كانت بداية النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه عندما نزل عليه ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ أعلنها صريحة تجلجل في جبال مكة وسهولها إنها صيحة التوحيد، جمعهم وناداهم بطنا بطنا وقبيلة قبيلة، وقال لهم : «يا معشر قريش قولوا لا اله إلا الله تفلحوا» دعوة صريحة تهز القلوب وتوقظ المشاعر وتقضى على عبادة الأصنام وتخلص العباد لرب العباد، فماذا كان الرد ؟؟ انبرى له عمه أبو لهب عليه من الله ما يستحق وقال : «تبا لك ألهذا جمعتنا» وبدأ العناد والكيد لهذا الدين وأهله ونزلت : ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ ويشتد الأذى على المؤمنين الموحدين، وتعمل قريش الحصار الاقنصادى على بنى هاشم، ويبقى الحصار مفروضا ثلاث سنين، حتى أكلوا أوراق الشجر من الجوع، ومع ذلك لم يرجعوا ولم يفكروا في الرجوع عن دينهم، بل صبروا وتحملوا في سبيل هذا الدين لأنهم يعرفون أن موعدهم الجنة وأنه لابد من لقاء الأحبة هناك، فهان عليهم كل شيء، كانوا يعلمون أن مع العسر يسرا، وأن الفرج مع الكرب، وأن الشدة معها الفرج، أي يعقبها، قال تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) .
قال الشاعر :
ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج
أخي المسلم ! ما يحصل لك من مضايقات مادية وتهديد وتخويف، كل ذلك لا يرد المسلم عن دينه، وعن المضي في نشر هذا الدين، فالدين دين الله، والخلق خلق الله يتصرف فيهم كما يشاء، سبحانه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون .
مماراق لي