رمضان والتربية على ضبط النفس شهر رمضان يربّي المسلم على تهذيب سلوكه، وضبط نفسه، ومن الواجب علينا أن نربي أنفسنا على السلوكيات الرفيعة الدينية التي نتعامل بها في الحياة، ولعل
رمضان والتربية على ضبط النفس
شهر رمضان يربّي المسلم على تهذيب سلوكه، وضبط نفسه، ومن الواجب علينا أن نربي أنفسنا على السلوكيات الرفيعة الدينية التي نتعامل بها في الحياة، ولعل شهر رمضان وفريضة الصيام ونفحات الرحمن فرصة عظيمة لتدريب النفس وتربيتها وتهذيبها؛ فغايةُ العبادات في الإسلام تربية الرُّوح، وتقويم السلوك، ومعالجة الانحرافات، وتوثيق الصلة بالله عز وجل، وقد أمر اللهُ عز وجل المسلمَ بتزكية نفسه، فقال: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 9، 10].
ومن حِكم الصيام: التمرُّن على ضبط النفس، والسيطرة عليها، والقوة على الإمساك بزمامها، حتى يتمكن من التحكُّم فيها ويقودها إلى ما فيه خيرها وسعادتها، فإن النفس أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي، فإذا أطلق المرء لنفسه عِنانها، أوقعته في المهالك، وإذا ملك أمرها وسيطر عليها، تمكن من قيادتها إلى أعلى المراتب وأسنى المطالب.
ومن حكم الصيام أيضًا: كسر النفس، والحد من كبريائها، حتى تخضع للحق، وتلين للخلق؛ فإن الشِّبَع والرِّيَّ ومباشرة النساء يحمل كلٌّ منها على الأشر والبطر والعلو والتكبر على الخلق وعن الحق؛ وذلك أن النفس عند احتياجها لهذه الأمور تشتغل بتحصيلها، فإذا تمكنت منها رأت أنها ظفِرت بمطلوبها، فيحصل لها من الفرح المذموم والبطر ما يكون سببًا لهلاكها، والمعصوم من عصمه الله تعالى.
ومنها أيضًا أنه يحمل المرء على التقوى والعبادة؛ ولهذا نرى الناس في رمضان يكثرون العبادة أكثر منها في غير رمضان؛ فإنه يحملهم على التفرغ للعبادة وذِكر الله سبحانه وتعالى، وقراءة القرآن.
إنها تساعد الشاب على تحمل الصبر على النكاح؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((ومن لم يستطع فعليه بالصوم)).
مَن أظلَّه الشهر الكريم فقد أظلته نعمة أوجبت عليه الشكر، والناس في رمضان بين قائم وصائم ومعتكف، ولكن وصية للصائم: أن عليه بالإخلاص وضبط النفس عند الغضب، والاستفادة من الصيام في أخذ العبر، وللقائم: أن عليه حسن النية، وحضور القلب عند سماع القرآن الكريم، والصبر على القيام والإمام، أما المعتكف فعليه أن يزين المسجد بالعبادة، والصلاة، وقراءة القرآن، وينقطع عن العباد إلى مناجاة رب العباد[1]، وهذه الوصايا تجْمل جميعها في ضبط النفس؛ لأنه بدون ضبط النفس لا تستطيع أن تقوم بتنفيذ تلك الوصايا.
يساعد هذا الشهر في بناء الشخصية السليمة، عن طريق تربية النفس على طاعة الله، وقراءة القرآن الكريم، وتربية النفس وضبطها على القيام بالسلوكيات والأخلاق التي يأمر بها الإسلام، وتربية شخصية إسلامية تحس بالفقراء الذين يتعرضون إلى الجوع والعطش، ومن ثم يدفعها إلى مد يد المساعدة إليهم.
[1] دروس للشيخ محمد الشنقيطي