|
فـعـآلـيـآت آلـمـنـتـدى | ||||
الإهداءات | |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||
|
|||||||
خطبة عيد الأضحى 1442 هـ الاستجابة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم
خطبة عيد الأضحى 1442 هـ
الاستجابة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم إنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًَا كَثِيرًا. لماذا نفرح بعيد الأضحى؟ إنَّ عيد الأضحى مُترتب على إكمال الحج، وهو الركن الرابع مِن أركان الإسلام ومبانيه، فإذا أكمل المسلمون حجَّهم، غفر اللهُ لهم. وإنما يكمل الحج بيوم عرفة والوقوف فيه بعرفه، فإنَّه ركن الحج الأعظم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: « الحج عرفة »، ويوم عرفة هو يوم العتق مِن النَّار، فيعتق الله فيه مِن النار مَن وقف بعرفة، ومَن لم يقف بها مِن أهل الأمصار مِن المسلمين، فلذلك صار اليوم الذي يليه عيدًا لجميع المسلمين في جميع بلادهم، من شهد منهم موسم الحج ومَن لم يشهده، لاشتراكهم في العتق والمغفرة يوم عرفة، وإنما لم يشترك المسلمون كلهم في الحج كل عام رحمة مِن الله وتخفيفًا على عباده،فإنه جعل فريضة الحج فريضة العُمُر، لا فريضة كل عام. فإذا كَمُلَ يوم عرفة، وأعتق اللهُ فيه عباده المؤمنين مِنَ النار، اشترك المسلمون كلهم في العيد عقب ذلك وشَرعَ للجميع التقرب إليه بالنّسُك، وهو إراقة دماء الهدى والأضاحي. (لطائف المعارف ـ لابن رجب: صـ 482). التشابه بين الحُجاج وأهل الطاعة في باقي البلاد: الحجاج يرمون جَمْرَةَ العَقَبَة الكبرى يوم العيد بسبع حصيات، ويَشْرَعُون في التحلل مِن إحرامهم ويقضون تفثهم « يزيلون أوساخهم » ويقصون أظفارهم ويحلقون رؤوسهم ونحو ذلك، ويوفون نذرهم ويذبحون هديهم، ويطوفون حول الكعبة. والمسلمون في باقي البلاد يجتمعون على ذكر الله تعالى وتكبيره والصلاة له خلال العشر من ذي الحجَّة ثم يتقرَّبون إلى الله تعالى بذبح ضحاياهم، فيكون ذلك شكرًا منهم لبعض نعم الله تعالى عليهم والتي لا تُعد ولا تُحصى؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ [إبراهيم: 34]. (لطائف المعارف لابن رجب: صـ 482) حقيقة العيـد: قال الإمامُ ابنُ رجب الحنبلي: ليس العيد لمن لبس الجديد، وإنما العيد لمن طاعاتُه تزيد، ليس العيد لمن تجمل باللباس والركوب، وإنما العيد لمن غفرت له الذنوب. في يوم العيد تُفَرَّقُ خِلَع العتق والمغفرة على العبيد فمن نالها، فله عيد، وإلا فهو مطرود بعيد. (لطائف المعارف لابن رجب ـ صـ483). قال الحسن البصري: كل يوم لا يُعْصَى الله فيه فهو عيد، كل يوم يقطعه المؤمن في طاعة مولاه وذكره وشكره فهو له عيد. (لطائف المعارف لابن رجب - صـ 485). الاستجابة لأوامر الله والانقياد لطاعته: الاستجابة لأوامر الله تَعَالَى مِنَ الأمور المهمة في حياة كل مسلم وقد ذَكَرَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نماذج كثيرة لمن حققوا هذه الاستجابة، وسوف نَذْكُرُ بعضًا مِن هذه النماذج المباركة: استجابة إبراهيم وإسماعيل لأوامر الله، ضَرَبَ اللهُ تعالى بإبراهيم وإسماعيل المثل في صدق الاستسلام الكامل والاستجابة لأوامر الله والانقياد التام لطاعته؛ قال تعالى حكاية عن خليله إبراهيم صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ *كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الصافات: 99 – 110]. نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو القدوة في الاستجابة لأوامر الله: قال تَعَالَى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]. (1) الاستجابة النبي صلى الله عليه وسلم برحمته أُمَّته: قال تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]. لقد استجاب النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأمر الله تَعَالَى برحمته لأُمته، ويتجلَّى ذلك في أقواله وأفعاله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. روى الشيخانِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلمبَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ. (البخاري حديث3560 / مسلم حديث 2327). روى البخاريُّ عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ إِمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلَاةً وَلَا أَتَمَّ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ كَانَ لَيَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَيُخَفِّفُ مَخَافَةَ أَنْ تُفْتَنَ أُمُّهُ. (البخاري حديث 708). روى البخاريُّ عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: إِنِّي لَأَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَا أُرِيدُ إِطَالَتَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ. (البخاري حديث 709). روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمْ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَالْمَرِيضَ فَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فَلْيُصَلِّ كَيْفَ شَاءَ. (مسلم حديث 467). (2) استجابة النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر على الأذى: أمَرَ اللهُ تَعَالَى نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بالصبر على أذى المشركين والمنافقين، فقال سبحانه: ﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ﴾ [المزمل: 10]. وقال سُبْحَانَهُ: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ [الأحقاف: 35] فاستجاب نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لذلك. قال المشركون عَن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ساحر، وقالوا كاهن وقالوا مجنون، واتهم المنافقون زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها بالفاحشة فصبر حتى أنزل الله براءتها في قرآن يتلى إلى يوم القيامة. لقد لقي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من الأذى ما لا يتحمله بشر. روى الترمذيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: لَقَدْ أُخِفْتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ، وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلَاثُونَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَمَا لِي وَلِبِلَالٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا شَيْءٌ يُوَارِيهِ إِبْطُ بِلَالٍ. (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2012). (3) استجابة الرسول صلى الله عليه وسلم بالعفو عمن أساء إليه: أمَرَ اللهُ تَعَالَى نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بالعفو عَن الَّذِينَ أَسَاءُوا إليه؛ فقال سُبْحَانَهُ: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199]. وقال تَعَالَى: ﴿ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴾ [الحجر: 85] فاستجاب نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لذلك. روى الشيخان عن عَائِشَةَ أن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: وهو يتحدث عن إيذاء أهل مكة له ـ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ فَمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِr بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا. (البخاري - حديث 3231 / مسلم - حديث 1795). عفو الرسول صلى الله عليه وسلم عن أهل مكة: لما فَتحَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَكَّةَ، اجتمعَ له أهلها عند الكعبة ثُمّ قَالَ: « يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ مَا تُرَوْنَ أَنّي فَاعِلٌ فِيكُمْ؟ »، قَالُوا: خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ. قَالَ: « اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ الطّلَقَاءُ ». (سيرة ابن هشام - جـ4 ـ صـ412) (4) استجابة الرسول صلى الله عليه وسلم بالتواضع للمؤمنين: أمَرَ الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالتواضع، فقال تَعَالَى: ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الحجر: 88] فامتثل النبي صلى الله عليه وسلم وكان خير المتواضعين. روي مسلمٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَرَّ عَلَى غِلْمَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ. (مسلم حديث 2168). روي مسلمٌ عَنِ الْبَرَاءِ بنِ عَازب، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْأَحْزَابِ يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ، وَلَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ صَوْتَهُ. (مسلم حديث 1803). روى الطبرانيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَأْتِي ضُعَفَاءَ - فقراء - الْمُسْلِمِينَ، وَيَزُورُهُمْ وَيَعُودُ مَرْضَاهُمْ، وَيَشْهَدُ جَنَائِزَهُمْ. (حديث صحيح) (صحيح الجامع للألباني حديث 4877). (5) استجابة الرسول صلى الله عليه وسلم في استشارة الصحابة: قال تَعَالَى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159]. استجاب النبيُّ صلى الله عليه وسلم لهذا الأمْر الرباني فأخذ يستشير أصحابه في عِدة أمور ليس فيها نَصٌ مِن القرآن مثلما شَاوَرَ أصحابه يَوْمَ بَدْرٍ فِي الذَّهَابِ إِلَى الْعِيرِ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اسْتَعْرَضْتَ بِنَا عُرْض الْبَحْرِ لَقَطَعْنَاهُ مَعَكَ، وَلَوْ سِرْتَ بِنَا إِلَى بَرْكِ الغَمَاد لِسِرْنَا مَعَكَ، وَلَا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى لِمُوسَى: ﴿ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ﴾، وَلَكِنْ نَقُولُ: اذْهَبْ، فَنَحْنُ مَعَكَ وَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ مُقَاتِلُونَ.وَشَاوَرَهُمْ فِي أُحُدٍ فِي أَنْ يَقْعُدَ فِي الْمَدِينَةِ أَوْ يَخْرُجَ إِلَى الْعَدْوِّ، فَأَشَارَ جمهُورُهم بِالْخُرُوجِ إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ.وَشَاوَرَهُمْ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فِي مُصَالَحَةِ الْأَحْزَابِ بِثُلُثِ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ عَامَئِذٍ، فَأَبَى عَلَيْهِ ذَلِكَ سعدُ بْنُ مُعَاذٍ وسعدُ بْنُ عُبَادة، فَتَرَكَ ذَلِكَ.وَشَاوَرَهُمْ يومَ الحُدَيبية وَفِي قِصَّةِ الْإِفْكِ. (تفسير ابن كثير ـ جـ3 ـ صـ234). (6) استجابة الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة: قال تَعَالَى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل: 125]. فاستجاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لهذه الوصية الربانية وصبر على الدعوة حتى دخل الناس في دين الله أفواجًا، روى أحمدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالكٍ، أَنَّ غُلَامًا مِنَ الْيَهُودِ كَانَ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ وَهُوَ بِالْمَوْتِ، فَدَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَنَظَرَ الْغُلَامُ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ، فَأَسْلَمَ، ثُمَّ مَاتَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ بِي مِنَ النَّارِ. (حديث صحيح) (مسند أحمد ـ جـ21 ـ حديث 13375). استجابة الصحابة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم: أصحاب نبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هم الصفوة المختارة مِن البشرية بعد الأنبياء والمرسلين،وقد زكاهم اللهُ تَعَالَى في مواضع عديدة في كتابه العزيز ومدحهم النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، في كثير مِن أحاديثه الشريفة. وسوف نذكر بعضًا مِنَ النماذج المشرِّفة لاستسلامهم لأوامر الله تَعَالَى، وسرعة انقيادهم وطاعاتهم لرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (1) التصدق بأفضل الأموال: روى الشيخانِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ (حديقة)، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، فَلَمَّا نَزَلَتْ: ﴿ لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: ﴿ لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92] وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا، وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ شِئْتَ، فَقَالَ: بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا، وَأَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ، قَالَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ. (البخاري حديث 2318 / مسلم حديث998). (2) تحريم الخمر: روى البخاريُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ فَنَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ فَانْظُرْ مَا هَذَا الصَّوْتُ؟ قَالَ: فَخَرَجْتُ فَقُلْتُ هَذَا مُنَادٍ يُنَادِي أَلَا إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ فَقَالَ لِي اذْهَبْ فَأَهْرِقْهَا. قَالَ: فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ قَالَ وَكَانَتْ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الْفَضِيخَ (عصير مِن التمر). (البخاري: حديث 4620). (3) الحجاب: روى البخاريُّ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلَ، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾ [النور: 31] شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا. (البخاري: حديث 4758). ♦ (المِرطُ): كِسَاءٌ مِن حرير أو صوف تتلفعُ به المرأة. ♦ (فَاخْتَمَرْنَ بِهَا): سَتَرْنَ بِهَا أعناقهنَّ ونُحُورهُنَّ. (4) المحافظة على أموال الأيتام: روى أبو داود عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا.. ﴾ الْآيَةَ انْطَلَقَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ يَتِيمٌ فَعَزَلَ طَعَامَهُ مِنْ طَعَامِهِ وَشَرَابَهُ مِنْ شَرَابِهِ فَجَعَلَ يَفْضُلُ مِنْ طَعَامِهِ فَيُحْبَسُ لَهُ حَتَّى يَأْكُلَهُ أَوْ يَفْسُدَ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ﴾ فَخَلَطُوا طَعَامَهُمْ بِطَعَامِهِ وَشَرَابَهُمْ بِشَرَابِهِ. (حديث حسن) (صحيح أبي داود للألباني حديث 2495) (5) الإنفاق في سبيل الله: روى أحمدٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قال: جَاءَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَلْفِ دِينَارٍ فِي ثَوْبِهِ حِينَ جَهَّزَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَيْشَ الْعُسْرَةِ. قَالَ فَصَبَّهَا فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُقَلِّبُهَا بِيَدِهِ وَيَقُولُ مَا ضَرَّ ابْنُ عَفَّانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ يُرَدِّدُهَا مِرَارًا. (حديث حسن) (مسند أحمد جـ34صـ232 حديث:20630). فائدة: الدينار يساوي أربع جرامات مِنَ الذهب الخالص عيار أربعة وعشرين. (7) الثقة برزق الله تعالى: روى الترمذيُّ عن عُمَرَ بْن الخَطَّابِ، رَضِي اللهُ عَنْه، قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَتَصَدَّقَ فَوَافَقَ ذَلِكَ عِنْدِي مَالًا فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا. قَالَ: فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟ قُلْتُ: مِثْلَهُ. وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟، قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ (أَيْ رِضَاهُمَا). قُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَسْبِقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا. (حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني ـ حديث 2902). واجبنا نحو الاستجابة لأوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم: يجب علينا أن نستسلم وننقاد لأوامر الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كلٌ منا بحسب قدرته ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها. ولنحرص على تلاوة القرآن الكريم وحفظه ونمتثل بالتطبيق العملي لأوامر الله ونواهيه فنحافظ على أداء الصلوات المفروضة جماعة في المساجد ونؤدي الزكاة المفروضة ونتجنب الرِشوة وأكل أموال الناس بالباطل والتعامل بالربا ونعتني بتربية أبنائنا وشبابنا على مبادئ الإسلام، ويستر كل منَّا عيوب إخوانه وأولى الناس بستر العيوب هم العلماء وولاة الأمور، ونعامل الناس كما نحب أن يعاملونا وندعو للعُصَاة مِن المسلمين بالهداية والتوفيق لطاعة الله، ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، وندعو لولاة أمورنا بالتوفيق والسداد، ولنحذر تقليد غير المسلمين في أفكارهم وسلوكهم التي تخالف شريعتنا الإسلاميَّة الغرَّاء. روى الحاكمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي، وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ. (حديث صحيح) (صحيح الجامع - للألباني - حديث 2937). يجبُ علينا أن نتمسك بسُنَّة نبينا محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال سبحانه: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7]. ولنحذر مخالفة هدى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعدم الاستجابة لسُنَّته عَمْدًا. قال جَلَّ شأنهُ: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]. وعلينا جميعًا أن نتأمل في مصير الأمم السابقة والتي لم تستجب لأوامر الله تَعَالَى ورسله الكرام صلوات الله وسلامه عليهم، فجحدوا نِعَم الله عليهم. قال تَعَالَى: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112]. وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
ما هى سنن الرسول صلى الله عليه وسلم المهجورة | سلطان الزين | قسم الرسول مع حياة الصحابة | 14 | 11-Nov-2024 06:31 AM |
قوله صلى الله عليه وسلم المرأة عورة | سلطان الزين | قسم الرسول مع حياة الصحابة | 10 | 11-Nov-2024 06:30 AM |
هديه صلى الله عليه وسلم في تجهيز الميت | نزف القلم | قسم الرسول مع حياة الصحابة | 12 | 11-Nov-2024 06:30 AM |
حديث كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه | نزف القلم | قسم الرسول مع حياة الصحابة | 12 | 11-Nov-2024 06:29 AM |
مثل النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته لأمته | نزف القلم | قسم الرسول مع حياة الصحابة | 11 | 11-Nov-2024 06:29 AM |