شفاعات النبي صلى الله عليه وسلم - منتديات أحاسيس الليل

 ننتظر تسجيلك هـنـا

{ إعلانات احاسيس الليل ) ~
 
   

فـعـآلـيـآت آلـمـنـتـدى


الإهداءات



 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 26-Jan-2024, 05:21 PM
متيم متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 545
 تاريخ التسجيل : Nov 2023
 فترة الأقامة : 390 يوم
 أخر زيارة : اليوم (06:04 AM)
 المشاركات : 70,765 [ + ]
 التقييم : 37562
 معدل التقييم : متيم has a reputation beyond reputeمتيم has a reputation beyond reputeمتيم has a reputation beyond reputeمتيم has a reputation beyond reputeمتيم has a reputation beyond reputeمتيم has a reputation beyond reputeمتيم has a reputation beyond reputeمتيم has a reputation beyond reputeمتيم has a reputation beyond reputeمتيم has a reputation beyond reputeمتيم has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]

اوسمتي

افتراضي شفاعات النبي صلى الله عليه وسلم



شفاعات النبي ﷺ

باب الشفاعة
إنَّ من توفيق الله -تعالى- لعبده، أن يُسخِّره لنفع خلقه، وإن من أبواب النفع العظيمة، بابَ الشفاعة، قال الله -تعالى-: ﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا﴾ [النِّسَاءِ: 85]، والشفاعةُ الحسنةُ، تكون إمَّا بجلبِ خيرٍ للمشفوع له، أو بدفع ضُرٍّ عنه، ممَّا يكون في استطاعة الشافع.

شفاعة النبي ﷺ في أمور الدنيا
لقد كان -صلى الله عليه وسلم-، يسعى بنفسه بالشفاعة الحسنة، ويحثُّ أصحابَه عليها، ففي صحيح البخاري، قال أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- وأرضاه: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ، أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ قَالَ: "اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا شَاءَ".

وفي الصحيحين: "تَقَاضَى كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، دَيْنًا لَهُ عَلَى ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ، -رضي الله عنهما-؛ وذلك فِي مسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا وَنَادَى: "يَا كَعْبُ"، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ، أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِكَ، قَالَ كَعْبٌ: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فقَالَ النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لابنِ أبي حدردٍ: "قُمْ فَاقْضِهِ"، وهذه بَرِيرَةُ -رضي الله عنها وأرضاها-، كانت أمَةً فعَتَقَتْ، وزوجها لا يزال في الرق، ففسخت نكاحها منه، فَشُغِفَ قلبُه بحبها، فكان يطوف خلفها في سكك المدينة، ودموعُه تسيل على خدَّيْه، يريدها أن ترجعَ إليه، فرقَّ له رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وشفَع له عند بَرِيرَةَ، فقال: "لَوْ رَاجَعْتِهِ"، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: "إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ"، قَالَتْ: لا حَاجَةَ لِي فِيهِ.

هذا غيض من فيض، من شفاعاته -صلى الله عليه وسلم- في أمور الدنيا.

شفاعة النبي ﷺ في الآخرة
وأما في الآخرة، فما أحوجَ الناسَ للشفاعة، في يوم يشيب فيه الصغيرُ، ويذهَل فيه الكبيرُ، يوم يقف المرء وحيدًا فريدًا، لا مالَ ولا جاهَ، ولا أصحابَ ولا أبناءَ، ﴿كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ﴾ [الطُّورِ: 21]، ينظر ما قدَّمَتْ يداه، وهو واقفٌ بين يدَيْ مولاه، يجادِل عن نفسه، مُقِرًّا بذنوبه وآثامه، منتظِرًا ما يُقضى به عليه؛ ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عَبَسَ: 34-37]، فجَعَل -سبحانه- الشفاعةَ يوم القيامة، رحمةً بالمشفوع، وإكرامًا للشافع، فالملائكة والأنبياء يشفعون، والشهداء والصالحون يشفعون، والصيام والقرآن يشفعان، يقول الصيام: أَيْ ربِّ، منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفِّعْني فيه، ويقول القرآن: منعتُه النومَ بالليل، فشفِّعْني فيه، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فَيُشَفَّعَانِ"

الشفاعة ملك لله وحده
والشفاعة مِلْكٌ لله وحده، ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ [الزُّمَرِ: 44]، فلا تطلب من نبي مرسَل، ولا مَلَكٍ مقرَّبٍ، فضلًا عن غيرهما، وإنما تُطلَب من الله وحدَه، والله يُكرِم بها مَنْ شاء من عباده؛ فمن عظمةِ اللهِ -جلَّ جلالُه-، وعزتِه وكمالِ سلطانِه، لا يتجاسر أحدٌ على الشفاعة إلا بإذنه، ورضاه -سبحانه- عن المشفوع له؛ ﴿وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى﴾ [ النَّجْمِ: 26].

دعوة النبي ﷺ شفاعةً لأمته يوم القيامة
لكل نبي دعوة قد دعا بها في الدنيا فاستُجيب له، ونبيُّنا -صلى الله عليه وسلم-، جعَل دعوتَه شفاعةً لأمته يوم القيامة، وهو أعظمُ الشفعاءِ جاهًا، وأعلاهم مقامًا ومنزلًا، وقد خصَّه الله -تعالى-، بعدة شفاعات يوم القيامة .

شفاعات النبي ﷺ يوم القيامة
الشفاعةُ العظمى
أجلّ شفاعات النبي ﷺ يوم القيامة، الشفاعةُ العظمى، وهي المقام المحمود، الذي يحمده عليه الأولون والآخِرون، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، أنه إذا كان يوم القيامة، جمَع اللهُ الأولينَ والآخرينَ في صعيد واحد، والشمس فوق رؤوسهم قدرَ ميلٍ، حفاةً عراةً غرلًا، فيَلْحَقُ العبادَ من الشدة والكرب، ما لا يطيقون ولا يحتملون، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، فيُلهِم اللهُ -تعالى- بعضَ عباده، للبحث عن الرسل والأنبياء، ليشفعوا عندَ اللهِ لفصل القضاء، فمن هول المطلع، وشدة الموقف، وغضب الواحد القهَّار، لا يأتون نبيًّا إلا ويحيلهم إلى نبي آخَر، حتى ينتهوا إلى خاتم الأنبياء والمرسَلين، وسيد ولد آدم أجمعين، فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ -صلى الله عليه وسلم-، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَخَاتِمُ الأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، قال صلى الله عليه وسلم: "فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ العَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي -عَزَّ وَجَلَّ-، ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ، وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ: أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ، مِنَ البَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ، فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ"، فبشفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم-، يدخل أقوامٌ الجنةَ، بلا حساب ولا عذاب، وفي سنن الترمذي، قَالَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وَعَدَنِي رَبِّي، أَنْ يُدْخِلَ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي، سَبْعِينَ أَلْفًا لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَذَابَ، مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا، وَثَلَاثُ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِهِ"، وفضلُ اللهِ عظيمٌ، وهو الرحيمُ الكريمُ.

شفاعة النبي ﷺ لفتح باب الجنة للمؤمنين
لنبيِّنا ﷺ شفاعاتٌ؛ منها: شفاعته -صلى الله عليه وسلم- لفتح باب الجنة للمؤمنين؛ وذلك أنهم إذا أَتَوْهَا وجدوا أبوابَها مغلقةً، فيأتون آدمَ -عليه السلام-، فيقولون: يا أبانا، استفتِحْ لنا الجنةَ، فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم؟! لستُ بصاحب ذلك، فيستشفعون بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ -عليه الصلاة والسلام-: "آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتفْتِحُ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ، لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ"

شفاعة النبي ﷺ لمن دخَل النارَ من أهل الكبائر
ومن شفاعاته ﷺ يومَ القيامة، شفاعتُه لمن دخَل النارَ من أهل الكبائر، ففي سنن أبي داود: أن النَّبيَّ ﷺ قَالَ: "شَفَاعَتِي، لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي"، وعند الطبراني بسند حسن، قال ﷺ: "يدخل من أهل القبلة النارَ، مَنْ لا يُحصِي عددَهم إلا اللهُ؛ بما عصوا الله واجتَرَؤُوا على معصيته، وخالَفُوا طاعتَه، فيُؤذَن لي في الشفاعة"، فيسجد ﷺ تحت عرش الجبَّار، ويشفع لأهل التوحيد لمن سقَط منهم في النار، فيَحُدُّ له الرحمنُ حدًّا، فيُخرِجُهم منها، ثم يعود فيشفع ثانيةً، وثالثةً ورابعةً، حتى جاء في صحيح البخاري: أن النبي ﷺ قال: "ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ، فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ المَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَيَقُولُ: وَعِزَّتِي وَجَلالِي، وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي، لَأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ".

شفاعة المؤمنين لإخوانهم وأحِبَّائهم
إنَّ من كرم الله -تعالى- على المؤمنين، أن جعلهم من الشفعاء يوم الدين، فمن سقط في النار من إخوانهم وأحِبَّائهم، شفَعُوا له عندَ الرحمن الرحيم، فيشفع القريبُ لقريبه، والصديقُ لصديقه، فمنهم مَنْ يشفع للفئام من الناس، ومنهم مَنْ يشفع للقبيلة، ومنهم مَنْ يشفع للعَصَبَة، ومنهم مَنْ يشفع للرجل؛ حتى يدخلوا الجنة، ففي صحيح مسلم، قال ﷺ : "حَتَّى إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً لِلَّهِ فِي اسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ فِي النَّارِ، يَقُولُونَ: رَبَّنَا، كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا، وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ، فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ عَلَى النَّارِ، فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا"، بل إن بعض المؤمنين في الجنة، لَمَّا فقَدُوا إخوانَهم فيها، سارَعُوا إلى الأنبياء، ليشفعوا لهم عند خالق الأرض والسماء، ففي المعجم الأوسط للطبراني، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يَفْتَقِدُ أَهْلُ الْجَنَّةِ نَاسًا كَانُوا يَعْرِفُونَهُمْ فِي الدُّنْيَا، فَيَأْتُونَ الْأَنْبِيَاءَ فَيَذْكُرُونَهُمْ، فَيَشْفَعُونَ فِيهِمْ فَيُشَفَّعُونَ"، قال الإمام الطبري -رحمه الله-: كَانَ قَتَادَةُ، إِذَا قَرَأَ: ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾ [الشُّعَرَاءِ: 100-101]، قَالَ: "يَعْلَمُونَ وَاللَّهِ، أَنَّ الصَّدِيقَ إِذَا كَانَ صَالِحًا نَفَعَ، وَأَنَّ الْحَمِيمَ -أي: القريب- إِذَا كَانَ صَالِحًا شَفَعَ".

إذا تمَّت الشفاعاتُ يومَ القيامة، وقد بقي في النار بقية، من أهل لا إله إلا الله، يَقُولُ -جل جلاله- وتقدَّست أسماؤه، كما في (صحيح مسلم): "شَفَعَتِ الْمَلَائِكَةُ، وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ، فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ، قَدْ عَادُوا حُمَمًا، فَيُلْقِيهِمْ فِي نَهَرٍ فِي أَفْوَاهِ الْجَنَّةِ، يُقَالُ لَهُ: نَهَرُ الْحَيَاةِ، فَيَخْرُجُونَ كَمَا تَخْرُجُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، فَيَخْرُجُونَ كَاللُّؤْلُؤِ فِي رِقَابِهِمُ الْخَوَاتِمُ، يَعْرِفُهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ، هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ اللهِ، الَّذِينَ أَدْخَلَهُمُ اللَّهُ الْجَنَّةَ، بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ، وَلَا خَيْرٍ قَدَّمُوهُ، ثُمَّ يَقُولُ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ، فَمَا رَأَيْتُمُوهُ فَهُوَ لَكُمْ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا، أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ، فَيَقُولُ: لَكُمْ عِنْدِي أَفْضَلُ مِنْ هَذَا، فَيَقُولُونَ: يَا رَبَّنَا، أَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا؟ فَيَقُولُ: رِضَايَ، فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا"، فسبحانَكَ ربَّنا ما أرحمَكَ، وما أحلمَكَ وما أكرمَكَ.

الشفاعة يوم القيامة لا تكون إلا لأهل التوحيد والإخلاص
إن الشفاعة يوم القيامة، لا تكون إلا لأهل التوحيد والإخلاص، قال -تبارك وتعالى- في خطابه للمشركين: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ [سَبَأٍ: 22-23]، فنفى -سبحانه- أن يكون لغيره مُلْكٌ، أو يكون له مُعِينٌ أو شريكٌ، من خيرٍ أو شرٍّ، أو نفعٍ أو ضُرٍّ، فلم يبقَ إلا الشفاعةُ، فبيَّن -جل جلاله-، أنها لا تنفع إلا لمن أَذِنَ له.

وفي صحيح ابن حِبَّانَ، قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إنه أتاني الليلة آتٍ من ربي، فخيَّرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة، وبين الشفاعة، وإني اخترتُ الشفاعة"، فقالوا: يا رسول الله، ننشدكَ الله لَمَا جعلتَنا من أهل شفاعتك، فقال صلى الله عليه وسلم: "إني أشهد من حضر أن شفاعتي لمن مات لا يشرك بالله شيئا من أمتي"، فأسعد الناس بشفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه، وكان من المصلين؛ فلا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة، ففي (صحيح مسلم)، قال صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة"، فمن أشرك بالله العظيم، أو لم يكن من المصلين، حُرِمَ من شفاعة الشافعين، قال جلَّ جلالُه : ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ [الْمُدَّثِّرِ: 38-48].

أسباب شفاعة النبي ﷺ يومَ القيامة
وأَوْلَى الناسِ بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يومَ التنادِ، هم أكثرُهم عليه صلاةً في الدنيا، وفي صحيح مسلم ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ، حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ".

وإن من أسباب شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- يومَ القيامة، كثرةَ الأعمال الصالحة، ففي مسنَد الإمام أحمد، أن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ قال لْخَادِمٍ له: "أَلَكَ حَاجَةٌ؟"، قَالَ: حَاجَتِي، أَنْ تَشْفَعَ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "فَأَعِنِّي بِكَثْرَةِ السُّجُودِ"، وفي مسند الإمام أحمد ، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من استطاع أن يموت بالمدينة فليفعل؛ فإني أشفع لمن مات بها"، فهنيئا لمن سكن المدينة، ويا سعادة من لزم الإقامة فيها، حتى جاءته المنية بها، فنال بذلك شفاعة من شفاعاته، -صلى الله عليه وسلم-.
---------------------------------



 توقيع : متيم

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ولا تكونوا أول كافر به الحر أحاسيس القران وعلومه 29 20-May-2024 04:09 PM
لماذا احتار ابو بكر الصديق رضي الله عنه متيم قسم الرسول مع حياة الصحابة 16 05-Mar-2024 01:16 AM
غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم/غزوة بدر الكبرى ورد قسم الرسول مع حياة الصحابة 14 03-Jan-2024 06:09 PM
صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ورد قسم الرسول مع حياة الصحابة 16 01-Jan-2024 11:41 AM
مقاصد السنة النبوية (2) حفظ النفس شمس قسم الرسول مع حياة الصحابة 14 28-Dec-2023 02:10 PM


الساعة الآن 01:20 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع ما يطرح في منتديات أحاسيس الليل لا يعبر عن رأي الموقع وإنما يعبر عن رأي الكاتب
وإننــے أبرأ نفســے أنا صاحبة الموقع أمامـ الله سبحانه وتعالــے من أــے تعارف بين الشاب والفتاة من خلال أحاسيس الليل
vEhdaa 1.1 by rKo ©2009