|
فـعـآلـيـآت آلـمـنـتـدى | ||||
#1
|
|||||||
|
|||||||
أبحر في سفينة الرضا
إن المرض من أقسى ما يُواجه الإنسانُ في حياته، يأتي إليه المرضُ فيتألَّم ويتوجَّع، ويلجأ إلى الله ويبكي، ويسأله الشفاءَ، بل يُريد شفاءً عاجلًا، يُريد عصًا سحريةً؛ ليُزيلَ بها آلامَ جسده، ويذهب إلى الكثير من الأطباء، ولا يَجد الدواء، والألمُ يشتدُّ عليه، ويبدأ اليأسُ يتسلَّل إلى قلبه، ولقد نسِي أن شفاءه بيد الله، فيتذكَّر أن لكل داءٍ دواءً عند ربِّ العباد، ولربما أرسَل إليك الله هذا المرض؛ لأنه أحبَّكَ، نعم أحبَّكَ، فأَسْمِعْه صوتَكَ الذي كانت تَهتزُّ له السماءُ، نعم أحبَّكَ، فبعَث إليك ابتلاءً؛ كي تُهروِلَ إليه، ويرتفعَ صوتُكَ عاليًا في سماء الليل المظلم؛ ليُنيرَ طريق دَرْبِكَ، أو تَزيد من شُكْره، أو تقوم الليل للمُناجاة، أو تُكثِر من الاستغفار، أو تَزيد من الصَّدَقة، فإذا كثُرت الابتلاءاتُ، فعليك أن ترضى، وتُحسِنَ الظنَّ بأن كلَّ أقدار الله فيها خيرٌ كثيرٌ، حتى وإن كان مرضُكَ شديدًا، فثِقْ أنك ستُؤجَر عليه، وأن ربَّكَ هو الشافي القادر على إرسال الأسباب؛ كي يَشفيَكَ من أي داءٍ، وسيُجبِر كَسْر قلبك... فقط عليك بالرِّضا، فإذا رضيتَ رضِي الله عنك.
كنتُ دومًا أرى فتاةً ذات ابتلاءات كثيرة، ومع كل ابتلاءٍ وابتلاءٍ ابتسامةُ رضا، وثقة أن الذي خلَق الداء قادرٌ على خَلْق الدواء، لم تتذمَّر يومًا أو تكون ذات وجهٍ عبوس، بل من شدَّة الرِّضا أشرَق وجهُها بنور ليس له مثيلٌ؛ فهي أحبَّتْ خالِقَها، وأحسنتِ الظنَّ، فكُوفِئتْ بالرِّضا والسكينة، وما أجمل القلبَ حينما يُزيَّن بالرِّضا! فلكلِّ شيءٍ تاجٌ، وتاجُ القلب الرِّضا؛ فتوجَّهتْ إلى الله بالدعاء والمناجاة، فأقبلَتْ بكلِّ عضوٍ منها إلى ربِّها، ولم تكنْ يومًا تعبَأُ بسخرية الآخرين، فرِضا ربِّها أعظمُ من أن تَلتفت إليهم، لقد أنشأتْ مِن قيام ليلها حِصنًا. ومن الاستغفار أمانًا، ومن الشكر رضًا، لقد أقامت سدًّا منيعًا ضد شكوى النفس، والتذمُّر من أي ألَمٍ، نعم هو ألَمٌ شديد لا يستطيع التحكم به إلا ذو قلب غلَّفه الرضا وحبُّ الرحمن، وجعَل مِن آلامِه زيادةً في حسناته، وعُلوًّا في عباداته، نعم هي فهِمت الرسالة من الابتلاء. وقرَّرت النجاة بسفينة الرضا، فكُوفِئتْ مِن ربِّ العباد، ورُزِقتْ حبَّ كلِّ مَن يَعرِفُها، إذا تحدَّثت ملَكت قلوبَ المستمعين، فكان لكلماتها عِطرٌ خاصٌّ، جعَلت الكثير يدخلون في عالم من الرضا، عالم إن أنت ملَكتَه يومًا، تذوَّقت طعمَ الحياة، وكنتَ أنت الرابح الفائز، ولكنهم ما زالوا يتساءلون: كيف لفتاةٍ في عُمرها أن تكون بمثل هذا الرضا والثبات؟! كيف تتحمل كل هذه الآلام؟! فأجابتْ ووجهُها يُشرق رضًا: لقد كان حبُّ ربي ورضاه عونًا وأمانًا لي، فأدركتُ أن سفينتي لن تُبحر من دونهما، فإن كنتَ صاحبَ ابتلاءٍ، وأَوْجَعتْك كثرةُ الأدواء. فأبْحِر في سفينة مملوءة بالرضا، وستُكافأُ بكل ما رَضِيتَ به، فقط ثِقْ في خالقك، وأبْحِر في حِماه.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
سفينة إسمها فتنة البحار | البارونه | السياحة وعجائب الدنيا | 13 | 13-Dec-2023 06:46 PM |