّ هدَي. واللهُ الموفق.

المصدر: «شرح رياض الصالحين» (1 /557 - 560)

سلطان الزين 28-Mar-2024 02:41 AM

رد: شرح حديث عمر رضي الله عنه: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله
 
طرح مفيد يعطيك العافيه

ملك الأحساس 28-Mar-2024 04:04 AM

رد: شرح حديث عمر رضي الله عنه: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله
 
سلمت يمينك
ع جمال طرحك المميز

N@gh@m 28-Mar-2024 05:14 PM

رد: شرح حديث عمر رضي الله عنه: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله
 
https://dso7.raed.net:451/files/1_4fc7a.png

احساس عاشق 28-Mar-2024 06:12 PM

رد: شرح حديث عمر رضي الله عنه: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله
 
سّلّمّتّ اّلّاّنّاّمّلّ اّلّتّيّ خّطّتّ هّذاّ اّلّجّمّاّلّ
وّنّسّجّتّ مّنّ اّلّاّحّرّفّ بّدّيّعّ اّلّلّوّحّاّتّ
دّاّمّ عّطّاّئّكّ اّلّعّذبّ
وّدّمّتّ نّجّمّ لّاّمّعّ
وّدّيّ وّتّقّدّيّرّيّ وّاّحّتّرّاّمّيّ
كّاّاّنّ هّنّاّاّاّ
اّحّسّاّسّ عّاّشّقّ

حـُـلم 28-Mar-2024 11:00 PM

رد: شرح حديث عمر رضي الله عنه: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله
 

طرح قيم
جزاك الله خير الجزاء

نَبض 30-Mar-2024 12:33 AM

رد: شرح حديث عمر رضي الله عنه: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله
 
::

بارك الله فيك

غَيْم..! 30-Mar-2024 03:30 PM

رد: شرح حديث عمر رضي الله عنه: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله
 
جزاك الله الجنه ونعيمها
تسلم ايدك و بوركت جهودك ..

لهفة شوق 02-Apr-2024 12:20 AM

رد: شرح حديث عمر رضي الله عنه: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله
 
شكرا لك على الموضوع
يعطيك العافيه
احترامي

الحر 12-Apr-2024 05:28 PM

رد: شرح حديث عمر رضي الله عنه: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله
 
جزاك الله خير
وكتب الله أجرك وبارك الله فيك


الساعة الآن 02:11 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas

جميع ما يطرح في منتديات أحاسيس الليل لا يعبر عن رأي الموقع وإنما يعبر عن رأي الكاتب
وإننــے أبرأ نفســے أنا صاحبة الموقع أمامـ الله سبحانه وتعالــے من أــے تعارف بين الشاب والفتاة من خلال أحاسيس الليل
vEhdaa 1.1 by rKo ©2009