|
فـعـآلـيـآت آلـمـنـتـدى | ||||
#1
|
|||||||||
|
|||||||||
التبرعات متناهية الصغر في الميزان
التبرعات متناهية الصغر في الميزان التبرعات متناهية الصغر في الميزان لقد ظهَر في الآونة الأخيرة ميلٌ من قِبل قطاع مهمٍّ من الناشطين، والمُدوِّنين على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، بل ومن قِبل بعضِ الدعاة الذين يعتلون المنابرَ - إلى التقليل من أهميَّة - إن لم يكن من تحقير - الصدقات الصغيرة عمومًا، والصدقاتِ مُتناهية الصِّغرِ خصوصًا؛ باعتبارِ أنها من الأشياءِ التي لا تَليقُ ببعضِ المتبرِّعين من الأثرياء وأصحابِ الأموال المُكدَّسة في البنوك، هذا من جانب، ومن الجانب الآخر: فإن ما دفعَهم لعدم إخفاءِ هذا الميل نحوَ رفضِ مثل هذه الصدقات متناهية الصغر، هو الوضعُ الإنساني المتردِّي في غير مكانٍ، مع وجود فوارقَ ليست بالقليلةِ بين طبقات الأثرياءِ والمحتاجين في أغلب المجتمعات العربيَّة والإسلاميَّة، ورغم أن هذا الميلَ لم يَرْقَ ولن يَرقَى - بعون الله - إلى الدرجة التي يصير فيها اتجاهًا عامًّا للتقليل من أهمية هذه الصدقات مع الدعوة لوقفها بالكليَّة - حسب ما تمَّ رصده من خلال متابعتنا المستمرة لأحوال العمل الخيري والإنساني في الكثير من أقطار الوطن العربي - وفي الغالب فإن هذا الميلَ ما زال في طَوْر البلورة، وتشكيل الهُويَّة في ظلِّ تنامي مظاهره، سواءٌ أكانت في شكل أحاديثَ ومنشوراتٍ غاضبةٍ تتنامى وتهوي بين الفَيْنةِ والأخرى، أو غيرها من المظاهر، وهو ما يُمثِّل خطورةً كبيرةً على مسيرة العمل الخيري المُنظَّم، أو بشكله البديهي لا سيِّما مع تَكْرارِ هذه المظاهر، واستجابة المتبرعين؛ نتيجةَ تأثُّرِهم بمثل هذه الأقوال. مخاطر هذه الرؤية: تتعاظمُ مخاطرُ هذه الرؤية أو هذا الميل في ظلِّ الحاجة المستمرَّة لكافة الجهود التطوعيَّة، ولأقل الموارد الخيرية؛ باعتبارها من أهمِّ محرِّكات العمل الخيري، ولكنَّ مخاطرَها على وجه التحديد يمكن الإشارة إليها فيما يلي: 1- تُؤدِّي إلى تحقير المتبرِّع أو غيره لصدقاته، وتُشكِّكُه في جدواها أو أهميتها. 2- تؤدِّي إلى إحباطِ المتبرِّعين وإحجامِهم عن عمليات التبرُّع، وهي بلا شكٍّ عمليات كثيرة، وأكثر تَكْرارًا. 3- تؤدِّي إلى تأجيل خُطط التبرُّعات اليقينيَّة العاجلة عند قطاع كبير من المتبرعين لصالح خطط احتماليَّة في المستقبل. 4- تُؤدِّي إلى زيادة تفاقمِ الفِئات المستفيدة من التبرُّعات الصغيرةِ والمتناهية الصِّغرخاصة مع زيادة إحجام المتبرِّعين. 5- تؤدِّي إلى إفشال جهود الجمعيَّات الخيريَّة الصغيرة التي تَقومُ أنشطتُها على التبرُّعات الصغيرة، والتبرُّعات متناهية الصِّغر. 6- تُؤدِّي إلى غلقِ أبواب الأملِ، وغلق أبوابِ الرجاءِ في بناء أفكار جديدة تُمكِّن من حسن استغلال واستثمار هذه الصدقات والتبرعات لصالح مستحقِّيها. الصدقات متناهية الصغر في ميزان الإسلام: لقد اهتمَّ الإسلام بالصدقات كبيرِها وصغيرِها، فلم يَرِدْ في القرآن الكريم أو السنة النبوية المطهَّرة ما يشير إلى عدم جدوى الصدقات الصغيرة مثلًا، أو إلى ما يُقلِّل من قيمتها وأهميتها، بل على العكس من ذلك فإن الآياتِ المتنوعةَ دلَّت على أهمية الصدقات جميعها دون تفرقةٍ بينها من حيث الحجمُ أو القيمةُ - ما دامَتْ غايتُها مشروعةً - فقال تعالى: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ﴾ [سبأ: 39]، وفي مثل هذا قيل: إن كلمةَ "شيءٍ" تعني: كلَّ معلوم، سواء أكان موجودًا أم معدومًا، كثيرًا جدًّا أم قليلًا يَصعُبُ إدراكُه، بل إنه من المدهش أن كلَّ عطاء - قلَّ أو كَثُر - يُقام له الميزان في الإسلام، ويتمُّ تقديرُه من لدن عليم خبير؛ فقال تعالى: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7]، وهو ما يعني: أن كلَّ خير - ولو لم تُدرِكْه الأبصارُ - كبيرٌ عند الواحد القهار. ولم يَقِفِ الأمرُ عند هذا الحدِّ؛ فقد جاءت السنة النبوية مُفصِّلةً ومحكمة تشيرُ إلى أهمية التصدُّق ولو بأقلِّ القليل؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا النارَ ولو بشقِّ تمرةٍ))[1]، ومن المعلوم أن نصفَ التمرة من الصعب جدًّا أن تملأ وعاءَ جائعٍ ملتاع، ولكنها في ميزان الإسلام لها قيمةٌ وأهمية كبيرة أكبر من حقيقتِها التي لا يمكن الادعاء بغيرها (أنها صدقةٌ صغيرة، بل أنها متناهية الصِّغر)، ولكنها قد تَنقُلُ المسلمَ من دَرَكات النار إلى جناتِ الرحمن، يُضافُ إلى ما تقدَّم أن أقلَّ صدقةٍ، وأقلَّ تبرع - وإن صَغُرَ في العيون - قد يساوي كلَّ الحياة لمحتاجٍ يائسٍ؛ فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن امرأةً بغيًّا رأَتْ كلبًا في يوم حارٍّ يُطيفُ ببئرٍ قد أَدْلَعَ لسانَه من العطش، فنَزَعتْ له بمُوقِها؛ فغُفِر لها))[2]، فجَرعةُ الماءِ أحْيَتْ روحًا، والصدقات متناهية الصغر بمثابة القطرات التي سرعانَ ما تتحوَّل إلى نهر كبير على ضفتَيْه تنمو كافَّةُ صنوف وأعمال البر. ولا شكَّ أن مثلَ هذا الميل، أو تلك الدعوة التي لم يُكتَبْ لها - حتى حينِه - الانتشار، والتي نحن اليوم بصَدَدِ تقديمِ ما يَدْحرُها - ليس لها سندٌ في الدين، ولا في منهجيَّة العمل الخيري الذي يحثُّ على تعبئة كافَّة الموارد، فما الأنهار إلا من فيوضِ القطرات، ومع ذلك فلا يمكنُنا أن ندَّعي أن أرباب هذا الميل يقصدون من ورائِه مخالفةَ الشريعة أكثر منه تأثُّرًا بالمعاناة التي تتعاظم، والفقر الذي يزدادُ شدةً وتوحُّشًا، بل إنها نبعَتْ من الحرص الشديدِ على أن يكون حالُ الفقراء أفضلَ، ولكن مع ذلك وجَب ردُّهم. والله من وراء القصد. [1] صحيح البخاري: (6539). [2] صحيح مسلم: (2245).
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
منبر الشعر الفصيح | البارونه | • •₪• عذب الحروف لـ الشعر المنقول •₪• | 10 | 10-Nov-2024 04:56 PM |
تقرض الشعر حبيبتي | عقل ال عياش | نآي شاعر ( من قلم العضو سبق نشره) | 9 | 15-Dec-2023 06:35 PM |
بحور الشعر والتفرقه والتمييز بين الشعر والنثر | السكب 12 | نآي شاعر ( من قلم العضو سبق نشره) | 9 | 29-Apr-2023 03:30 AM |