|
فـعـآلـيـآت آلـمـنـتـدى | ||||
الإهداءات | |
•₪• يحكى أن •₪• م ● هنا واحة تحتضن ما أعجبكم من القصص والروايات والكتب والمقالات المنقولة ( كتابية أو فيديوهات ) |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||||||||
|
|||||||||
قصة - لعبة ُ الشطرنج
قصة - لعبة ُ الشطرنج
- أقفُ على الجسر ، منذ ساعة ، لا أفعلُ شيئاً ذا قيمة ، غير أنني أنفخُ من دخان الأرجيلة الإلكترونية. أنظرُ إلى المدينة المضاءة في الليل. تعبرُ بقربي سيارات مستعجلة و ينبعثُ صداها من البعيد. القمرُ أصابهُ الخسوف في كبد السماء، فتشقق نصفه الأسفل و تلاشى كأنما التهمهُ الليلُ الجائع بنهمِ العتمةِ . أمدّ يدي و أتحسسُ برودة العِقد الفضي في جيبي، ربما لأذكّر نفسي بالموعد بعد ساعة و نصف من الآن. اشتريتُ تذكرتين للحفلة الموسيقية أيضاً، درجتُ في الآونة الأخيرة أن أبتاعَ نسختين من أي شيء، كتابان ، علبتا نوتيلا ، تذكرتان لأي حفلة عامة تُقام، إلخ ... تتهادى على خدي نسائمٌ لطيفة. جُل ما أشمه رائحة التمباك الذي يمتزج بالهواء حولي، أحتاجُ أن أهدأ ، المزيد من التوتر لا يفيد. أخبرتُ سيدة محترمة قبل فترة التقيتُ بها في مطعم وسط جمعٍ من الأصدقاء ، و بينما نحن نتجاذب أطرافَ الحديث ، أنه من عادتي أن أشربَ فنجاناً كبيراً من القهوة إذا استعصى عليّ النوم. ضحكتْ من قلبها ثم بادرتني قائلة ً: " لماذا كل هذا القلق إذن ؟". لا شيء ، إنه فقط مغمّس في لُب الأفكار و ينبضُ بالخوف. أمرٌ أعقد من أن يفسّر أو يُعلل. مشيتُ بإتجاه سيارتي، رفعتُ ذراع المكبح الآلي و ضغطتُ على الدواسة فانزلقت السيارة على الإسفلت ثم اختفتْ داخل النفق. قررتُ أن أطلبَ قهوة سريعة في ستاربكس ، لن تطول جلستي هناك ، سأقرأ الفصل الأخير من " مذكرات من العالم السفلي " لدستويفسكي بإهتمام و ظني أنه ليس بالكبير. و لحسنِ الحظ ، عثرتُ على طاولة فارغةبعد أن وقفتُ أمام الموظف أجيلُ عيني في أنواع القهوة المكتوبة على العارضة في الأعلى. جلستُ على الكرسي و بيدي عبوة القهوة الساخنة. أفرغتُ جيبي من محتوياته ، العِقد الفضي المنحوت بكلمة " Love " و التذكرتان المُجعدتان و مفاتيح و بعض الصرافة المتبقية. مررتُ بنظري على سطور الرواية ، كم شتتني هذه الرواية و أضاعت صوابي لكنها ممتعة لأي شخص يعتقد أنه لا يستطيع أن يبدأ في حياتهِ من جديد. الإحساس المفرط في ثنايا الرواية عن التعساء و المهانين في الحياة يبعثُ في النفس الأمل أن تشرع من جديد و أن تنضو عنها بذاءات الواقع و انحطاط القيم. و لهنية ، لم أدرك أن شخصاً ما يقف خلفي إلى اللحظة التي حطّ فيها كفهُ الثقيلة على كتفي و هزّني. - فرصة حلوة ! ، كيفك ؟ ، يا رجل لو قلنا مليون ليرة !. و قهقه بوجهه المجدور ناثراً من فمه نشيشاً من البصاق. - جداً مبسوط برؤيتك. مصادفة ، لدي موعد بعد ساعة تقريباً ، و قلتُ لنفسي لا بأس بفنجان قهوة سريع ممكن أن يوقظني قليلاً و أتنشط. أنتَ كيف حالك؟ ما أخبارك ؟. - لا سلام و لا كلام ! ، قم ، الظاهر أنك أصبحت خامل بعد فترة غيابك. و بدأ يصيح كعادته ، و قمتُ لكي لا تحدث فضيحة بسببه ، إذْ بدأت بعض الوجوه في المقهى تتطلعُ نحونا بفضول و استغراب. - طيب على الأقل خبّرني إلى أين ؟. - يوجد لعبة شطرنج ساخنة فوق. الشباب يتراهنون و أريدك أن تظهر لهم مهارتك في اللعب. أنا أعرفك من أيام المدرسة ! - كل شيء تبخّر ، لم أعد أمارس اللعبة مثل قبل . عدا أنني مستعجل و الوقت يمضي بسرعة. و حانتْ منه نظرة إلى رواية دستويفسكي المطروحة على الطاولة، فقال مستنكراً ساخراً يملؤه العجب: - طبعاً يا سيدي ، الذي يقرأ دستويفسكي رأسه سوف تتبخر بحالها. ماذا تبقى منكم أيها الشباب المثقف الغير نافع ! و ضحكتُ لأجله ، بينما كان يجذبني من ذراعي و يدفع بي على الدرج بإتجاه الطابق الثاني. ضجّ الجمعُ المتكوم حول الطاولات و قد بشّ بعضهم و جاؤوا يسلمون و يرحبون. كانت الصالة مفتوحة من الجوانب و ذات سقف بإضاءة ناعمة تنبعثُ من مصابيح متدلية كعناقيد العنب. هتفَ واحدٌ لا أعرفهُ من قبل: - يا رجل صاحبك صدّع رأسنا بك و كأنك ماغنوس كارلسن بجلالة قدره. و أضافَ آخر بقربه و هو يطرق بخاتمه على سطح الطاولة فيصدرُ صوتٌ كالخدش الحاد: - يمين أحاسب عليه ، أنا الأول يا شباب ، لن يستغرق مني الأمر أكثر من خمس دقائق ! و جلستُ لا أدري ماذا أفعل، حقاً لقد نسيتُ كيف يجري اللعب ، فالأمر الذي لا تمارسه يَصعُب عليك مع مرور الأيام. اختار الخصمُ الحجارة البيضاء و بدأ بالخطوة الأولى. رددتُ في رأسي ، الوزير له كل الحركات و في كل الإتجاهات، الحصان على صور حرف " L " ، أما القلعة ف .. سحبَ كرسيه أكثر نحو جسده و أركى ساعديه فوق الطاولة و بدأ يزرّ عينيه بتركيز كبير نحو الرقعة. - حرّك الفيل أكثر يا رامي، قطري يسار .. - لا تتدخل. الرجاء ، اترك اللعبة نزيهة. انظر بصمت. و جالتْ أصابعهُ تنقلُ القطع من جهة إلى جهة و أنا أحاول أن أتدارك الوضع قدر المستطاع. كان ماهراً في اللعب ، لديه فطنة و نباهة عالية. أدركتُ أنني تورطتُ بالمشاركة و لكن للأسف متأخراً. التجأتُ لخطة دفاعية أخرج بها بأقل الخسائر. لدي فيل و حصان و ثلاثة جنود منقوصين و بحوزة الخصم. رشفَ القليل من القهوة ، و قد تهيّأ لي أنه احتفظَ بها بين شفتيه و لم يبلعها. جحظت عيناه و راحت كفه مشعرة تستكمل اللعب .. شمّر قميصه. سمعتُ بعض الشباب يحّمسونه بتأوهات صاخبة مزمجرة. قبضَ على وزيري بأصابعه على حين غرّة ، فاستهجنتُ ذلك ، و كأنما لم أدرك الذي حدث إلا عندما لمحتُ ابتسامة ساخرة تعلو شفتيه و هو يردد : - كش كش ، أو إذا أحببت أحكي لها بالإنجليزية ! ، صحتين. يا سعيد كم أخذت وقت هذه اللعبة؟. و قام من مقعده مزهواً يمشي فارداً كتفيه و يتباطأ بخطوته على الأرض. مسحتُ عرقي بالمنديل. لم يكن لدي معلومة كم استغرقَ اللعب من مدة. و فجأة ًجاء الرد من سعيد الذي لا أعرفه: - ساعة بالضبط يا أمير ! ، و شخر بفمه و جعلَ يغنيّ و يصفق. - ساعة كاملة ؟ . ندهتُ بداخلي. نظرتُ إلى ساعة يدي. صحيح ساعة كاملة ، و الآن ماذا بوسعي أن أفعل؟. رأيتُ صديقي ذاك الذي لقيني أول الأمر يمدّ إلي بالهاتف المحمول و يقولُ: - على فكرة. جاءك اتصال و أنا ضغطتُ على زر الصامت. أكثر من مرة رنّ .. - شكراً ! هذا الذي كان ينقصني ، بالضبط هذا هو !. و جمعتُ أغراضي على عجلٍ و ركضتُ نحو السيارة. تصفحتُ مذكرة الهاتف بقلق. اتصالات كثيرة وصلتني من صديقتها. لقد احتفلتا معاً بعيد ميلادها، ضاع الموعد و حضرتي ألعب الشطرنج. حدستُ أن لا جدوى ترجى من الذهاب. صففتُ السيارة إلى جانب الطريق و شغّلتُ الأضواء الرباعية. في حالة اتصالي الآن سوف ترد " ش " علي و تتهمني أنني لا أقدّر و أضيع الفرص دائماً. كان الشوق يلتهب بداخلي فأجريتُ الإتصال لكن سرعان ما جاءني الرد بالفصل. انشغل الخط فجأة ً. نظرتُ إلى مؤقّت السيارة فألفيتهُ يشير إلى العاشرة و النصف. محظوظٌ جداً أنا ، لا داعي لكي أجرب ، خبِرتُ خيباتي ! . و أحسستُ بالإعتصار يمورُ داخلي بالألم. أمسكتُ الهاتف من جديد و عزيّتُ نفسي بالنظر إلى تلك العينين ، الوجه الذي يبستم كأنما يرتجف ، إلى ذلك الشلال المحرّم الذي أخافُ عليه من نفسي. و أتذكرُ أول يومٍ التقينا فيه ، و أتذكرُ يوم افترقنا بصمتْ. لم أقل لها وداعاً و لم تفعل هي. فقط سيارة بيضاء غابت في شارع المدينة و مضيتُ خلفها أبحثُ سنتين كاملتين دون هداية. و ها هي تظهرُ من جديد تحتفلُ بعيد ميلادها، أتراها ابتسمتْ ؟ ، غابَ الفرحُ في عينيها و اختبأ في دغلٍ صغير من الكحلِ الكثيف حول الأحداق ؟. مالتْ برأسها على كتفها مثل زنبقة و زمّت شفتيها النديّتين مضمرة ًنابينِ أحسُ بهما ، في الماضي العزيز ، يسقطانِ عن صدري. ماذا بدرَ مني حتى ... ؟ و اهتزّ الهاتف على غير وعي مني. وصلتني رسالة من صديقتها. " أين أنت ؟. نحن غادرنا الكافيه قبل قليل ، انتظرتُ تظهر يا باشا ! ، الغلطة غلطتي في النهاية .. سنتجه الآن إلى ملتقى الرصد ، إذا أحببت تعال ، هذا الشيء يرجع لك بالتأكيد .. ملاحظة : أحاول أن لا أشعرها أنك ستكون معنا." مضيتُ أحاول أن ألحق بهما. كيف سأصل الملتقى ؟ ، إذا سلكت هذا الجسر سوف أعلق في الأزمة، إذا اخترت النفق ، أيضاً سأعلق في الأزمة ! .. حللتُ المكبح الآلي فانزلقتْ السيارة على الإسفلت من جديد. صادفتني بعض الأزمات و لكن الذي أخّرني هو بُعد المسافة. وصلتُ أخيراً ، ركنتُ السيارة في أول فراغ موجود في منطقة الإصطفاف. حملتُ الأغراض بحرص مثل الذي يحمل رضيعاً بين يديه و نزلتُ أجيلُ بصري في كل مكان. العتمة تفردُ ثوبها الواسع على الأرجاء. لا بد أني مجنون ! ، منْ يستطيع أن يرى وجه فتاتين وسط هذا الظلام ؟. سأرفعُ الهاتف و أحاول أن أكشف. حشد ضخم من الهواة و المهتمين و الخبراء انضموا إلى فعالية رصد القمر. و المثير حقاً في الأمر أن بعض الأشخاص كانوا يلتقطونَ صوراً في العتمة بواسطة تقنية الفلاش، فكنتُ أتمهلني كي أتبينَ الوجوه ، ثم أتهيب الإحراج فأتابع المشي من جديد. هل عدلن عن رأيهن ، فعادتْ إلى منزلها ؟. لا أعرف. ربما لن أجدها هنا ، بات عبثاً أن أدورَ كمن ينشدُ الفراغ. و فجأة ًأحسستُ بالمساحة الممتدة في العتمةِ إلى لا نهاية ، رقعة ً، و ذلكم القمر الأبيض المتماهي بالسواد حجراً على وشكِ السقوط. في تلك الحظة المدهشة بالضبط ، تناهى لسمعي صوتها تضحكُ بفرحٍ عارم .. فإذا بي أذوبُ في شيءٍ عميق و دافىء. |
06-Sep-2023, 03:45 PM | #2 |
|
رد: قصة - لعبة ُ الشطرنج
،
شكراً لك على مجهوداتك يعطيك العافيه لاعدمناك ، |
،
أودَّه بكُل ما في الدُنيا مِن ودٍّ ..! ، |
06-Sep-2023, 11:09 PM | #3 |
|
رد: قصة - لعبة ُ الشطرنج
ربي يسلم يمنااك لطرحك ..
|
|
08-Sep-2023, 11:29 AM | #6 |
|
رد: قصة - لعبة ُ الشطرنج
تسلم كفوفك ..
لطيب الجهد وَ تمُيز العطاء لاحرمنا الله روائِع مجهوداتك تقديري |
|
11-Sep-2023, 02:14 AM | #8 |
|
رد: قصة - لعبة ُ الشطرنج
..
قصة اكثر من رائعة شكرا على روعة طرحك وتميزك لك مني شكري وعظيم امتناني دمت بكل خير |
|
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
لص يسطو على بنك بمسدس لعبة | همس الاحساس | • •₪• أخبار وأحداث العالم •₪•• | 6 | 31-Mar-2024 12:46 PM |
لعبة الحياة ..! | غَيْم..! | •₪• زاوية حرة •₪• | 8 | 29-Mar-2024 10:00 PM |
اميرة الشطرنج الغامضه. | Faisal | •₪• حــكي الغــيم •₪• | 14 | 02-Feb-2024 06:14 PM |
لعبة النسيان | الباز الذهبي | •₪• زاوية حرة •₪• | 12 | 25-Dec-2023 07:20 PM |