|
فـعـآلـيـآت آلـمـنـتـدى | ||||
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
الناس والأوبئة.
ابتلاء البشر سنة ماضية لله تعالى فيهم، لا يفر منها أحد، ولا يقي منها حذر، فمن صبر نال الأجر، ومن سخط ركبه الوزر ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ [الأنبياء: 35] ومن حكم الابتلاء رد الناس إلى الجادة، ودفعهم للتوبة والإنابة، وكسر غرور النفس وعتوها ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الأعراف: 168]. والأوبئة ابتلاء ابتلى الله تعالى به البشر قديما وحديثا، ولا زلنا منذ عام ونيف نعيش فورة هذا الوباء وسكونه وتجدده، وأصيب به من أصيب، ومات فيه من مات، ونُجي فيه من نجي، وحفظ منه من حفظ، وكلها مقادير الحكيم العليم القدير، سبحانه وبحمده، لا إله إلا هو، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. والناس في الإصابة بالوباء على أقسام أربعة: فقسم أصيبوا به وماتوا، فرحمة الله تعالى على المؤمنين منهم، ويرجى لمن صبر منهم واحتسب أجرا عظيما؛ لأن الوباء مصيبة حلت بهم، فذهبت فيه أرواحهم، وزالوا عن دنياهم. ويجب على ذويهم الصبر والاحتساب والاسترجاع، والرضا بأمر الله تعالى وقدره؛ لينالوا الأجر موفورا ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ [البقرة: 155 - 157]. ولما احتضر ابن لبنت النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إليها قائلا: «إنَّ لله مَا أخَذَ وَلَهُ مَا أعطَى، وَكُلُّ شَيءٍ عِندَهُ بِأجَلٍ مُسَمًّى فَلتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ» رواه الشيخان. ومن صبر واحتسب في ذهاب حبيب له فله الجنة؛ لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَا لِعَبْدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ إِلَّا الجَنَّةُ» رواه الشيخان. وقسم ثانٍ أصيبوا به، ولا زالوا في شدته وآلامه، وهؤلاء في خير عظيم إن هم صبروا ولم يجزعوا، ورضوا ولم يسخطوا، وأيقنوا أن ابتلاءهم به رحمة من الله تعالى بهم؛ لتكفر بالوباء خطاياهم، وترفع بصبرهم ورضاهم درجاتهم، والنصوص في ذلك كثيرة، من وعاها علم أنه بإصابته محبوب عند الله تعالى ما دام قائما بأمره سبحانه، ملتزما أحكام دينه عز وجل: ودليل إرادة الخيرية له: حديث أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ» رواه البخاري. ودليل محبة الله تعالى له: حديث مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَحَبَّ اللهُ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ صَبَرَ فَلَهُ الصَّبْرُ، وَمَنْ جَزِعَ فَلَهُ الْجَزَعُ» رواه أحمد، وحديث أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ» رواه الترمذي وقال: حسن غريب. ودليل تكفير خطاياه بالوباء: حديث ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوعَكُ، فَمَسِسْتُهُ بِيَدِي فَقُلْتُ: إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، قَالَ: أَجَلْ، كَمَا يُوعَكُ رَجُلاَنِ مِنْكُمْ، قَالَ: لَكَ أَجْرَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، مَرَضٌ فَمَا سِوَاهُ، إِلَّا حَطَّ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا» رواه الشيخان، وفي حديث آخر قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» رواه الشيخان. وكلما اشتد البلاء بالوباء كان ذلك أعظم في الجزاء، وأكثر في تكفير الخطايا؛ لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا يَزَالُ البَلَاءُ بِالمُؤْمِنِ وَالمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ» رواه الترمذي وقال: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وعليه أن يصبر على لأواء المرض وشدته وألمه، وأن يحذر من تمني الموت أو الدعاء به؛ فإن ذلك من الجزع وعدم الصبر، دل على ذلك حديث أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ المَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيْرًا لِي» رواه الشيخان. واشتد الوجع بخباب بن الأرت رضي الله عنه حتى قال: «لَوْلاَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ» رواه الشيخان. كما أن حياة المؤمن خير له؛ لأنها في طاعة الله تعالى، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ المَوْتَ: إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ يَزْدَادُ، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ» رواه البخاري، وفي رواية مسلم: «لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ، وَلَا يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ، إِنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وَإِنَّهُ لَا يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلَّا خَيْرًا». وسأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ، قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ؟ قَالَ: مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ» رواه أحمد. اللهم ثبتنا على الحق المبين، واجعلنا في النعماء شاكرين، وعلى البلاء صابرين، وعند الجزاء فائزين، واحفظنا والمسلمين أجمعين.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
29-Jun-2021, 12:38 AM | #2 |
|
رد: الناس والأوبئة.
الله يحمينا واهلنا والمسلمين من الوباء ومن كل مرض
اشكرك ياجميلة |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
29-Jun-2021, 03:42 AM | #3 |
|
رد: الناس والأوبئة.
جزاك الله خير الجزاء ..
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
29-Jun-2021, 12:02 PM | #4 |
|
رد: الناس والأوبئة.
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
30-Jun-2021, 04:55 AM | #5 |
|
رد: الناس والأوبئة.
جزاك الله خير الجزاء .. ونفع بك ,, على الطرح القيم
وجعله في ميزان حسناتك وألبسك لباس التقوى والغفران وجعلك ممن يظلهم الله في يوم لا ظل الا ظله وعمر الله قلبك بالأيمان على طرحك المحمل بنفحات ايمانيه سررت لتواجدي هنا في موضوعك لا عدمناك |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-Jul-2021, 11:29 AM | #6 |
|
رد: الناس والأوبئة.
شكرا لك على الموضوع
يعطيك العافيه احترامي |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
29-Aug-2021, 02:51 AM | #7 |
|
رد: الناس والأوبئة.
أختنا الفاضلة / ســـليدا ..
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته قلمك جميل وطرحك أجمل وأنتقائك للطرح مهم للغاية وبالتالي نتمنى أن يسـتمر هذا العطـــــــــاء في مســــــــــاره الهادف والمنشود والمطلوب. ( جهد تستحقين الشكر عليه ) الله يجزاك كـــــل الخير يارب والله يكثر من أمثالك. ولا خلا ولا عـــــــــدم يارب والله يرضى عليك. تقبلي مني خالص ودي قبل شكري ثم إحترامي قبل تقديري ثم في حفظ الرحمن،،،،،،،،،،،، أعجابي + تقييمي + على رأسي أخــــــــــوك : ليل - مر من هنـــــــــا |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
01-Sep-2021, 11:46 PM | #8 |
|
رد: الناس والأوبئة.
انجاز رائع ومواضيع مميزه وابداع راقي
سلمت وسلمت الايادي التي شاركت وساهمت في هذا الطرح الجميل بارك الله فيكم ولا تحرمونه من ابداعاتكم وتميزكم المتواصل واصلو في كل ما هو جديد ومفيد لديــــــــــــــكم فنحن بانتظار جديدكم الرائع والجميــــــل كوجودكم المتواصل والجميل معنا تحياتي لسمو شخصكم الكريم |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
03-Oct-2021, 08:07 PM | #9 |
|
رد: الناس والأوبئة.
طرح رائع
بيادر اللوتس لمتصفحك هذا و لا حرمنا اطلالتك الجميلة . |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
14-Jul-2023, 05:22 PM | #10 |
|
رد: الناس والأوبئة.
جزاكك الله خير ع الطرح القييييم
لاعدمنا وجووودكك و جديدكك ودي |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
لا تلتفت لكلام الناس | البارونه | •₪• تطوير آلذآت•₪• | 11 | 19-Oct-2024 03:40 AM |
(( فن التعامل مع الناس . . مفتاح حواء لقلوب الاخرين؟)) | الباز الذهبي | •₪• زاوية حرة •₪• | 13 | 26-Dec-2023 08:15 PM |
هكذا هم أغلب الناس دوماً | الباز الذهبي | •₪• زاوية حرة •₪• | 6 | 19-Dec-2023 07:41 PM |