ظاهرة الاحتباس الحراري كابوس حقيقي لم يكشف عن وجهه البشع إلا مؤخراً، وتحديداً في الفترة ما بين شهري يونيو وأغسطس 2021، فقد انتشر الجفاف ومعه الحرائق والفيضانات في قارات آسيا وأمريكا وأوروبا وأفريقيا، نتيجة لتغير في المناخ وتلوث الهواء بغازات ثاني أكسيد الكربون والميثان واكسيد النيتروجين، وكلها تؤدي إلى زيادة حرارة الأرض، وخسائر تقدر بترليونات الدولارات.
بعض العرب وأردوغان لهم رأي مختلف، فهم يعتقدون بوجود مؤامرة خلف حرائق بلدانهم، وأن هناك من يحاول التأثير على اقتصاد دولهم أو إرادتها السياسية، وهو احتمال وارد بالنظر إلى ضبط مشتبه بهم، ربما تصادف وجودهم في مناطق الحرائق، والاحتمال الآخر هو أن الزيادة في الإنتاج المحلي للأكسجين الطبي، وبمعدل ثلاثة أضعاف لمواجهة كورونا، وذلك باستخدام الأكسجين الموجود في الهواء، تسبب في ارتفاع غاز ثاني أكسيد الكربون فيه وزيادة كثافته، وحال دون ارتداد أشعة الشمس، فاتجهت إلى الأرض لترفع درجة حرارتها، ومن حسنات كورونا مساهمتها في خفض الاستثمارات المرتبطة بالوقود الأحفوري، وذلك في فترة الإغلاقات وبما يصل إلى ستة ترليونات ونصف الترليون دولار.
الأصعب هو اعتبار حرائق الغابات مقدمة لقيام نظام عالمي جديد، وبما يؤدي إلى سيطرة الصين على العالم وانهيار المعسكر الغربي، أو القول إن الحرائق لا يمكن أن تحدث نتيجة لدرجات الحرارة العالية، ومن ثم الاستشهاد بعدم وجود حرائق في دول الخليج، وإهمال حقيقة أن هذه الدول صحراوية في معظمها.
ذوبان الجليد في القطبين واحتراق الغابات قد يؤدي إلى كوارث ضخمة، وظاهرة الاحتباس الحراري تلعب دوراً كبيراً فيهما، ولا بد من العمل على حماية الغابات والمساحات الخضراء وتطويرها، لأنها تمثل مستودع الخزن الاستراتيجي للأكسجين، فالغابات الاستوائية توفر ما نسبته 40% من أكسجين الأرض، وتسهم في المحافظة على التنوع الأحيائي، وظهور النبات على الأرض قبل مليارين ونصف المليار سنة، كان سببا في وجود الأكسجين وكل أشكال الحياة فيها.
سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، رفض التضحية بالطبيعة من أجل التنمية، ومبادرة السعودية الخضراء ستعمل على خفض الانبعاثات الكربونية في العالم بنسبة 4%، والمسؤولية مشتركة بين القطاعين العام والخاص، وذلك عن طريق استخدام الطاقة المتجددة والبديلة في إنتاج الكهرباء وفي الزراعة والصناعات بأنواعها، وإقرار خطة محددة بزمن للوصول إلى الحياد الكربوني، والتقارير الأممية توقعت ارتفاع درجة حرارة الأرض بمعدل درجة ونصف الدرجة مئوية في 2100، والعالم سيصل إلى هذا الرقم في 2030 أو قبل 70 سنة من موعده، والحل، كما يراه الأمميون، لا يكون إلا بخفض الانبعاثات العالمية، وبمعدل سنوي لا يقل عن سبعة ونصف في المئة، ولن يتحقق ذلك إلا بتعاون كامل المنظومة الدولية.