|
فـعـآلـيـآت آلـمـنـتـدى | ||||
#1
|
||||||||
|
||||||||
لطائف قرآنية من قصة موسى
[لطائف قرآنية من قصة موسى في سورة القصص
د.مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار 1- قوله تعالى (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) / إن من فطنة العدو أو الحاكم الظالم الجائر أن يجعل أهل الدولة التي يتسلط عليها شيعًا ، يستعين بإحداهن على الأخرى ، وذلك الديدن تجده اليوم في تسلط العدو على العراق ، وكيف استفاد من جعل أهلها شيعًا ، فاستضعفوا طائفة على حساب قوة طوائف أخرى . / عبَّر عن الذبح بالفعل المضارع المضعَّف ، وفي ذلك فائدتان : الأولى : أن المضارع يفيد حدوث هذا الذبح وتجدده مرة بعد مرة كلما جاء موجبه وهو ولادة المولود الذكر من بني إسرائيل . الثانية : أن في التضعيف إفادة التكثير ، أو المبالغة في هذا الفعل . / قابل الأبناء بالنساء ، وفي ذلك سرٌّ لطيف ، فإنه إنما يستفاد من إبقاء البنات إلى أن يكبرن ، ويصرن نساءً يستطعن الخدمة عند فرعون وقومه ، أما في حال صغرهن فلا يُستفاد منهن ، وقد تنبَّه إلى هذا المعنى ابن جريج المكي ( ت : 150 ) ففسَّر هذا المعنى فقال : " قوله : { ويستحيون نساءكم } قال : يسترقون نساءكم " ، فذهب إلى لازم إبقائهن أحياء كما أشار إليه قوله تعالى ( نساءكم ) / إن الفساد في فرعون متأصل ومستمرٌّ ؛ لذا جاء التعبير عن إفساده بالجملة الإسمية الدالة على الثبوت والاستقرار ( إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) ، وأكِّدت هذه الجملة بحرف التأكيد ( إنَّ ) . 2- قوله تعالى ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُون ) / جاءت الأفعال : ( نريد ، نمُنّ ، نجعلهم ، نمكن لهم ) على صيغة واحدة ، وهي الفعل المضارع المبدوء بنون العظمة والدال على الاستقبال ، وفيها إشارة إلى الاختيار الإلهي المحض لهؤلاء القوم في أن ينصرهم الله ويمكنهم ممن اضطهدهم وآذاهم ، لكن متى حصل لهم ؟ لقد عاشوا أول أمرهم مضطهدين من فرعون وقومه ، ثمَّ أنقذهم الله بموسى وهارون ، ولكن ذلك الجيل الذي عاش حياة الذل لمَّا يتأدب بأدب النبوة ، ويتربَّى بتربية الرسالة الموسوية إذ لما طُلِب منهم ـ بعد خروجهم من مصر ـ أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم ترددوا ، وراجعوا موسى في ذلك ، حتى انتهى بهم الأمر إلى أن يقولوا : ( فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ) يا للخزي والعار لقوم يقولون لنبيهم هذا القول . إن هذا الجيل المهزوم لم يكن له شرف حمل الرسالة ، والحصول على الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم فترة من الزمن ، فضرب الله عليهم عقوبته بالتيه في صحراء سيناء أربعين سنة عاشوا فيها ، فمات من مات من جيل الهزيمة ، ووُلِد جيل عاش شظف العيش ، ومارس شدائد الحياة الصحراوية ، فكان الفتح على يديه بعد أن انتقل موسى وهارون إلى الرفيق الأعلى في زمن التيه ، فانظر ؛ كم الفرق بين الوعد وتحقيقه ؟ ولكن الناس يستعجلون النصر . وإذا تأملت واقعنا اليوم وجدتنا نعيش شيئًا من واقع تلك الأمة المخذولة التي ضُرب عليها التيه ، واستكانت للراحة والدعة ، وكرهت معالي الأمور التي لا تأتي إلا بعد الكدِّ والجدِّ والتعب ، فلا ترانا نزاحم على القوة العظمى ، ونقنع بالدون والهوان ، فأخشى أن نكون ـ ونحن بهذا الحال ـ لسنا جيل النصر ، والله غالب على أمره ، والأمر كما قال تعالى: ( وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) ، ولن يأتي ذلك إلا بالتغيير ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) ، فإذا حصل ذلك جاء الجيل الذي أشار اله إليه بقوله تعالى ( فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) ، فأسأل الله العظيم أن لا يحرمنا فضله ، وأن يجعلنا ممن يُؤتاه . / في الفعل ( نُري ) من قوله تعالى ( وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُون ) قراءتان : ( نُري ) ( يَرى ) ، ومؤدى المعنيين في القراءتين واحد ، فهو سبحانه يريهم فيرون ، فالفعل من الله ابتداء تقدير ، ومنهم تحقق وحدوث . / في قضاء الله لطف وخفاء عجيب لا يمكن إدراكه إلا بعد وقوعه ، فانظر كيف توعَّد فرعون وهامان وجنودهما ، فقال : ( وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُون ) فقدَّر الله ـ من حيث لا يشعرون ، ولا يستطيعون ردَّ قضائه مهما بلغوا من قوة أو علم ـ أن يكون بيت فرعون حاضنًا لعدوِّه الذي سينهي أمره ، فبالله عليك ، أترى قوة في الأرض تستطيع إدراك هذا القدر قبل وقوعه ، فتتقيه . وتأمل ما يقال ـ بغض النظر عن دقته وصحته ـ من مساعدة أمريكا للأفغان في حربهم على الروس ، وكيف انتهى الأمر بأولئك أن حاربوا أمريكا التي كانت تمدهم بالسلاح ، ولله فيما يقدر أسرار ولطائف .ولو قرأت في التاريخ ، ونظرت في قصص من حولك ، لوجدت مثل تلك الصورة ، فكم من امرئ أنعم على عبد من عباد الله ، وكان ذلك العبد سببًا في هلاكه وزوال أمره وموته ؟ 3- قوله تعالى ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) / لقد جاء الولد المختار من بني إسرائيل الذي سيكون هلاك فرعون وقومه على يديه ، جاء وهم يقتلون الأبناء ، فانظر لطف الله ، ورعايته ، ودقيق قدره في تخليص موسى عليه السلام من القتل ؟ / أرأيت لو كنت متجرِّدًا من معرفة ذا الخبر ، وقيل لك : إن امرأة وضعت ابنها في تابوت ، وألقته في النهر ، تريد له الأمان ، أفكنت ترى ذلك من العقل والحكمة في شيء ؟! إن هذا الموضوع لو كان عُرِض عليَّ وعليك ، لقلنا : إنه مجانب للعقل والحكمة . لكن الذي أمر بذلك هو من يعلم السرَّ وأخفى ، ألقته في اليمِّ ، وسار التابوت برعاية الله له ، فهو الذي أمر ، فأنَّى لمخلوق أن يؤذي هذا الرضيع ، وتابوته يتهادى بين مياه النهر ؟! / إن في إرضاعها لموسى أول الأمر سرٌّ لطيف ، وهو أن هذا الطفل سيتذكر ذلك الثدي الذي أرضعه الحليب أول مرة ، فإذا عُرض على المراضع لم يأنس بها ، وانتظر ما بقي في ذاكرته الطفولية من ذلك الثدي الأول ؛ إنه إلهام الله ، وتقديره الخفي الذي لَطُف فدقَّ ، ولَطَفَ فرفق . / اشتملت الآية على لطائف من تنويع الخطاب ، ففيها أمران ( أرضعيه ، فألقيه ) ، وفيها نهيان ( لا تخافي ، ولا تحزني ) ، وفيها بشارتان ( رادُّه ، وجاعلوه ) . / اشتمل النهيان على الماضي والمستقبل ، فقوله : ( لا تخافي ) أي عليه فيما يستقبله من قدر ، وقوله ( ولا تحزني ) على فقده . / تأمَّل البشارتين كيف جاءتا مؤكَّدتين تأكيدًا بليغًا يتناسبان مع موقف تلك الأم المفطورة في ولدها ( إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ) فإن للتوكيد ، ومجيء (رادوه ، وجاعلوه ) على اسم الفاعل بدلاً من الفعل لتكون الجملة إسمية ، فتدل على الثبوت . يالَقلب تلك الأم المسكينة ، ألقت ابنها في اليم ، وأصبح قلبها خاليًا من كل شيء سوى ذكر موسى ، فكادت ـ ولم تفعل ـ أن تخبر بأنه ابنها ، وليكن ما يكن ، لكنَّ لله أمرًا لابدَّ أن يمضي على تقديره ، فربط على قلب الأم ؛ ثبَّتها وصبَّرها حين لات صبر ، ثم بدأت تفعل الأسباب ، فقالت لأخته : اتبعي أثره ، وانظري أمره ، فكان ما كان من رجوعه ، وتحقق وعد الله لها ، فيالها من فرحة عاشتها أم موسى ، وهنيئًا لها البشارة الثانية بالرسالة . [/center][/QUOTE]
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
لطائف من غزوة الطائف | وطن عمري | قسم الرسول مع حياة الصحابة | 19 | 23-Nov-2024 11:32 AM |
لطائف القرآن .. أدخل وشاركنا الأجر .. | سلطان الزين | أحاسيس القران وعلومه | 17 | 16-Nov-2024 04:41 AM |
أنشد فيك قلبي | نبيل محمد | •₪• خوآطر وهوآجيس قلم •₪• | 15 | 11-Dec-2023 10:15 PM |
أحسن القصص - موسى عليه السلام - الشيخ بدر المشاري | سلطان الزين | صوتيات أحاسيس الأسلاميه | 10 | 19-Nov-2023 06:46 PM |
اعمام النبي من برنامج لطائف المعارف الشيخ المغامسي | سلطان الزين | صوتيات أحاسيس الأسلاميه | 8 | 18-Sep-2023 12:48 AM |