|
فـعـآلـيـآت آلـمـنـتـدى | ||||
#1
|
|||||||
|
|||||||
الصلاة الوسطى
أمر الصلاة عظيم، وشأنها عند الله تعالى كبير، وقد عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء السابعة لتفرض عليه، ويكلمه الله تعالى بفرضها مباشرة وبلا وساطة. والصلوات الخمس تتفاضل، وأفضلها صلاة العصر، ولها ذكر كثير في الكتاب والسنة:
فمن فضائل صلاة العصر: أنها الصلاة الوسطى المذكورة في قول الله تعالى { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى } [البقرة: 238] وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةُ الوُسْطَى صَلَاةُ العَصْرِ» رواه الترمذي وقال: حديث حَسَنٌ صَحِيحٌ. ومن فضائل صلاة العصر: أن جمعا من السلف ذكروا أنها الوقت المراد بالإشهاد على الوصية فيه في قول الله تعالى {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ } [المائدة: 106] قال سعيد بن جبير رحمه الله تعالى: «إذا كان الرجل بأرض الشرك، فأوصى إلى رجلين من أهل الكتاب، فإنهما يحلفان بعد العصر». وقد عمل بذلك الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، كما روى الشَّعْبِيُّ رحمه الله تعالى: «أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ بِدَقُوقَاءَ وَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُشْهِدُهُ عَلَى وَصِيَّتِهِ فَأَشْهَدَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَدِمَا الْكُوفَةَ فَأَتَيَا أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ، فَأَخْبَرَاهُ وَقَدِمَا بِتَرِكَتِهِ وَوَصِيَّتِهِ، فَقَالَ الْأَشْعَرِيُّ: هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَحْلَفَهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ بِاللَّهِ مَا خَانَا وَلَا كَذَبَا وَلَا بَدَّلَا، وَلَا كَتَمَا، وَلَا غَيَّرَا، وَإِنَّهَا لَوَصِيَّةُ الرَّجُلِ وَتَرِكَتُهُ فَأَمْضَى شَهَادَتَهُمَا» رواه أبو داود. وما ذاك إلا لعظم صلاة العصر، وفضيلة الوقت الذي بعدها، فالحلف فيه ليس كالحلف في غيره من الأوقات، ويؤيد ذلك حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ... وذكر منهم: وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ العَصْرِ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ...» رواه الشيخان. قال العلماء: «وتخصيصه بما بعد العصر يدلّ عَلَىً أن لهذا الوقت منْ الفضل والحرمة ما ليس لغيره منْ ساعات اليوم، وإنما كَانَ ذلك؛ لأنه عقب الصلاة الوسطى، ولما كانت هذه الصلاة لها منْ الفضل، وعظيم القدر أكثر مما لغيرها، فينبغي لمصلّيها أن يظهر عليه عقبها منْ التحفّظ عَلَى دينه، والتحرّز عَلَى إيمانه؛ أكثر مما ينبغي له عقب غيرها؛ لأن الصلاة حقّها أن تنهى عن الفحشاء والمنكر». وجاء في سيرة عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى أن من اتهم بالخيانة من عماله ولا بينة على خيانته فإنه يستحلف دبر صلاة العصر أنه ما خان ويخلى سبيله، وإلا عوقب. ومن فضائل صلاة العصر: أن جمعا من المفسرين ذكروا أنها الصلاة التي فاتت نبي الله سليمان عليه السلام لما شغلته الخيل عنها، فذبحها إعظاما لصلاة العصر { وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ } [ص: 30 - 33]. ذكر الْحَسَنُ وقتادة رحمهما الله تعالى أن سليمان عليه السلام قَالَ :«لَا وَاللَّهِ لَا تَشْغَلِينِي عَنْ عِبَادَةِ رَبِّي آخِرَ مَا عَلَيْكِ. ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَعُقِرَتْ». وَقَالَ السُّدِّيُّ رحمه الله تعالى: «ضَرَبَ أَعْنَاقَهَا وَعَرَاقِيبَهَا بِالسُّيُوفِ». ومن فضائل صلاة العصر: أنها صلاة مشهودة تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ» متفق عليه. ومن فضائل صلاة العصر: أن من أداها يؤتى أجره مرتين؛ كما في حديث أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ بِالْمُخَمَّصِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ عُرِضَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَضَيَّعُوهَا، فَمَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ...» رواه مسلم. ومن فضائل صلاة العصر: أن حبوط العمل يكون بتركها، ولم يرد ذلك في غيرها، كما في حديث أَبَي المَلِيحِ المدني قَالَ: «كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ، فَقَالَ: بَكِّرُوا بِالصَّلاَةِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ العَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ» رواه البخاري. وهذا يدل على فضل صلاة العصر، كما يدل على خطورة التفريط فيها؛ إذ إن العمل يحبط بتركها. ومن فضائل صلاة العصر: أن من فاتته فكأنه خسر أهله وماله؛ كما في حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الَّذِي تَفُوتُهُ صَلاَةُ العَصْرِ، كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ» رواه الشيخان، قال ابن الأثير رحمه الله تعالى: «شبه ما يلحق من فاتته صلاةُ العصر بمن قُتل حميمه أو سُلب أهله وماله». ولو قيل لمفرط في صلاة العصر، مضيع لها، ينام عنها إلى مغيب الشمس، إنك بتركك لها تفقد ولدك ومالك لحافظ عليها، ولم تفته التكبيرة الأولى منها عمره كله. والموتور في دينه وصلاته أبأس حالا، وأتعس حظا، وأفدح خسارة، وأعظم مصيبة ممن فقد أهله وولده وماله، فما بال كثير من المسلمين يفرطون في الصلوات وفي صلاة العصر، ولا يبالون؟! نسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين، وأن يوفقنا وأهلنا وذرياتنا وأحبابنا لتعظيم قدر الصلاة والمحافظة عليها، وإقامتها على الوجه الذي يرضاه عنا، إنه سميع مجيب.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أخلاق يحبها الرسول عليه الصلاة والسلام | البارونه | قسم الرسول مع حياة الصحابة | 14 | 11-Nov-2024 06:28 AM |
الصلاة والرزق فيها | سليدا | نفحات ايمانيه | 12 | 06-Nov-2024 06:32 PM |
اركان الصلاة بالصور | سليدا | نفحات ايمانيه | 12 | 06-Nov-2024 06:30 PM |
إذاقمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم | نزف القلم | نفحات ايمانيه | 6 | 15-Dec-2023 04:45 PM |
أفضل قلاع القرون الوسطى حول العالم | البارونه | السياحة وعجائب الدنيا | 11 | 13-Dec-2023 06:37 PM |