بعض المشاعر تقتلنا إن لم نسمح لها بالعبور
وليس من وَجدٍ يحرقُنا غير ذلك المكبوت حتى حين
هل يُسأل الموت يوماً عن موعد؟
هكذا ذلكم الشوق المصاحب لنا حتى في أضعف لحظات عمرنا
ونحن بين هذه وتلك ننزف بسعادة
وثمَّة ابتسامة على المُحيَّا مصحوبة بتعرُّقٍ فوق الجبين
يا إلهي كم هي هكذا عذبة شجيَّة
أن تعيش في جماعة وهم قد لا يدركون عن حالك
ولا يعلمون عنك شيء غير أنك أنت
نعم فقط أنت بكل ما فيك من ثوابت
وبينما تلك المصفوفة بداخلك في حالة شبه عدم استقرار
بيانات متشابهة وأطروحات مختلفة ورغم سكونك
إلا أنها لاتزال بتلك الحالة من الديمومة المتغيرة
لا حل واحد يجمع تلك المصفوفة بكل احتمالات الفشل والنجاح
ولستُ هنا ذو الشخصية الميكافيلية التي تسعى للاستفادة من كل الأوضاع
وأبداً لم ولن يكون ذات يوم
كان ذلك الرجل يستحق أن أغرق فيه منذ لحظة سؤاله (من أنت؟).
لنمضي سوياً متطلعين ببصرينا نحو تلك الحقول الخضراء
ونحن نسلك ذلك الطريق الترابي وسط الزراعات
ولا ينقطع الحديث بيننا عن كل شيء يخصنا
حتى وصلنا لتلك الدار القديمة بوسط القرية حيث توجد بداخلها تلك السيدة
صاحبة العصى السحرية التي لطالما كانت هي المرشد والرقيب
لكل من وُلد بتلك الدار التي على الرغم من بساطتها كانت عندي هي القصر
وكم كان حزني عليها يوم فارقتها بعد خلاف بيني وبين الوالد
قام بطردي على أثرها لينقطع الحديث بيننا لمدة 5 سنوات كاملة
رغم عودتي للبيت بعدها بأسابيع قليلة وبرغبة من والدي
ولكنني لا أغفر بسهولة حتى لو كان صاحب الذنب هو أبي
ليس لشيء تعلق بالقلب ولكنه كان نوع من العتاب
فكان صمتي أكبر عقاب لوالدي على فعلته
عقوبة مغلظة على الطرفين كنت أنا من يتحمل الذنب الأعظم فيها
ولكن ما العمل؟ وكما يقولون من الحب ما قتل
وكم يعلم الله كم كنت أحب وأقدر هذا الرجل
ولكن لأن ذلك القلب لم يكن يحمل سوى الخير والصدق للجميع
ومن بين جميع الإخوة كنت أنا الصديق الأقرب له
رغم خلافاتنا الظاهرة إلا أنه لم يكن يفعل شيئاً أو يتخذ قراراً
دون علم مني أو استشارة وموافقة
دخلت وبصحبتي صديقي الجديد والفريد
وعلى الموقد الخشبي غلاية الشاي
ألقيت السلام وقبلت يديها وكما فعلت فعل صديقي الجديد
مضت دقائق كثيرات نتحدث مع أمي
وهي تتحدث مع صديقي ومع كؤوس الشاي التي تناولناها
حتى دخول العديد والعديد من الأصدقاء
صديق جديد وغريب يدخل بيننا
وكما هي كانت عادتنا مع كل صديق يأتينا بصحبة أحد الأصدقاء من القرية
يكون الجميع بالجوار للترحيب والمجاملة
قضيناها ليلة مملوءة بألفة وصداقة لازالت حتى اللحظة بذاكرتي
وعند منتصف الليل حان وقت انصراف الصديق
ذهبنا بصحبته مع ابن العم العزيز وهو الصديق المشترك
وبين برد الزراعات كنا نتوقف لحظات لتبادل النكات والحكايات
حتى وصلنا لذلك البيت الذي تسكنه تلك الجنية الصغيرة
وما إن اقتربت الأصوات حتى شاهدت النافذة وقد فتحت
لتطل منها ذات الجلسة المسائية بتلك الزاوية البعيدة في ركنها القصي
لأراها كما بدر ترك النجوم واختار العزلة في تلك النافذة الخشبية
فقط كي أراه حين يسمع صوتي
وفقط كي أنعم بنوره حين يحملني بساط الشوق
وحين في ركاب الحمقى أعبر من فوهة بركاني الساكت حتى حين
لم أحظى سوى بتلك النظرة لشهور وأيام
كانت تلك آخر شيء رأيته منها في تلك الليلة
ولعدة طبقات من الوجع كانت تمر تلك الذكرى
لا ينتهي إلا بذلك الطيف ذو الوجه البريء
كم أنت مهلك أيها القلم المكسور والعاجز عن رسم شفتيها قبل الابتسام!