|
فـعـآلـيـآت آلـمـنـتـدى | ||||
#1
|
|||||||
|
|||||||
أقوال وأفعال تخالف العقيدة الصحيحة (1)
إن الحمد لله، نحمَده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]. أما بعد: فهذا الفصل الأول: من كتاب أقوال وأفعال تخالف العقيدة الصحيحة. وأسأل الله أن يضع القبول وأن ينفع الطلاب بها، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الفصل الأول: الكفر: وفيه مباحث: المبحث الأول: رمي المسلم بالكفر: ♦ الأحاديث: 1- عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يرمي رجل رجلًا بالفسوق، ولا يرميه بالكفر، إلا ارتدَّت عليه، إن لكم يكن صاحبه كذلك) [1]. 2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر، فقد باء به أحدهما) [2]. 3- عن عبدالله بن دينار أنه سمع ابن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرئ قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بهما أحدهما، إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه) [3]. 4- عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما رجل كفَّر رجلًا، فإنه كان كما قال، وإلا فقد باء بالكفر)[4]. ♦ معنى الأحاديث الواردة: ذكر الإمام النووي رحمه الله في كتاب: المنهاج شرح صحيح مسلم، قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا كفَّر الرجل أخاه، فقد باء بها أحدهما)، وفي الرواية الأخرى: (أيما رجل قال لأخيه: كافر، فقد باء بها أحدهما، إن كان كما قال، وإلَّا رجعت عليه)، وفي الرواية الأخرى: (ليس من رجل ادَّعى لغير أبيه وهو يعلمه، إلا كفر، ومن ادعى ما ليس له، فليس منا، وليتبوأ مقعده من النار، ومن دعا رجلًا بالكفر، أو قال: عدو الله وليس كذلك، إلا حار عليه). هذا الحديث مما عده بعض العلماء من المشكلات؛ من حيث إن ظاهره غير مراد، وذلك أن مذهب أهل الحق أنه لا يكفر المسلم بالمعاصي؛ كالقتل والزنا، وكذا قوله لأخيه: كافر من غير اعتقاد بُطلان دين الإسلام[5]، والله أعلم. المبحث الثاني: الاستسقاء بالأنواء: ♦ الأحاديث: 1- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما أنزل الله من السماء من بركة، إلا أصبَح فريق من الناس بها كافرين، يُنزل الله الغيث، فيقولون: الكوكب كذا وكذا)[6]. 2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله عز وجل: ما أنعمت على عبادي من نعمة، إلا أصبح فريق منهم بها كافرين، يقولون: الكوكب، وبالكوكب)[7]. 3- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو أمسك الله عز وجل المطر عن عباده خمس سنين، ثم أرسله، لأصبحت طائفة من الناس كافرين، يقولون: سُقينا بنوء المجدح)[8]. 4- عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: مُطر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (قال الله: أصبح من عبادي كافر بي ومؤمن بي)[9]. ♦ معنى الأحاديث الواردة: ما أنزل الله مطرًا بسببها يكفرون بالمعبود والمنعم الذي عليهم ويقولون: سقينا (بنوء المجدح)، هو نجم من نجوم الدالة على المطر عند العرب. وقال الإمام: نور الدين بن عبدالهادي أبو الحسن السندي: (قوله ما أنعمت؛ أي: ما أنزلت عليهم من مطر بها، بكونها من الله ومن فضله كافرين أو بسببها كافرين بالمعبود والمنعم الذي أنعم عليهم؛ لأنها تصير سببًا للنسبة إلى غيره تعالى، الكوكب؛ أي: موجد إياها، وبالكوكب جاءت[10]. المبحث الثالث: حبوط عمل الكافر: ♦ الأحاديث: 1- عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قلت: يا رسول الله، ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم، ويطعم المسكين، فهل ذاك نافعه؟ قال: (لا ينفعه، إنه لم يقل يومًا: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين)[11]. 2- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يُعطى عليها في الدنيا، ويثاب عليها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم حسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة، لم يكن له بها حسنة يعطى بها خيرًا) [12]. ♦ معنى الأحاديث الواردة: دلت الأحاديث الواردة على أن الكافر محبوط عملُه، غير مقبول عند الله سبحانه وتعالى، ولو أنه قام بفعل بعض الأعمال الصالحة؛ مثل: مساعدة المساكين، ووصل الرحم، وغيرهما، فلا ينفعه ذلك، ويعطى جزاءَه في الدنيا، وفي الآخرة يكون أعمالهم هباءً منثورًا، وقال الله تعالى: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾ [الفرقان: 23]. وقال الإمام القاضي عياض رحمه الله: (وقد انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم، ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب)[13]. وذكر الإمام الحافظ الفقيه أبو بكر البيهقي في كتابه البعث والنشور، نحو هذا عن بعض أهل العلم والنظر، قال البيهقي: وقد يجوز أن يكون حديث بن جدعان، وما ورد من الآيات والأخبار في بطلان خيرات الكافر إذا مات على الكفر، ورد في أنه لا يكون لها موقع التخلص من النار وإدخال الجنة، ولكن يخفف عنه من عذابه الذي يستوجبه على جنايات ارتكبها سوى الكفر بما فعل من الخيرات؛ هذا كلام البيهقي[14]. المبحث الرابع: تسمية بعض الأعمال كفرًا: وفيه مطالب: المطلب الأول: تسمية ترك الصلاة كفرًا: ♦ الأحاديث: 1- عن أبي سفيان قال: سمعت جابرًا يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن بين الرجل وبين الشرك والكفر، ترْك الصَّلاة)[15]. 2- وعنه أيضًا رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بين الكُفر والإيمان ترك الصلاة)[16]. 3- عن عبدالله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)[17]. • معنى الأحاديث الواردة أن الفرق بين المسلم والكافر الصلاة، وليس هناك عمل غيره تركه كفر. وقال الإمام: نور الدين بن عبدالهادي أبو الحسن السندي: (إن العهد؛ أي: العمل الذي أخذ الله تعالى عليه العهد والميثاق من المسلمين، كيف وقد سبق أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بايعهم على الصلوات، وذلك من عهد الله تعالى الذي بيننا وبينهم؛ أي: الذي يفرق بين المسلمين والكافرين، ويتميز به هؤلاء عن هؤلاء صورة على الدوام الصلاة، وليس هناك عمل على صفتها في إفادة التميز بين الطائفتين على الدوام، فقد كفر؛ أي: صورة وتشبُّهًا بهم؛ إذ لا يتميز إلا المصلي وقيل: يخاف عليه أن يؤديه إلى الكفر، وقيل: كفر؛ أي: أبيح دمُه، وقيل: المراد منتركها جحدًا، وقال أحمد: تارك الصلاة كافر لظاهر الحديث، والله تعالى أعلم قوله[18]. المطلب الثاني: تسمية قتال المسلم كفرًا: ♦ الأحاديث: 1- عن جرير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في حجة الوداع: استنصت الناس، فقال: (لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض)[19]. 2- عن عبدالله بن مسعود رضي الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)[20]. 3- عن ابن عمر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض)[21]. • معنى الأحاديث الواردة معناه: لا تكن أفعالكم شبيه أفعال الكفار في ضرب رقاب المسلمين، وقيل: لا تكفر الناس فتكفر كما يفعله الخوارج، وقيل: معنى قوله (كفارًا) يعني لأبسين السلاح يقال: كفر فوق درعه: إذا لبس فوقها ثوبًا، وسمي الكافر كافرًا لأنه يستر بكفره الإيمان، وسميت الكفارة كفارة، لأنها تغطي على الآثام[22]. وقال شيخ مشايخنا عبدالمحسن العباد حفظه الله تعالى: (والمقصود بذلك أنه كفر دون كفر، وهو يدل على أن في ذلك نقصًا للإيمان، وإن أريد به أنه كفر مُخرج من الملة، فيكون المقصود أنهم لا يرتدون بعده، فيحصل مع ارتدادهم وكفرهم أن بعضهم يضرب رقاب بعض، ويكون المقصودبذلك ما حصل من بعض الذين ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وقاتلهم الصديق، وكان ذلك من أجل أعماله رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فقد بذل جهده في أن يرجع الناس إلى ما كانوا عليه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فسعى في إصلاح الخلل الداخلي، ثم بعد ذلك انتقل إلى جهاد الكفار وغزوهم في بلادهم بعد أن قاتل المرتدين، فرجع مَن رجع منهم إلى الإسلام، وقُتل مَن قتل منهم على الرِّدة، فإنه يحتمل هذا، ويحتمل أن يكون المقصود به حصول المشابهة للكفار الذين يسهل عليهم القتل، فإن من شأنهم التقاطع وقتل بعضهم بعضًا، وشأن المسلمين بخلاف ذلك، فهم متوادون ومتراحمون ومتعاطفون. وقد جاء في بعض الأحاديث: (سباب المسلم فسوق، وقتاله كفرٌ)، والمقصود من ذلك أنه كفر دون كفر، فيكون ذلك من قبيل المعاصي الكبيرة، ومعلوم أن الذنب الذي يوصف بأنه كفر يكون من أكبر الكبائر، ومن أخطر الأشياء[23]. المطلب الثالث: تسمية تغيير النسب كفرًا: ♦ الأحاديث: عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ليس من رجل ادَّعى لغير أبيه - وهو يعلمه - إلا كفر، ومن ادعى قومًا ليس له فيهم نسب، فليتبوأ معقده من النار)[24]. عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أَبِيهِ فَهُوَ كُفْرٌ»[25]. المطلب الرابع: تسمية الجدال في القرآن كفرًا: ♦ الأحاديث: 1- عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمِرَاءُ في الْقُرْآنِ كُفْرٌ»[26]. 2- عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «جِدَالٌ في الْقُرْآنِ كُفْرٌ»[27]. • معنى الأحاديث الواردة: (المراء) بكسر الميم والمد، (في القرآن كفر)؛ قال المناوي: أي الشك في كونه كلام الله، أو أراد الخوض فيه بأنه محدث أو قديم، أو المجادلة في الآي المتشابهة، وذلك يؤدي إلى الجحود، فسماه كفرا باسم ما يخالف عاقبته؛ انتهى[28]. الجدال: أي الجدال المؤدي إلى مراء ووقوع في شك، أما التنازع في الأحكام، فجائز؛ إن خلا من التعصب والتعنت، وإلَّا كان من أقبح القبائح. [1] صحيح البخاري: (15). [2] صحيح البخاري: ( 26). [3] المرجع السابق. [4] مسند الإمام أحمد (8/ 367). [5] المنهاج شرح صحيح مسلم: (2/ 49) [6] صحيح مسلم: (1/ 59). [7] سنن النسائي: (3/ 164). [8] المرجع السابق. [9] صحيح البخاري: (9/ 145). [10] حاشية السندي على النسائي: (3/ 164). [11] صحيح مسلم:(1/ 136). [12] مسند الإمام أحمد: (19/ 266). [13] المنهاج شرح صحيح مسلم: (3/ 78). [14] مصدر السابق: (3/ 78). [15] صحيح مسلم كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، ج 1، ص 61. [16] سنن الترمذي، باب ما جاء في ترك الصلاة، ج 4، ص 364. [17] سنن النسائي، كتاب الصلاة، باب حكم في تارك الصلاة، ج، ص 231. [18] حاشية السندي على النسائي: (1/ 231). [19] صحيح البخاري، كتاب العلم، باب الإنصات للعلماء، ج1، ص 35. [20] صحيح البخاري، كتاب الأذان، باب ما ينهى من السباب واللعن، ج8، ص15. [21] المصدر السابق كتاب الفتن، ج9، ص50. [22] شرح السنة للإمام البغوي: (7/ 219). [23] شرح سنن أبي داود للعباد: (27/ 2). [24] صحيح البخاري: (3/ 1292). [25] مسلم: (1/ 57). [26]سنن أبي داود: (4/ 328).
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
|
|