|
فـعـآلـيـآت آلـمـنـتـدى | ||||
#1
|
||||||||||||||
|
||||||||||||||
فنجان قهوة على الحائط!
دَخلتُ مقهى في البندقية بإيطاليا، وطلبت كوباً من القهوة وقطعة كيك .. تنقلت بينهما ما بين مُرتشِف وقاضمٍ متأملاً في الهدوء الذي عجَّ به المكان فلا يقطعه إلاَّ قَرع الجرس المُعلَّق على الباب وهو يُعلِن عن دخول أحدهم أو خروج إحداهن .. ومع وصولي لنصف كوب القهوة دخل أحدهم للمكان وسحب مقعداً بجوار طاولتي فسارعه الموظف بعد قليل من جلوسه فقال له الزبون: "لو سمحت، أحضر لي كوباً من القهوة، وكوباً آخر على الحائط!". اندهشتُ من طلبه، وتساءلتُ بيني وبين نفسي عن قصده بـ "كوب قهوة على الحائط"، ولم أجد غير الانتظار والترقُّب لهذا المشهد! وبعد لحظات جاء الموظف وفي يده كوب قهوة واحد فقط، قدَّمه لجاري، ثم أخرج ورقة صغيرة وكتب عليها "كوب قهوة" وتحرَّك نحو الحائط وألصقها عليه وانصرف تاركاً على رأسي صفًّا من علامات الاستفهام والتعجُّب؟! بعدها بدقائق معدودة دخل ثلاثة وكرَّروا ذات المشهد، بأن طلبوا ثلاثة أكواب قهوة وزادوا عليها بكوبين على الحائط، فلم يكن من الموظف إلاَّ أن أحضر لهم الثلاثة أكواب، ومِن ثمَّ ألصق ورقتين على ذات الحائط بعد أن كتب على كل واحده عبارة: "كوب قهوة!" أحسستُ وقتها برغبة عارمة في الصُّراخ بكل أسئلة الاستفسار، إلاَّ أني تذكَّرتُ أني في قارة "كلٌّ في حاله" ولستُ في بلد تتساوى فيه عبارتي "السلام عليكم" و "إيش الحال" في طرحها على الآخر؟! وما هي إلاَّ دقائق حتَّى دخل زبون آخر رثّ المَلْبس إلى حدٍّ ما، فجلس بالجوار فأتاه الموظف فقال له الزبون بهدوء: "كوب قهوة من على الحائط!". فذهب الموظف وعاد بكوب قهوة ووضعه على طاولة الزبون، ثم اتجه صوب الحائط وانتزع إحدى الأوراق الملصقة عليه! وهنا أعتقد أن الفكرة قد وصلت، ويا لدماثة خُلُق صاحبها! إنه التكافل الإجتماعي يا سادة وبطريقة جدًّا مهذَّبة ومحترمة ومكتظة بالذوق! طريقة تضمن لِمَن ليس لديه ثمن كوب قهوة من الفقراء أن يطلبها دون حرجٍ وبهدوء لا يخدش كبرياءه ولا يبعثر كرامته، وفي الوقت ذاته تُعطي للمقتدر فرصة التَّصدق بثمن كوب قهوة دون التأثر ببؤس نظرات الفقير والمحتاج! فكم مِن حائط في مطاعمنا ومقاصف مدارسنا في حاجة لتفعيل هذه الفكرة الرائعة ذات الجوهر الإنساني العتيق! .قصة قصصتُها على كل مَن أعرف، فقابلتني نظرات مجتمع طامح للخير والعطاء. !ليس الخوف أن يحرمك اللهُ وأنت تطيعه، إنما الخوف أن يعطيك اللهُ وأنت تعصيه! ***** للكاتب/ إياد عبد الحي |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
زبون يتصل بالشرطة للإبلاغ عن غلاء فنجان قهوة! | همس الاحساس | • •₪• أخبار وأحداث العالم •₪•• | 9 | 09-Mar-2024 05:09 PM |
كم اعجبني ذلك الحائط | الباز الذهبي | •₪• زاوية حرة •₪• | 5 | 25-Dec-2023 07:24 PM |