يستيقظُ بعد 40 عاماً ليجدَ أنّ كلّ شيءٍ فيه قد تغيّر.
مشاعرٌ غريبة تُخالجه. يشعرُ وكأنّ الزّمن قد عاد به الى الوراء سنوات عدّة.
لا يُصدّق الارقام المكتوبة على هويّته،
فهو يشعرُ وكأنّه شابٌ يافعٌ مفعمٌ بالحياة والنّشاط،
وجلّ ما يريده هو أن يترك العنان لكلّ رغباته وأحلام المراهقة
التي تتبادر الى ذهنه...
إنها أعراض ما يُسمّى بـ"جهلة الاربعين" أو أزمة منتصف العمر.
تُصيب الرّجال والنّساء على حدّ سواء بين عمر الـ35 والـ45،
إنّما تأثيرها على الرّجل يكون بوتيرة أطول وبزخمٍ أقوى.
في هذا السيّاق، تؤكّد المعالجة النفسيّة والاستاذة الجامعيّة
الدكتورة ألين الحسيني عسّاف
أنّ "الشخّص في هذه المرحلة يعود مراهقاً يريد تحقيق كلّ رغباته المكبوتة"، لافتة الى أن "فكرة "إمّا الان أو أبداً"، تُسيطر على تفكير الفرد الذي يفنّد حياته وينتفض على كلّ ما لم يحقّقه في السّنوات المنصرمة".
تغييراتٌ عدّة تطرأ على حياة الرّجل تحديداً وهو في أزمة منتصف العمر.
يرغبُ في تغيير سيّارته، وعادةً ما يستبدلها بسيّارة "سبور" شبابيّة وسريعة ومكشوفة.
ومن أعراض "جهلة الاربعين" أيضاً،
رغبة طارئة بالشّروع في ممارسة الرّياضة على مختلف أنواعها بغية تحسين شكل الجسم ليظهر شاباً أكثر،
بالاضافة الى البحث عن هواياتٍ جديدةٍ فيها تحدٍّ ونشاط أكبر،
وتحسين المظهر الخارجيّ من خلال شراء ملابس جديدة صُمّمت للمراهقين،
وأيضاً تغيير شكل الشّعر الكلاسيكيّ ومحاربة التّجاعيد خصوصاً
تلك الموجودة في الوجه، عبر مُستحضرات التّجميل أو حتّى حُقن "البوتوكس".
"أعراض "جهلة الاربعين" لا تقتصر على تغيير أمورٍ بسيطة في حياة الرّجل،
إنّما قد تمسّ أيضاً حياته العائليّة وخصوصاً الزّوجيّة.
الرّجل في هذا العمر بالذّات يشعرُ بمللٍ كبيرٍ يُصيب حياته،
وتكون علاقته بشريكته أو زوجته معرّضة أكثر للخيانة،
فهو يُعجب بفتيات شابّات"،
على حدّ قول الدكتورة عسّاف، التي تشير الى أنّ الرّجل
يبحثُ في خضمّ هذه الازمة عن أصدقاءٍ جُددٍ يُشبهونه،
يتشارك معهم رغباته، وهم في معظم الاحيان أصغر سنّاً.
هذه التغيّرات كلّها في حياة الرّجل تنعكس سلباً على علاقته بزوجته وأولاده.
لذا، فإنّ المطلوب من شريكة حياته أن تكون متفهّمة لهذه الحالة،
وألاّ ترفض زوجها وتُشعره بأنّه غير مقبول عائليّاً واجتماعيّاً.
بالاضافة الى ذلك، يُمكنها المبادرة الى الحديث معه عن حالته،
ومجاراته بنشاطاته وهواياته الجديدة إذا أمكن،
والاهتمام بنفسها، وإلاّ، فإنّ العلاقة ستكون في خطرٍ حتميٍّ.
لكلّ أزمة نهاية لو مهما تطوّرت وتوالت فصولاً وسنوات،
ولكلّ علاقة ألف بداية وبداية،
إذا توافر الوعي الكافي والحبّ الوافي!