نتساءل عن حقيقة الحياة، لأننا نرغب في النجاح والفلاح فيها: فما هي حقيقتها؟ ما هي طبيعتها؟ ما هو السبيل للخروج منتصرين فيها؟
الحياة هي ميدان منافسة، ومن أسباب خلقنا أنا وأنت والآخر أن نعمرها، لنؤدي أدوارنا فيها، لهذا تجد الإنسان يشقى ويتعب، من بداية النهار إلى نهايته، فالأب يسعى لتأمين لقمة العيش لأبنائه، والطالب يدرس ويجتهد ويتعب ليُحصِّل شهادته، والجامعيُّ يقضي جلَّ نهاره بحثًا عن وظيفةٍ يبدأ مشواره الحافل بها ويحقق ذاته.
الحياة مدرسة، فبمجرد استيقاظك من النوم وإقبالك عليها، تتعرض إلى دروس شتى: خيبة أمل، قريب لك مريض، صديق يُجافيك، وأنت بحكمتك وتبصُّرك، تسعى بما أُوتيت من قوة على التعامل مع هذه الظروف، للخروج منتصرًا متقلدًا مُلك النجاح.
تُهديك الحياة لحظات من السعادة، فلا بد أنك لم تكن تتوقع خبرًا سعيدًا ما أثلج صدرك، أو أن من كانت له المعزَّة الكاملة في قلبك، تحسَّنت أحواله، أو أنك ارتقيت في سلم ما، بعد عناء طويل، لتتنفس هواء الراحة والأمل.
تُمكِّنك الحياة من التواصل مع الناس، وربط أواصر الأخوة معهم، تبتسم لابتسامتهم، وتحزن لأحزانهم، لأنك تشعرُ وتحسُّ أنك جزء لا يتجزأ من التَّركيبة معهم، ما يبثُّ شعورًا بالوحدة ورصِّ الصَّف، وهذا أحوج ما يكون إليه الإنسان.
تمنحُك الحياة الخير والأمل والراحة والسعادة والغبطة والتوهج والنور والسمو والارتقاء والتفاؤل، تمنحُك إيجابيات عديدة، تستخرجها أنت من قلبك وصدرك، لتُجمِّل بها عبير الحياة.
حقيقة الحياة مؤلمة ومسعدة، محزنة ومبهجة، منغِّصة وجالبةٌ للأمل، فتقلَّب أنت بين هذه الأحوال، واكتشف بين ثناياها الدروس والعبر، فهي مدرسة، والمدرسة حرمٌ مهيب لمن ابتغى الحكمة وأرادها.