|
فـعـآلـيـآت آلـمـنـتـدى | ||||
#1
|
|||||||||
|
|||||||||
من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم
من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم
الشيخ طه محمد الساكت عَنْ جَابِر بْن عَبْدِاللَّهِ الْأَنْصَارِيّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ قَبْلِي، كانَ كُلُّ نَبِيٍّ يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وبُعِثْتُ إلى كُلِّ أحْمَرَ وأَسْوَدَ، وأُحِلَّتْ لِيَ الغَنَائِمُ، ولَمْ تُحَلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، وجُعِلَتْ لِيَ الأرْضُ طَيِّبَةً طَهُورًا ومَسْجِدًا، فأيُّما رَجُلٍ أدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ صَلَّى حَيْثُ كَانَ، ونُصِرْتُ بالرُّعْبِ بيْنَ يَدَي مَسِيرَةِ شَهْرٍ، وأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ)). المفردات: ((أُعْطِيتُ خمسًا لم يُعطهن أحد من قبلي))؛ أي: أعطاني الله تعالى، فالفعل مبني للمعلوم للعلم بالفاعل، و((خمسًا)): مفعول ثانٍ؛ أي: خمس خصال، ((لم يُعطهن أحد من قبلي)): الضمير المتصل مفعول ثانٍ مقدم، و((أحد)) نائب الفاعل، و((كان)): مفعولًا أول، والأصل: لم يعط الله تعالى أحدًا هذه الخصال من قبلي. و((بُعثت إلى كل أحمر وأسود)): الأسود: العرب والسودان، والأحمر من عداهم من العجم وغيرهم، وقيل: الأسود: السودان، والأحمر من عداهم من العرب وغيرهم، والمراد على كلٍّ من القولين أنه بُعث إلى الناس كافة كما في إحدى الروايات، وقيل الأحمر: الإنس، والأسود: الجن، وذلك صحيح أيضًا فقد بُعث إلى الإنس والجن جميعًا، كما هو ظاهر من قوله تعالى: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾[الفرقان: 1]. ((وأُحِلت لي الغنائم ولم تُحَلَّ)): ولم تُحَلَّ بالبناء للمجهول من أحَلَّ خلاف حرَّم؛ وهذا مناسب لقوله: ((وأُحِلَّت)). ويجوز: ولم تحِلَّ، من حلَّ الشيء خلاف حرم. والغنائم: جمع غنيمة، وفي رواية المغانم: جمع مَغْنَم، وهي ما حصل عليه من قتال الكفار في سبيل الله لإعلاء كلمة الله. ((فأيُّما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان)):فأيُّما،الفاء: فاء الفصيحة واقعة في جواب شرط مقدر، وأي: شرطية مبتدأ وما: زائدة؛ لزيادة التعميم المستفاد من أي، ورجل: مضاف إليه، وأدركته: فعل الشرط. وصلى جواب الشرط، وحيث: ظرف مكان مضاف إلى جملة كان وهي تامة، وخبر أي فعل الشرط أو جوابه أو هما معًا على الخلاف بين النحويين. قال العيني في رواية البخاري: ((فأيُّما رَجُلٍ مِن أُمَّتي أدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ)) قال أدركته جملة من الفعل والفاعل والمفعول صفة لرجل، فليصلِّ: خبر المبتدأ، ودخول الفاء؛ لأن فيه معنى الشرط[1]. ((ونُصرت بالرعب بين يدي مسيرة))؛ أي: نصرني الله تعالى على الكفار بالخوف الذي يقذفه في قلوبهم، على مدى مسافةٍ يقطعها السائر في شهر، والمسيرة مصدر بمعنى السير، وبين يديها؛ أي: أمامها[2]. ((وأُعطيت الشفاعة))؛ أي: أعطاني الله الشفاعة العظمى وخصني بها، وهي الشفاعة العامة التي تكون في المحشر حينما يفزع الخلائق جميعًا إليه صلى الله عليه وسلم مؤمنهم وكافرهم؛ ليستريحوا من هول الموقف وكربه! خلاصة المعنى: فضل الله تعالى بعض النبيين على بعض، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ﴾[الإسراء: 55]، وكما قال تعالى: ﴿ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ﴾ [البقرة: 253]. ويخبرنا صلى الله عليه وسلم ببعض الفضائل الكثيرة والخصال الجمة التي فضله الله تعالى بها على غيره من الأنبياء تحديثًا بنعمة الله عليه امتثالًا لقوله عز وجل: ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [الضحى: 11]، ومن شكر النعمة التحدث بها، وهي كثيرة[3]. وظاهر هذا الحديث بمفهومه يدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يُعط غير هذه الخصال الخمس؛ فقد روى مسلم من حديث أبي هريرة: ((فُضِّلْتُ على الأنبياءِ بسِتٍّ: أُعطيتُ جوامعَ الكلِمِ، ونُصِرْتُ بالرُّعبِ، وأُحِلَّتْ لي الغنائمُ، وجُعِلت لي الأرضُ طَهورًا ومسجدًا، وأُرسِلْتُ إلى الخَلقِ كافَّةً، وخُتِم بي النَّبيُّونَ))؛ فزاد خصلتين عن حديث جابر وهما: أعطيت جوامع الكلم، وخُتم بي النبيون؛ لنحصل منه ومن حديث جابر على سبع خصال. ولمسلم أيضًا من حديث حذيفة ((فُضِّلْنا علَى النَّاسِ بثَلاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنا كَصُفُوفِ المَلائِكَةِ، وجُعِلَتْ لنا الأرْضُ كُلُّها مَسْجِدًا، وجُعِلَتْ تُرْبَتُها لنا طَهُورًا، إذا لَمْ نَجِدِ الماءَ)) وذكر خصلة أخرى، وهذه الخصلة المبهمة بيَّنها ابن خُزيمة والنسائي وهي: ((وأُعطيتُ هذه الآياتِ من آخِرِ سورةِ البَقَرةِ من كَنزٍ تحتَ العرشِ، لَمْ يُعْطَهَا أَحَدٌ قَبْلِي، وَلَا يُعْطَاهَا أَحَدٌ بَعْدِي))، يشير بذلك إلى ما حَطَّه الله تعالى عن أمته من الإصْر وتحميل ما لا طاقة لهم به ورفع الخطأ والنسيان؛ فصارت الخصال تسعًا بعد ضم الخصلتين اللتين زادهما حديث حذيفة على ما سبق، ذلك إلى خصال أخرى رواها الإمام أحمد وغيره فيما اختُص به صلى الله عليه وسلم. ولنا في التوفيق بين الروايات المتعددة طريقان: أولهما: لعله صلى الله عليه وسلم اطَّلع أولًا على بعض هذه الخصوصيات فأخبر بها، ثم اطلع على بعضٍ آخر فأخبر به، وهكذا يخبر في كل حالة بما علم، وقد يذكر بعضها لمناسبات مختلفة، ومعروفٌ أن الصحابة ما كانوا مبلغين الحديث عنه في آنٍ واحد، بل في أوقات مختلفة، وقد يسمع أحد ما لا يسمعه الآخر؛ فيخبر كل واحد منهم بما سمع وبما علم. ثانيهما: أو نقول إن مفهوم العدد ليس بحجة ولا بد من الحصر؛ فلا تنافي بين الروايات، فيجوز لمن عنده خمسون دينارًا مثلًا أن يقول: عندي عشرة دنانير؛ لأنه صادق، والباقي مسكوت عنه. وقد ذكر في هذا الحديث خمسًا من هذه الخصائص: أولها: أنه بُعث إلى الناس كافة بل إلى الثَّقَلين: الإنس والجن، بل إلى جميع الخلائق من الإنس والجن والملائكة؛ كما في رواية أبي هريرة ((وأرسلت إلى الخلق كافة)) وهي أصرح الروايات وأشملها، وهي مؤيدة لمن ذهب إلى إرساله صلوات الله وسلامه عليه إلى الملائكة أيضًا؛ إلا أن بعثته إلى الملائكة بعثة تشريف لا تكليف؛ لأنهم مجبولون على الطاعة ﴿ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾[التحريم: 6]. وكان كل رسول قبله يرسل إلى قومه خاصة، حتى نوح عليه السلام أُرسل إلى قومه خاصة؛ قال تعالى:﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ ﴾[نوح: 1]، وصادف أنهم كل من في الأرض حينئذٍ، فهذا أمر اتفاقي لم يكن في أصل بعثته. ثانيها: أن الله تعالى أحل له الغنائم، بل هي أطيب الحلال له ولأمته، وكانت محرمة على الرسل وأممهم من قبله؛ لأن منهم من لم يُؤذن له في الجهاد أصلًا، ومنهم من أُذن له فيه، فكانوا يجمعون الغنائم ثم تأتي نار من السماء فتأكلها، كما جاء في الصحيحين في شأن يوشع بن نون[4] عليه السلام لما غزا وحبس الله له الشمس[5]؛ قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ الشَّمسَ لم تُحبَسْ إلَّا ليُوشعَ بن نونٍ لياليَ سار إلى بيتِ المقدِسِ))[6] ثالثها: أن الله تعالى خصَّه وأمته تبعًا له بأن جعل لهم الأرض كلها طيبةً وطهورًا ومسجدًا، فمن لم يجد الماء تيمَّم بتراب الأرض، فصلى حيث كان، ولا يُؤخِّر الصلاة ليصليها في مكان خاص. رابعها: أن الله تعالى نصره على أعدائه بالخوف الذي يقذفه في قلوبهم، على مسافة شهر؛ وجعل الغاية شهرًا؛ لأنه لم يكن بينه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وبين بلاد الأعداء من كل جهة أكثر من شهر. وتشير هذه الفضيلة إلى قوله تعالى: ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ﴾[آل عمران: 151]. خامسها: أن الله أعطاه الشفاعة العظمى، وهي الشفاعة العامة التي تعم أهل المحشر جميعًا لإراحتهم من هول الموقف وكربه، وهي الشفاعة الموعود بها، والمقام المحمود الذي ادَّخره الله تعالى له، وفيه الإشارة بقوله تعالى: ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ﴾[الإسراء: 79]. بعض ما يُؤخذ من الحديث: ومما يُؤخذ من الحديث تفضيله صلى الله عليه وسلم على جميع النبيين والمرسلين، وتفضيل أمته تبعًا له على سائر الأمم. ويُؤخذ منه إباحة التيمم بجميع أجزاء الأرض؛ لقوله: ((وجُعِلت لي الأرضُ طيبةً طَهورًا ومسجدًا)) وإلى ذلك ذهب مالك وأبو حنيفة، وذهب الشافعي وأحمد إلى إباحة التيمم بالتراب خاصة محتجين بالرواية الأخرى ((وجُعِلَتْ تُرْبَتُها لنا طَهُورًا))، وحملوا الرواية الأولى المطلقة على هذه الثانية المقيدة. ويُؤخذ منه أيضًا إباحة الصلاة على جميع أجزاء الأرض إلا ما ورد النهي عنه من المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام وفي معاطن الإبل "أي: مباركها" وفوق ظهر بيت الله الحرام عز وجل. وأما من كان قبلنا فإنما أُبيح لهم الصلوات في مواضع مخصوصة كالبيع والكنائس، وقِيل: إن من كانوا قبلنا كانوا لا يصلون إلا فيما تَيَقنوا طهارته من الأرض؛ وخُصصنا نحن بجواز الصلاة في جميع الأرض إلا ماتيقنَّا نجاسته. ويُستنبط من ذلك فضل العناية بالصلوات الخمس المفروضة والاهتمام بها متى حل وقتها، وأنه لا عذر لأحدٍ كائنًا من كان في تأخيرها عن وقتها، وصدق الله ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾[النساء: 103] كتابًا؛ أي: مكتوبًا مفروضًا، موقوتًا؛ أي: مقدار وقتها لا يحل التأخير عنه. [1] انظر العمدة، ج 4، ص 9، طبعة منير الدمشقي. [2] يقال: بين يديك لكل شيء أمامك، ومنه قوله تعالى: ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ﴾[طه: 110]. القاموس وشرحه، جـ 10، ص 419. [3] ذكر أبو سعد النيسابوري في كتاب شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم أن عدد الذي اختص به نبينا صلى الله عليه وسلم من بين الأنبياء ستون خصلة. وفي المواهب أن خصائصه صلى الله عليه وسلم كثيرة جدًّا. وانظر الفتح، جـ 1، ص 456. وشرح المواهب، جـ 5، ص 188. [4] وهو فتى موسى الذي سافر معه إلى الخضر، ثم كان نبيًّا من الأنبياء الذين بُعثوا في بني إسرائيل بعد موت موسى عليه السلام. [5] وحبس الله له الشمس: تأخّرت عن دورانها وحركتها في الغروب. [6] أبلغنا الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث أن يوشع بن نون غزا بذلك الجيش يوم الجمعة إلى إحدى القرى، وخاف من أن يجيء عليه الليل قبل أن يتم الفتح؛ وذلك لأن دخول الليل يعني دخول يوم السبت، والقتال محرم في هذا اليوم على بني إسرائيل، فتوجه يوشع بن نون للشمس وقال لها: إنك مأمورة وأنا مأمور، ثم دعا ربه قائلًا: اللهم احبسها علينا، فاستجاب الله دعاءه، فأخّر الغروب حتى حصل النصر، وهذه آية من آيات الله تعالى، انظر صحيح مسلم بشرح النووي- باب "تحليل الغنائم لهذه الأمة خاصة" من كتاب الجهاد والسير، جـ 12، ص 51، وفي زاد مسلم جـ 1 ص 245، وانظره أيضًا في موضعين من هداية الباري للبخاري: كتاب فرض الخمس باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: أحلت لي الغنائم، جـ 2، ص 260 وغيرها.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
طهارة نسب النبي صلى الله عليه وسلم | نزف القلم | قسم الرسول مع حياة الصحابة | 15 | 26-Dec-2023 07:44 PM |
صفة حوض النبي - صلى الله عليه وسلم . | حسن سعد | قسم الرسول مع حياة الصحابة | 14 | 19-Dec-2023 07:23 PM |
مِن كرم النبي صلى الله عليه وسلم | عاشق الغيم | قسم الرسول مع حياة الصحابة | 17 | 17-Sep-2023 12:20 PM |
الكلام على قول النبي صلى الله عليه وسلم: هذا سبيل الله | * السلطان * | قسم الرسول مع حياة الصحابة | 15 | 18-Aug-2023 02:28 PM |
حفيدات النبي صلى الله عليه وسلم | الجرح | قسم الرسول مع حياة الصحابة | 19 | 23-Jul-2023 05:21 AM |