|
فـعـآلـيـآت آلـمـنـتـدى | ||||
#1
|
|||||||
|
|||||||
رحمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: خرجتُ مع عمر بنالخطابرضياللهعنه إلى السوق، فَلَحِقَتْ عمرَ امرأةٌ شابَّة، فقالت: يا أمير المؤمنين، هلك زوجي وترَكَ صِبيَةً صغارًا، والله ما يُنْضِجُون كُرَاعًا، ولا لهم زرع ولا ضَرع، وخشيتُ أن تأكلهم الضَّبُع، وأنا بنتُ خُفَافِ بن إيماءَ الغفاريِّ، وقد شهد أبي الحُدَيْبِيَةَ مع النبي صلى الله عليه وسلم، فوقَفَ معها عمر ولم يَمضِ، ثم قال: مرحبًا بنسب قريب، ثم انصرف إلى بعيرٍ ظَهِيرٍ[1] كان مربوطًا في الدار، فحمَل عليه غرارتين[2] ملأهما طعامًا، وحمل بينهما نفقةً وثيابًا ثم ناولها بخطامه[3]، ثم قال: اقتاديه فلن يَفنى حتى يأتيكم الله بخير، فقال رجل: يا أمير المؤمنين، أكثرتَ لها! فقال عمر: ثَكِلَتْك أمُّك، واللهِ إني لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصَرا حِصنًا زمانًا فافتَتحاه، ثم أصبحنا نَستفيءُ سُهْمانَهُما فيه[4].
من فوائد الحديث: 1- بيَّن الراوي أنَّ التي لحقت عمر رضي الله عنه هي امرأة شابَّة لا زالت في مُقتبَل العمر. 2- معنى قولها: "والله ما يُنْضِجُون كُراعًا" أي: لا كراع لهم حتى يُنضجوه، أو لا كفاية لهم في ترتيب ما يأكلونه، أو لا يَقدرون على الإنضاج، يعني أنهم لو حاوَلوا نضج كراع ما قدروا لصغرهم، والكراع من الدواب: ما دون الكعب، ومن الإنسان ما دون الركبة. 3- معنى قولها: "ولا لهم زرع ولا ضَرع، وخشيتُ أن تأكلهم الضبع": ولا لهم زرع؛ أي: نبات، وقولها: "ولا ضرع" كناية عن النَّعم، وقولها: "أن تأكلهم الضَّبع"؛ أي: تُهلكهم السَّنَةُ المُجدبة الشديدة، وأيضًا الحيوان المشهور. 4- قوله: "بنسب قريب" يحتمل أن يريد به قربَ نسبِ غفار من قريش؛ لأن كنانة تجمعهم، ويحتمل أنه أراد أنها انتسبَت إلى شخص واحد معروف. 5- قوله: "ثَكِلَتْك أمُّك" هي كلمة تقولها العرب للإنكار، ولا يريدون حقيقتها؛ كقولهم: "تربت يداك، وقاتلك الله"، ومعناها الحقيقي: فَقَدَتْكَ أمُّك، وهو الدعاء بالموت؛ مِن الثُّكل، وهو: فَقْدُ الولد. 6- هؤلاء أربعة في نسق واحد، كلُّهم له صحبة، وهم بنت خفاف، وخفاف، وأبوه إيماء، وجده رَحَضَة. 7- قوله: "حِصْنًا" أي: حصنًا مِن الحصون فافتتحاه، وكان ذلك في غزوة لم يدر أي غزوة كانت، قيل: يُحتمل أن تكون خيبر؛ لأنها كانت بعد الحديبية، ولها حصون قد حوصرت. 8- قوله: "نَسْتَفِيء" من استفأت هذا المال، أي: أخذته فيئًا، أي: نطلب الفيء من سُهمانهما، وسمي فيئًا؛ لأنه مال استرجَعه المسلمون من يد الكفار، ومنه: ﴿ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ ﴾ [النحل: 48]؛ أي: ترجع على كل شيء من حوله، ومنه ﴿ فَإِنْ فَاؤُوا ﴾ [البقرة: 226]؛ أي: رجعوا، والسُّهْمان: جمعُ سَهم، وهو النصيب[5]. 9- فضل من شهد الغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم. 10- تقدير وإكرام عمر رضي الله عنه لأبناء السابقين الأولين[6]. 11- قد يكون عمر رضي الله عنه خارجًا للسوق، إمَّا لحاجته، أو لتفقُّد أحوال الناس. 12- كانت لغة المرأة راقية، وأسلوبها رائعًا، ومؤثِّرًا، وكانت لغة القوم في ذلك الوقت فصيحة، خالية مِن اللحن، بخلاف واقعنا الحالي. 13- هذه المرأة قدَّمت حاجتها، ثم عرَّفت بنفسها، فلم تكن متسوِّلة، إنما كانت تمرُّ بأزمة؛ بسبب فقد الوالد والزوج. 14- وجود الزوج للمرأة ستر وكَفاف. 15- لولا حاجة هذه المرأة، لما كشفت عن نفسِها. 16- كانت فرصة لهذه المرأة؛ فقد ساق الله لها عمر رضي الله عنه دون أن تذهب إليه. 17- إذا هلك الزوج، وترك صِبيةً صغارًا، وخلَّف زوجة شابَّة، يختلُّ توازُن الأسرة، وتتكدَّر أحوالها، وتُصبح في وضع ماليٍّ سيئ، ما لم يكن الزوج غنيًّا. 18- تفاؤل عمر رضي الله عنه. 19- أهمية البطانة الصالحة للوالي، وإن لم يكن هناك بطانة، فلتكن فطنة الوالي، فرفيق عمر رضي الله عنه أنكر عليه إكرامه للمرأة، وعمر رضي الله عنه لم يُبالِ بكلامه، وأقدم على ما رآه. 20- شجاعة والدها وأخيها؛ حيث حاصَرا حِصنًا حتى افتَتحاه. 21- إيجابية عمر رضي الله عنه، وتفاعله المباشر مع حالة المرأة. 22- على الوالي أن يهتمَّ برعيته، ويتتبَّع حاجاتهم، ويقوم على شؤونهم، ولا يغفل عن ذلك؛ لأنَّه مسؤول عنهم يوم القيامة. [1] ظهير؛ أي: قويُّ الظَّهر معَد للحاجة؛ (عمدة القاري؛ للعيني 26 / 11). [2] غرارتين تثنية غرارة، وهي: التي تتخذ للتِّبن وغيره، (المرجع السابق). [3] قوله بخطامه؛ أي: بخطام البعير، وهو الحبل الذي يقاد به، سمي بذلك لأنه يقع على الخطم، وهو الأنف؛ (عمدة القاري؛ للعيني 26 / 11). [4] صحيح البخاري 1 / 265 رقم: 4160، 4161. [5] من 2 - 8 مستفاد من: عمدة القاري؛ للعيني 26 / 11 وما بعدها. [6] التوضيح لشرح الجامع الصحيح؛ لابن الملقن 21 / 308.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
نبيل العوضي - قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه | سلطان الزين | صوتيات أحاسيس الأسلاميه | 9 | 23-Nov-2024 11:40 AM |
الشيخ عثمان بن محمد الخميس الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه | سلطان الزين | صوتيات أحاسيس الأسلاميه | 10 | 19-Nov-2023 06:51 PM |
زيد بن الخطاب رضي الله عنه | * السلطان * | قسم الرسول مع حياة الصحابة | 17 | 15-Sep-2023 01:07 AM |
تأملات قرأنية(تجليات رحمة الله لعباده في رحمة الأم برضيعها) | نزف القلم | أحاسيس القران وعلومه | 10 | 24-Aug-2023 05:31 PM |
رحمة الله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم | سحآب | قسم الرسول مع حياة الصحابة | 13 | 29-Jul-2023 09:07 PM |