|
فـعـآلـيـآت آلـمـنـتـدى | ||||
الإهداءات | |
•₪• يحكى أن •₪• م ● هنا واحة تحتضن ما أعجبكم من القصص والروايات والكتب والمقالات المنقولة ( كتابية أو فيديوهات ) |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||
|
|||||||||
حبيبة
تربَّيت من صغري في كنف أخي الأكبر، فلم يكنْ لي في الدنيا سواه، هو أخي وأبي، وكل أعمامي وأخوالي، كنتُ أفخرُ به أمام زملائي؛ فهو رجلُ أعمالٍ ناجحٌ، استطاع أن يحوِّل ميراث أبي من محل صغير إلى مجموعة كبيرة من الشركات.
كان حبي واحترامي له يفوقُ الخيال، حتى ظنَّت زوجتُه عندما تقدَّم لها أنني ابنه، وزادت سعادتي بزواجِه لشعوري بفرحته، وأحزنني حزنه لتأخُّره في الإنجاب، ثم طرتُ فرحًا عندما رُزق بطفلته، وسجدتُ شكرًا لله. كان يسعد عندما يراني أُداعِبُها، وأُلاعِبها بعرائسها، وألاحقها وهي تحبو، وكأنني طفلُه الثاني. كانت "حبيبةُ" حبيبةً إلى قلبي، قريبةً من وجداني، سكن حبُّها قلبي كما يسكنُه حبي لأخي، لا يزاحمهما فيه إنسان. وأنهيتُ دراستي بالجامعة، فطلبتُ من أخي أن يختبرني ويعطيَني جزءًا من إرثي من أبي؛ حتى أستثمرَه كما فعل، كان حُلمي أن أكونَ مثله ناجحًا، أن أكون فخرًا له وفي المستقبل لأبنائي، فأخرَج لي أخي أوراقًا بلاها الدهر، بها أختامٌ لا تُرى، وكأنها كتبت من سالف الدهر والزمان، سألته: "ما بها؟"، فلا يتضح من كلماتها غير أحرف وبعض النقاط، فقال: إنها عقود بيعٍ، فأبِي - كما ادَّعى - باع كلَّ ما يملِكه له قبل وفاته ببضع ساعات! طاح الذهولُ برأسي، فقد كانت أول مرة أسمع فيها هذا الكلام. • لماذا كتبها أبي؟ أكان يخشى على إرثي لحداثةِ عمري وقتها؟ أجاب أخي على أسئلتي بالصمت، ثم المواساة: • ما الذي تخشاه؟ فأنا أكفلُكَ منذ سنوات، وستبقى في بيتي، وإن شئتَ زوَّجتك معي، وشركاتي هي شركاتُك، فأنت لست أخي الأصغر فحسب، بل ولدي الذي لم أُنجِبه. بهذه العبارات خفَّف أخي عني الصدمة التي زلزلت كل كياني، وعملتُ عند أخي، لا أعلم أيسعدني هذا العمل، أم أن حُلمي بأن يكون لي عملٌ - أكون فيه قائدًا - يَئِدُ فرحتي ويطفئ في قلبي الأماني؟! وبدأت أُعدُّ لمستقبلي وزواجي، بلا مساعدة من أخي، كنت أريد أن أشعر أنني صرتُ رجلًا يؤدي ما عليه من التزامات، وظل حبي لأخي في قلبي لا تُزحزِحُه الظنون، فهو ما زال أبي الذي رباني. ووقع لأخي وزوجته حادثٌ تُوفِّيت على إثره زوجته، وأصبح هو طريحَ الفراش عدة أشهر، توليت خلالها العمل بكل جدي واجتهادي، ولكن مصيبة الموت حلَّت بأخي، وانهمرَتْ دموعي عليه، وحبيبةُ تبكي في أحضاني، كانت تريد مَن يشدُّ أزرها، فاحتَمَت بقلبي الباكي، وتجاوزت الحزن، وقررت أن أرد معروف أخي معي طيلةَ حياتي، كانت حبيبة هي أملي في صلةِ أخي بعد وفاته. وجاءني محامي أخي ليخبرني بأن أخي كتب كل ما كان يملكه لابنته قبل وفاته بأيام، كانت صدمتي هذه المرة تفوقُ الخيال. • لماذا يا أخي؟ لماذا نسيتَ أنني ابنُك الذي ربَّيته سنوات وسنوات؟ • لماذا استأثرتَ لابنتك بكلِّ ما كنتَ تملكُه، وحرمتني من حقي الذي يعطيه لي الشرع؟ • ألستُ أنا مَن سيتولَّى أمرها؟ •أين كلماتُك الحانيات؟ • أين وعودُك بأن تبقى دومًا إلى جواري؟ •لماذا قسوتَ عليَّ؟ • أنا لم أرتكبْ إثمًا يُغضِبك مني؛ حبًّا لك وتقديرًا مني لفضلك عليَّ. بهذه الأسئلة ظلَّ عقلي يصيحُ طيلةَ ليلي ونهاري، حتى في نومي! كنتُ أراني أعاتبه، وكأنه ما زال على قيد الحياة، وتسرَّب الشك من يومِها إلى قلبي في كل كلمة كان أخي يقولُها عن حبه لي، وعن عقود أبي التي لا تبدو واضحةً! وأمضيت لياليَ كثيرة أبحثُ في الأوراق، عسى أن أجد ما يضاهي خط أبي؛ لأقتل تلك الظنون التي تَئِدُ في قلبي ذكرياتِ أسعدِ أيامي، فما عثرتُ إلا على مزيد من الظن والشك، وإحساس بالغدر! غدر أبي إن كان كتب ما كان يملكه لأخي من دوني حبًّا له، وغدر أخي إن كان أبي فعل فَعْلَتَه وأوصاه أن يحافظ على إرثي، ويسدده لي عندما أصبح راشدًا، ويكون باستطاعتي الحفاظ على أموالي. أو قد يكون أخي خانني وزوَّر أوراقًا ما كتبها أبي؛ ليستأثر بإرثي ويسلبني إياه، كما غدر بي وضنَّ عليَّ بحقي في إرثِه، وكتب كل ما كان لديه لابنته التي لم تتجاوز السنواتِ الستَّ، وأخرجَتْني حبيبةُ مِن بحر هواجسي، برجائها لي الجلوس إلى جوارها حتى تنام، وداعبتُ خصلات شَعرها كما عوَّدتها، غير أن قلبي لم يكن يخفق حبًّا لها كما كان في سابق الأيام، أصبح في قلبي غُصَّة، وفي حلقي مرارة من فعل أخي. أقسمتُ أن أرعاها عرفانًا مني بصنيعه معي عندما تُوفي أبي، والآن لا أعرف هل أَحسَن حقًّا لي أخي، أم كان يرعاني ليُسكِتَ ضميره عن سرقتِه لأموالي؟! وطلبني مديرُ مكتب أخي هاتفيًّا؛ ليرجوني الحضور للعمل لأباشره، وإلا ضاعت الأموال، وذهبتُ لأجلس محلَّ أخي أباشر العمل بوصايتي على حبيبة، وواسيتُ نفسي بمنصبي مديرًا لكل الشركات، ولكن أخوال حبيبة لم يتركوني أسير في دربي متجاهلًا أشجاني، فقدَّموا الشكاوى للمجلس الحسبي ضدي، في إدارة الشركات؛ أملًا في سحب الوصاية مني؛ ليحصلوا هم عليها ويستولوا على أموالي! نعم أموالي، هذا هو الذي تملَّكني بعد فترة من مباشرة العمل. أموالي التي استولى عليها أخي، والتي لا أحصل منها إلا على راتبي كبقيةِ الغرباء، والآن يسعى أخوال حبيبة للاستيلاء عليها؛ لأعيش عمري ذليل الحسرة واللوم والعتاب، لا لن أدع أحدًا يأخذ مني حقِّي، يجب أن أجد طريقة أستردُّ بها ثروتي، هكذا حدَّثَتْني نفسي في لحظة تحطَّمت فيها كل القيم التي علمني إياها أخي بظلمه لي. • هل سأبقى أجيرًا أتقاضى راتبًا عن استثماري لأموالي؟ • هل سأبقى حارسًا عليها حتى تشبَّ حبيبة عن الطوق، وتأخذ مني مالي وكدِّي وشقائي، وتمنحه للرجل الذي سيتزوَّجها، طمعًا في إرثي الذي سُجل ظلمًا باسمها؟ •وبهذا كانت تُحدِّثني مخاوفي في كل مرة أُودِع أرباح الشركات في رصيد حبيبة، الذي تضاعف بجهدي في العمل عما كان قبل وفاة أخي. وخطط الشيطانُ في رأسي خطةً وافقَتْ أهوائي، وصرتُ أدبِّر لتنفيذها، غير أن حنيني لحبيبة - كلما سمعتُ صوتها وهي تناديني - كان يزحزح شيطاني، فيبتعد فترة، ثم تعاود نفسي حديثها وتفتح له من جديد الأبواب! وجلستُ يومًا على أريكة أخي في شرفتِه، وقد اتَّخذت قراري، فجاءتني حبيبة لتتخلَّل بنظراتها وجداني، ثم هاجمتني قائلة: • لن أناديَك عماه مطلقًا، فأنت لا تستحق هذا النداء. نظرتُ إليها متلعثمًا في أفكاري! • لماذا تقول هذا؟ هل علمَتْ بما أخطط له؟ ولم تعُدْ أنفاسي لثباتها إلا عندما ارتمَتْ حبيبة في أحضاني مهللة: •أشعر بك أبي، سأناديك أبتاه، وقبَّلتني قُبلة أطلقت في قلبي الصرخات. • كيف فكَّرت فيما أريد فعله؟ •كيف قسا قلبي ونسِي حبي لها؟ • حملتها يوم مولدها، وكنتُ أنا مَن أطلق عليها اسمها؛ لأنني شعرت بحبها حين لامستُ وجنتَيْها بشفاهي. ولكن رنَّات هاتفي كانت كأجراسِ الشيطان، أجبتُ على المتصل وأنا أعرفه، فردد في أذني قائلًا: •لقد أعددنا ما أمرت به، ونحن رهن الانتظار. كيف بعدما روَتْه حبيبة في قلبي من حنين، وما أيقظته من ذكريات؟ وتباطأتُ، ولكنهم لم يتركوني أستسلم لإحساسي، وأصبحَتْ رنات الهاتف متلاحقة تردد قائلة: "هيا.. الآن"، فهاجمني الضعف الذي أصابني تجاه المال، وطلبتُ من حبيبة أن تستعدَّ لنزهة بحرية بقارب نملكُه، فتعجَّبت مربيتها، ورددت: "البحر ليلًا يكون باردًا"، ولكن صيحات حبيبة المهللة عاونتني على الثبات، وركبنا القارب معًا حتى وصلنا إلى مكانٍ لا يرانا فيه أحد، وسألت حبيبة: •أترغبين في النزول بقدمَيْك في الماء؟! فصاحت طفولتها "نعم"، والسعادة تطل من عينَيْها، واليقين يبثُّ في قلبها الأمان؛ فأنا إلى جوارها، لم تعرف براءتُها أن القسوة حلَّت في قلبي محل الرحمة والحنان، وأمسكت بذراعيها وقلبي يحثني على التراجع، وشيطان هاتفي يهتف قائلًا: "لم يعد ممكنًا"، فحررت ذراعَيْها من قيد يدي وتركتها تصارع الأمواج، وقيَّدت قلبي بذنبها طيلةَ حياتي، ولم أرحَمْ صرخاتها وهي تطلب مني العون وعيونها ناظرة إلى قلبي ترجوه أن يرحم ضعفها، وعلا صوتها منادية: "أبتاه... عماه"، وعلت دقات قلبي، وعلا صوت الموجِ الذي ابتلعها، وأفقتُ من صوت شيطاني الذي كان يحثني على الثبات، ولكن بعد فوات الأوان، بعد أن كفَّت حبيبة عن الصياح، فعَلَا صوتي أنا مناديًا عليها، بعدما استيقظت في قلبي محبتي لها، وألقيت بنفسي في الموج متمنيًا أن يبتلعَني؛ فأنا لا أستحق الحياة، وأمسك بي الرجال الذين اتفقت معهم مسبقًا على عوني في فَعْلَتي؛ لينقذوا جسدي، أما قلبي فكان قد غرق في بحر ذنبي تجاهها، ولقي نفس مصيرها! وفي قسم الشرطة أقسموا كذبًا أن الموجَ هاجم القارب الذي كنا نركبه، وأنهم رأَوْني أغرق وأنا أحاول إنقاذها، وحاولوا معي ولكنهم لم يتمكنوا. أُغلِق المحضر وأنا أرتجفُ، لا يستطيع لساني أن يتحرك داخل فيَّ، أتلقَّى العزاء لوفاتها، وأنا غارق معها في أمواج الذكريات؛ صورتها وهي تغرق لا تفارق مقلتي، وصوتها يتردد في آذاني، وعدت إلى البيت الذي شهِد طفولتي مع أخي وطفولة حبيبة معي، دخلتُ غرفتي فكدتُ أُصرع حين رأيتها أمامي تنظر إليَّ والدمع ينساب من عيونها، مرددة بصوت يقتله الحزن ويكسوه العتاب: • عماه، يا أبتاه، يا صنوي، ويا سندي، بأي ذنب أهدرتَ دمي؟ واستيقظتُ من نومي مفزوعًا وصوتها يتردد في أذني، فهرولتُ تاركًا البيت، فسألني السائق: •إلى أين سيدي؟ •إلى أي أرض ٍلم تطَأْها أقدام حبيبة. نظر إليَّ، ودعا لي بالصبر والسلوى، فرجاه قلبي أن يدعو له بالتوبة، وبعد أيام - انقضَتْ كالدهر - تسلَّمت أموال حبيبة، وعاد لي ما كنت أحسبه حقي، وانتقلتُ من سكن يحمل ذكريات الماضي الذي صار يؤرقني ويحرمني من النوم. واعتادَتْ زوجتي على صرخاتي ليلًا، واستيقاظي مهرولًا إلى النافذة من شدة ما أشعرُ به من ضيق في صدري، وكأن حبيبة أقسمت أن تنتقم مني أشد انتقام، فلم تَدَعْ مناسبة أرجوها لأسعدَ بها إلا أفسدتها بصورتِها التي لا تفارق خيالي، يوم عرسي رأيتُها، محت صورة الفتيات اللائي يحمِلْن شموع فرحي، وحاوَلَتْ أن تشعل في مقعدي النيران، وحين أنجبَتْ زوجتي رأيتُ حبيبة بين ذراعي عندما حملتُ ولدي الأول لأول مرة، ولم ترحَمْني ذكراها - كما لم أرحمها - وأنا أرى ولدي الثاني وهو يحبو كما كانت تحبو هي أمامي، وحملت زوجتي للمرة الثالثة، فسألها الطبيب: •أي نوع من الأطفال تتمنين؟ • فقالت: • فتاة! فرد عليها مبشرًا: • ستتحقق أمنيتكِ. وفي طريق عودتنا إلى المنزل لم تكفَّ زوجتي عن وصف سعادتها بهذا الخبر، وظلت تخطط لحياة ابنتها، تفكر في شكلها وهي تحسب أنني أشاركها سعادتها، لم تكن تعلم أن صوتها يتباعد ويحل محله صوت حبيبة وهي تناديني لأشاركها اللعب، وصوت ضحكاتها وأنا أهرول خلفها، ودخلت حجرتي وأنا لم أعد أرى أمامي غير صورة حبيبة وهي تصارع الأمواج، ثم حلَّت محل حبيبة صورة زوجتي وهي تنظر إلى بطنِها أمام المرآة، فركلتُها في بطنها ولم تتوقَّف ركلاتي إلا بعد تأكدي من موت جنينها؛ فأنا لا أريد أن أرى طفلة تحبو أمامي. وأزال الحليُّ غضب زوجتي، وعدت إلى وتيرة حياتي، ودخل مكتبي مستثمرٌ يريد شراكتي معه في بعض الأعمال، فتحريت الأمر، فإذا بها بضائع لتغذية الأطفال أوشكت صلاحيتها على الانتهاء، فاعتذرتُ له؛ فلا شأن لي بمثل هذه الصفقات، فاقترب من أذني وهمس قائلًا: •أما زلت تتذكر حبيبة؟ •أتظن أنني أصدق حادث غرقِها؟ • هانت عليك ابنة أخيك الذي أوصاك بها، فما الذي يُبكيك على أطفالٍ لا صلة لك بهم؟ وشعرتُ من كلماته بالوعيد إن لم أشاركه، فوافقتُ، ورددت في نفسي ما قاله: "هانت عليَّ حبيبة، فلماذا أخشى على أطفالٍ لم أشعر بدقات قلوبهم وهم في أحضاني؟". ولكن حبيبة لم تتركني أسعد بأرباحي من صفقتي، وسمعت صوت أقدامها على الدرج، علمت أنها هي، فلم أهتم إلا عندما أمسكت سترتي حتى كادت تخرج مني أنفاسي، وصرخت في وجهي قائلة: •يا قاتلي، ألم يروِك دمي؟ ألم تكفِك أموالي؟ كانت أول مرة تناديني حبيبةُ بقاتلي، ولأول مرة تكون في هيئتِها شديدة الغضب، وكأن غضبَها لصغارٍ لا تعرفهم أكثر من غضبها لنفسها، وتجاهلت كلماتها، فهي تلازمني منذ سنوات، اعتدت على عذابي من ذكراها، لم تعد تحرِّك ضميري ولا إحساسي بالذنب تجاهها، وكأن ذنوبي من كثرتها حجبَتْ عني التوبة والعودة إلى صفائي. كنت في الماضي أشعر بالظلم حين علمتُ باستيلاء أخي على ثروتي، فظلمتُ حبيبة وقتلتها؛ انتقامًا من أخي، فكان انتقام الأقدار مني أشدَّ إيلامًا، فقد شبَّ ولداي عن الطوق، وطلبَتْ مني زوجتي أن أمنح لولدي الأكبر بعضَ الصلاحيات، وهاجمني المرض ولازمتُ فراشي، فاستغلت زوجتي مرضي وهددتني هي وولدي الأكبر بمنع الدواء عني إن لم أكتب له عقودَ بيعٍ لكل أملاكي، كانت تريدُ أن تنتقم مني؛ لأنني تزوجت فتاة في عمر الشباب، ولم يشفَعْ لي عندها طلاقي لتلك الفتاة، وحذَّرتها مما تريده وذكرتُها بولدنا الثاني، ولكن زوجتي كانت شديدةَ الثقة في ولدي الأكبر، لم تكن تعلم أن الغدر إرثٌ في عائلتي لم ينجُ منه أبنائي. ومنعَا عني الدواء، وضاق صدري، وضاقت أنفاسي من شدة الإعياء، طرقت الباب مناديًا، فقالا: •وقِّع على الأوراق أولًا لنفتحَ لك. اشتريتُ جرعة من الدواء بكل ثروتي، وصرتُ ضيفًا في بيتي، ولا مكان لي في شركاتي. وعاد ابني الأصغر من السفر معاتبًا أمه، فأكَّدت له أن حقه في أمان، ابتسمتُ حين سمعتها؛ لأنني أعلم جيدًا لعنةَ تلك الأموال، وجاء ولدي الأكبر، فطلب أخوه منه أن يكتب له نصف ثروتي، أو يُعيد كل شيء كما كان، فرفض، وذهلت زوجتي وهي تراه يطرد أخاه مهللًا: •ليس بيني وبينك أي ميثاق. واشتعلتْ بينهما النيران التي لم تُطفِئها صرخات زوجتي، وهما يتقاتلان من أجل مالي، أقصد من أجل مالِ حبيبة التي قتلتها، وعشت دهرًا حتى رأيتُ ولدي الأصغر يقتلُ أخاه بطعنة غائرة في صدره من أجل ذات المال. لم أملِكْ وأنا أرى دماء ولدي سائلة إلا أن أصرخ مناديًا حبيبة: • حبيبة، كفى، كفاكِ، ارحمي شيخوختي؛ فقد أجدتِ الانتقام! |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|