قال تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [يونس: 3].
قوله: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ؛ أي: ارتفع وعلا على العرش؛ استواء يليق بجلاله، وهذا قول عامة أهل السنة والجماعة، وجميع الفرق الإسلامية يؤولون هذه الصفة كغيرها من الصفات، فيقولون: (استوى)، بمعنى: استولى.
ولذلك يقال لهم: أليس الله قبل ذلك كان مستوليًا على كل شيء بما في ذلك العرش وغيره؟!.
♦ ♦ ♦
قال تعالى ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴾ [يونس: 14].
قوله: ﴿ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴾، لا شك أن الله عالم سلفًا كيف يعملون قبل عملهم، لكنه سبحانه لعدله لا يحاسب إلا على وقوع العمل منهم فعلًا.
♦ ♦ ♦
قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [يونس: 25].
أي: إن الله يدعو الثقلين الجن والإنس إلى ال
جنة، ثم يمنُّ بالهداية على من يشاء ممن أراد الهداية فيعينه.
♦ ♦ ♦
قال تعالى ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [يونس: 26].
أي: إن جزاء الذين أحسنوا في عبادة الله لهم الحسنى: وهي الجنة، وزيادة: وهي رؤية وجه الله الكريم يوم القيامة.
♦ ♦ ♦
قال تعالى ﴿ وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [يونس: 41].
هذا شرح لسورة الكافرون: ﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾ [الكافرون: 6]، أي: أن البراءة تكون بعد الدعوة والتبليغ، وبعد أن يكذبوا بالرسالة.
♦ ♦ ♦
قال تعالى ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58].
فضله: القرآن، ورحمته: الرسول - صلى الله عليه وسلم.
♦ ♦ ♦
قال تعالى ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [يونس: 62].
أولياء الله هم الذين ذكرت صفاتهم في الخمس آيات الأولى من سورة البقرة، وهي: ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 3 - 5].
♦ ♦ ♦
قال تعالى: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ ﴾ [يونس: 71].
قوله:﴿ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ﴾ أي: اجتمعوا واقضوا عليَّ ولا تنتظروا؛ لأنهم هددوه بالقتل والرجم إذا لم يتوقف عن دعوتهم وتذكيرهم بالله، في قوله تعالى: ﴿ قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ ﴾ [الشعراء: 116].
♦ ♦ ♦
قال تعالى: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 87].
قوله: ﴿ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا ﴾، فيها قولان:
الأول: اجعلوا بيوتكم يقابل بعضها بعضًا ليسهل حراسة بعضكم بعضًا.
والثاني: اجعلوا بيوتكم قبلة لإقامة الصلاة فيها.
♦ ♦ ♦
قال تعالى: ﴿ فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [يونس: 94].
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في تفسير (أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن):
هذه الآية مع قوله سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ﴾ [الزمر: 65]، وقوله: ﴿ لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا ﴾ [الإسراء: 22]، وقوله: ﴿ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ ﴾ [هود: 109]، وقوله: ﴿ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [آل عمران: 60]، وقوله: ﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا ﴾ [الإنسان: 24]
قال: معلوم أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يفعل شيئًا من ذلك ألبتة، ولا يخطر بباله؛ لأنه معصوم عما هو أقل من ذلك، لكنه يُؤْمَرُ ويُنْهَى لِيُشَرِّعَ على لسانه لأمته.
قال: وأوضح مثال لذلك، قوله جل وعلا في الوالدين: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23]، وهذا موجَّهُ له شخصيًّا، بدليل قوله بعد ذلك: ﴿ ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا ﴾ [الإسراء: 39]، ومعلوم أن والديه كليهما ليسا لهما وجود وقت الرسالة؛ حيث ماتا كلاهما وعمره أقل من عشر سنوات.
فالحاصل:
إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يشك ولم يسأل، والمقصود هنا المنافقون وغيرهم ممن تراودهم الشكوك، فعليهم أن يحزموا أمرهم ويتأكدوا ويسألوا الراسخين في العلم ممن يقرؤون الكتاب حتى لا يفجأهم الموت فيخسروا الدنيا والآخرة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
هذه الآية حضُّ لكل من في نفسه شك أن يسرع في البحث وإزالة الشك؛ لئلا يدركه الموت وهو في شك فيخسر الدنيا والآخرة.
الشيخ محمد بن صالح الشاوي