وجدَ "تشوكو ليانغ" مستشارُ ملكِ الصين نفسَه أمام تهمةٍ بالتخابرِ مع العدو هو منها بريء، وقد عزمَ الملكُ على قتلِهِ، ولكنه لم يُرِدْ أن يقتلَهُ بتهمةِ الخيانةِ التي لا دليل عليها، وإنما بتكليفه بمهمةٍ مستحيلةٍ يفشل بها!
طلبَ منه الملكُ أن يؤمِّن للجيشِ مئة ألف سهمٍ في غضون ثلاثة أيام، وكانتْ هذه مهمة مستحيلة خصوصاً أنهم خارج المدينة فلا يُمكن شراء الأسهمِ ولا صنعها!
ولكن "ليانغ" المعروف بذكائه الخارق، أحضرَ عشرين قارباً، ملأها بالقشِّ، وألصقَها ببعضها، وفي المساءِ حيث كان الضبابُ كثيفاً أرسلَ القوارب تجاه معسكر العدو. ظنَّ الأعداءُ أنَّ هذه خدعة حربية، إنهم لا يعرفون ما هذا الشيء الذي يزحفُ نحوهم، ومن المُغامرةِ التحقُّق عن قُرب، فأمطروا القوارب بالسِّهامِ التي كانتْ تنغرِزُ بالقشِّ وتبقى سليمة، وبعد ساعتين سحبَ "ليانغ" القوارب، ونزعَ منها مئة ألف سهم وقدَّمَها للملكِ وشرحَ له كيف فعلَ هذا كي لا يكسر له كلمته.
اعتذرَ الملكُ لمستشاره وعادتْ المياهُ إلى مجاريها!
الأشخاصُ الذي تتعامل معهم كأنك تسير في حقلِ ألغامٍ لا تعلم متى ينفجرُ أحدها ويُطيحُ بك، غادِرْهُمْ على الفور، لا شيء أسوأ من علاقةٍ تُبقيكَ على حذرٍ على مدارِ الساعة، ستحسبُ حساب الكلمة الواحدة ألف مرة، وتزينُ التصرف بميزانِ مزاجيتهم ألف مرة، وحدُهم من تكون بتلقائيتك معهم، من يُشعرونك أنك آمنٌ وإن أخطأتَ، تشبَّثْ بهم بأسنانك وأظفارك!
لا شيء أصعب من أن تكون في امتحانٍ دائم، عليكَ أن تُثبتَ ولاءَكَ ووفاءَكَ كلَّ لحظة، هذا يجعلكَ ترى الحياة ساحة حرب ليسَ لكَ فيها من هُدنةٍ تلتقطُ فيها أنفاسَكَ غير لحظاتِ الرضى التي تجدها منهم، ولا أظن أحداً في هذا العالم يتطلعُ إلى حياةٍ كهذه!