القاعدة الثانية والثلاثون: وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ - منتديات أحاسيس الليل

 ننتظر تسجيلك هـنـا

{ إعلانات احاسيس الليل ) ~
 
   

فـعـآلـيـآت آلـمـنـتـدى


الإهداءات


العودة   منتديات أحاسيس الليل > |[ :: القسم الأسلامي:: ]| > أحاسيس القران وعلومه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 21-Feb-2022, 12:20 PM
نزف القلم غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 52
 تاريخ التسجيل : Jun 2021
 فترة الأقامة : 1253 يوم
 أخر زيارة : 10-Oct-2024 (01:27 PM)
 المشاركات : 1,312 [ + ]
 التقييم : 7187
 معدل التقييم : نزف القلم has a reputation beyond reputeنزف القلم has a reputation beyond reputeنزف القلم has a reputation beyond reputeنزف القلم has a reputation beyond reputeنزف القلم has a reputation beyond reputeنزف القلم has a reputation beyond reputeنزف القلم has a reputation beyond reputeنزف القلم has a reputation beyond reputeنزف القلم has a reputation beyond reputeنزف القلم has a reputation beyond reputeنزف القلم has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
القاعدة الثانية والثلاثون: وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ



الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبدالله، وعلى وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فهذا لقاء جديد مع قاعدة قرآنية، تربوية إيمانية، وثيقة الصلة بالواقع الذي تعيشه الأمة اليوم بالذات، وهي تعيش هذه التغيرات المتسارعة، والتي خالها البعض خارجةً عن سنن الله تعالى، وليس الأمر كذلك، تلكم هي القاعدة القرآنية التي دل عليها قول الله تعالى: {وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ} [الحج/47].

وهذه القاعدة الكريمة جاءت في سياق تهديد الكفار الذين قابلوا الدعوة إلى الإسلام بالتكذيب والجحود، والاستهزاء والسخرية، قال تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (42) وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ... إلى قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ} [الحج: 42، 48].

فقوله عز وجل: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ...} معطوف على قوله تعالى: {وإن يكذبوك} والمعنى: أن هؤلاء الكفار يقولون: "لو كان محمد صادقاً في وعيده لعُجَّلَ لنا وعيدُه، فكانوا يسألونه التعجيل بنزول العذاب استهزاء، كما حكى الله عنهم في قوله: {وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم}، وفي قوله: {ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين} فذكر ذلك في هذه الآية بمناسبة قوله: {فأمليت للكافرين} الآية"، وحكي: {ويستعجلونك} بصيغة المضارع للإشارة إلى تكريرهم ذلك تجديدا منهم للاستهزاء وتوركا على المسلمين"(1).

ثم جاء التعقيب على هذه المقالة الآثمة، بهذه القاعدة التي تسكب اليقين والطمأنينة في نفس النبي ج ونفوسِ أتباعه من المؤمنين المضطهدين، الذين امتلأت آذانهم من استهزاء هؤلاء الكفار، فقال الله ـ وهو أصدق من وعد وأصدق من وفّى ـ: {وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ}.

وإذا تقرر أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فإن هذه القاعدة القرآنية: {وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ} لا تختص بهذا المعنى الذي وردت الآية في سياقه ـ وهو تعذيب الكفار ـ بل هي عامة في كل ما وعد الله به، إذ لا مكره لربنا جل وعلا، ولا راد لأمره ومشيئته، ولكن الشأن في تحقق العباد بفعل الأسباب المتعلقة بما وعد الله به ـ كما سيأتي بعد قليل ـ.

كما أن هذه القاعدة القرآنية: {وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ} دلّت على معنى يُقَرّرُ بعض اللغويين خلافه، وهو أنه اشتهر عند كثيرين أن الوعد خاص بالخير، والوعيد متعلق بالشر، وينشدون في هذا البيتين المشهورين:

ولا يرهب ابن العم والجار سطوتي *** ولا انثنى عن سطوة المتهدد
فإني وإن أوعدته أو وعدته *** لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
وهذه القاعدة التي نحن بصددها تخالف هذا الإطلاق، يقول العلامة الشنقيطي رحمه الله ـ بعد أن ذكر عدة شواهد تؤكد خطأ هذا الإطلاق ـ: "ومن الآيات الموضحة لذلك قوله تعالى: {قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الحج:72] فإنه قال في هذه الآية في النار: "وعدها الله" بصيغة الثلاثي الذي مصدره الوعد، ولم يقل أوعدها، وما ذكر في هذه الآية، من أن ما وعد به الكفار من العذاب واقع لا محالة، وأنه لا يخلف وعده بذلك، جاء مبينا في غير هذا الموضع... ثم ذكر جملة من الشواهد، ثم قال: وبالتحقيق الذي ذكرنا: تعلم أن الوعد يطلق في الخير والشر كما بينا".

ولنعد ـ أيها القراء الأكارم ـ إلى هدايات هذه القاعدة القرآنية المحكمة: {وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ}، فإنه إذا تقرر عمومها في الخير والشر، فإنها ـ بلا ريب ـ من أعظم ما يجدد الفأل في نفوس أهل الإسلام، في الثبات على دينهم ومنهجهم الحق، بل وتزيدهم يقيناً بما عليه أهل الكفر والملل الباطلة من ضلال وانحراف، وبيان هذا: أن المؤمن لا يزال يرى إما بعين البصر أو البصيرة صدق ما وعد به أولياءه في الدنيا، كيف لا؟! وهو يقرأ نماذج مشرقة في كتاب الله عز وجل؟

ألسنا ـ يا أهل القرآن ـ نقرأ قول ربنا عز وجل ـ في سورة آل عمران في سياق الحديث عن غزوة أحد ـ: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ}[آل عمران: 152]؟

أين نحن عن فواتح سورة الروم التي يقول الله تعالى فيها: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم: 6، 7].

وهذه الآيات من سورة الروم، تشير إلى سبب كبير في ضعف اليقين تجاه الوعود الربانية، ألا وهو: التعلق بالدنيا، والركون إليها، ولهذا فإنك لو تأملتَ لوجدت أن أضعف الناس يقيناً بموعود الله هم أهل الدنيا، الراكنين إليها، وأقواهم يقيناً هم العلماء الربانيون، وأهل الآخرة، جعلنا الله منهم بمنه وكرمه.

ولا يشكل على هذا ما يمر على القارئ من آيات قد يفهم منها أن فيها نوعاً من التردد في تصديق وعد الله، أو الشك في ذلك، كقوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، وكقوله عز وجل: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف: 110]، فإن هذه الآيات إنما تحكي حالةً عارضة تمر بالإنسان ـ بسبب ضعفه حيناً، وبسبب استعجاله أحياناً ـ وليست حالةً دائمةً، وإذا كان الشك في موعود الله لا يصح أن ينسب إلى آحاد المؤمنين، فهو من الأنبياء والمرسلين أبعد وأبعد، ولكن ـ ولحكمة بالغة ـ جاءت هذه الآيات لتطمئن المؤمنين من هذه الأمة أن حالات اليأس التي قد تعرض للعبد مجرد عرْض بسبب شدة وطأة أهل الباطل، أو تسلط الكفار، فإنها لا تؤثر على إيمانه، ولا تقدح فيه صدقه وتصديقه؛ ولهذا ـ والله تعالى أعلم ـ يأتي مثل هذا التثبيت في بعض الأحوال التي تعترض نفوس أهل الإيمان فترة نزول الوحي، كقوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ …} إلى قوله تعالى: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [إبراهيم: 42، 47].

والمؤمن ليس من شأنه أن يقترح أجلاً لإهلاك الكفار، أو موعداً نصرة الإسلام، أو غيرِ ذلك من الوعود التي يقرأها في النصوص الشرعية، ولكن من شأنه أن يسعى في نصرة دينه بما يستطيع، وأن لا يظل ينتظر مضي السنن، فإن الله لم يتعبدنا بهذا، وعليه أن يفتش في مقدار تحققه بالشروط التي ربطت بها تلك الوعود، فإذا قرأ ـ مثلاً ـ قول اللخ عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد: 7] فعليه هنا أن يفتش عن أسباب النصر التي أمر الله بها هل تحققت فيه فرداً أو في الأمة على سبيل المجموع؛ ليدرك الجواب على هذا السؤال: لماذا لا تنتصر الأمة على أعدائها؟

ولو ذهب الإنسان إلى تعداد الآيات الموضحة لهذه القاعدة القرآنية المحكمة: {وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ} لطال به المقام، ولكن حسبنا ما ذكر، ولعلنا نختم حلقتنا بهذه اللطيفة المتصلة بهذه القاعدة: ذلك أن هذه القاعدة تضمنت تمدّح الله بهذا، وثناءه على نفسه، ويتضح لك هذا المعنى إذا قرأت ما حكاه الله تعالى عن إبليس ـ وهو يخطب في حزبه وأوليائه في جهنم ـ حيث يقول: {إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ} فسبحان مَنْ تمدح بالكمال وهو أهلٌ له، وسبحان من وعد فأوفى، ومن أوفى بعهده من الله؟ وإلى لقاء قاعدة أخرى بإذن الله،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

_______________
(1) التحرير والتنوير 17/210.




 توقيع : نزف القلم

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
القاعدة الثانية والعشرون: (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِين) نزف القلم أحاسيس القران وعلومه 13 11-Nov-2024 05:47 PM
القاعدة العشرون: (وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ) نزف القلم أحاسيس القران وعلومه 12 11-Nov-2024 05:47 PM
القاعدة السابعة والعشرون: (وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ) نزف القلم أحاسيس القران وعلومه 10 30-Nov-2023 09:38 PM
القاعدة الحادية والثلاثون: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ نزف القلم أحاسيس القران وعلومه 9 30-Nov-2023 09:36 PM
القاعدة الثلاثون: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) نزف القلم أحاسيس القران وعلومه 9 30-Nov-2023 09:35 PM


الساعة الآن 01:55 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع ما يطرح في منتديات أحاسيس الليل لا يعبر عن رأي الموقع وإنما يعبر عن رأي الكاتب
وإننــے أبرأ نفســے أنا صاحبة الموقع أمامـ الله سبحانه وتعالــے من أــے تعارف بين الشاب والفتاة من خلال أحاسيس الليل
vEhdaa 1.1 by rKo ©2009