|
فـعـآلـيـآت آلـمـنـتـدى | ||||
#1
|
|||||||
|
|||||||
آثار الشفاعة في الآخرة
لا خلافَ بين أهل السنة والجماعة على ثبوت الشفاعة في الآخرة، ووجوبِ الإيمان بها، وذلك لما تقدَّم من الآيات والأحاديث الواردة في إثبات ذلك، وبناءً على ذلك فإن للشفاعة آثارًا وفوائد في الآخرة؛ منها:
رحمة أرحم الراحمين: ويدل على ذلك إذنُه لمن شاء من خلقه بالشفاعة؛ النبي صلى الله عليه وسلم والملائكة والمؤمنون والشهداء وغيرهم، وشفاعته هو سبحانه كقوله: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾[سورة البقرة:255]، وكما ثبت في الصحيحين في الحديث الطويل وفيه: ((فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: شَفَعَتِ الْمَلاَئِكَةُ وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ قَدْ عَادُوا حُمَمًا فَيُلْقِيهِمْ فِي نَهْرٍ فِي أَفْوَاهِ الْجَنَّةِ، يُقَالُ لَهُ: نَهْرُ الْحَيَاةِ فَيَخْرُجُونَ كَمَا تَخْرُجُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ))[1]. إن كثيرًا من عصاة المؤمنين يُغفر لهم قبل إدخالهم النار؛ إما بشفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وإما برحمة الله عز وجل على عباده المسلمين، فيخرُج طائفة كثيرة من عُصاة الموحدين لا يعلم عدتَهم إلا الله تبارك وتعالى، وذلك برحمته لا بشفاعة الشافعين، وقد ثبت عند مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش على ولدها، وأخَّر الله تسعًا وتسعين رحمة، يرحم بها عباده يوم القيامة))[2]. كمال شفقة النبي صلى الله عليه وسلم: في يوم القيام تظهر شفقةُ النبي صلى الله عليه وسلم بأمَّته ورحمته بهم، وذلك عندما يرى الناس في ذلك اليوم العصيب حين يَموج الناس بعضهم إلى بعض، فيأتي الناس إلى آدم فيقولون له: اشفع لذريتك، ثم يأتون إبراهيم ثم موسى ثم عيسى، ثم يُؤتى محمدٌ صلى الله عليه وسلم فيقول: أنا لها، فيستأذن على ربه فيُؤذن له، فيقوم بين يديه ويحمَده بمحامد يُلهمه الله، ثم يَخِر ساجدًا تحت العرش ويناجي ربه، فيقال له كما ثبت في الصحيحين: يا محمد ارفع رأسك وقل يُسمع لك، وسلْ تُعطه واشفع تشفَّع، فيقول: رب أمتي أمتي، فيقال: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبَّة مِن برة، أو شعيرة من إيمان، فأخرِجه منها، فأنطلق فأفعَل، ثم أرجع إلى ربي فأحمده بتلك المحامد، ثم أخِر له ساجدًا، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك وقل يُسمع لك، وسلْ تُعطه، واشفع تشفَّع، فأقول: أمتي أمتي، فيقال: لي فمن كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأُخرجه منها، فأنطلق فأفعل، ثم أعود إلى ربي فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدًا، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يُسمع لك، وسل تعطه، واشفع تشفَّع، فأقول: يا رب أمتي أمتي، فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرِجه من النار، فأنطلق فأفعل[3]، وفي هذا الحديث كذلك تتجلى أيضًا رحمة أرحم الراحمين تبارك وتعالى، وكمال شفقة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته، فيُخرج الله تبارك وتعالى من النار من كان في قلبه مثقال حبة مِن برة أو شعيرة من إيمان، ثم يخرج من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، ثم يخرج من كان في قلبه أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمانٍ، فلا يبقى في النار إلا من كان مشركًا بالله عز وجل، وذلك فضلُ الله. رفع درجات بعض أهل الجنة: ومن آثار الشفاعة في الآخرة أن بعض أهل الجنة ترتفع منازلُهم، ودرجاتهم في الجنة، ذكرها ابن أبي العز في شرح الطحاوية كما تقدم. دخول قوم الجنة وقد استوجبوا دخول النار: هذه الشفاعةُ يشفعُها النبي صلى الله عليه وسلم، ومَن شاء الله تبارك وتعالى من المؤمنين، وتقدَّم قولُ ابن أبي العز الحنفي رحمه الله: "شفاعتُه صلى الله عليه وسلم في أقوام قد تساوت حسناتهم وسيئاتهم، فيشفَع فيهم ليدخلوا الجنة، وفي أقوام آخرين قد أمر بهم إلى النار ألا يدخلونها"[4]. وأنه لا يبقى في النار موحِّد، وإنما هي دارُ الكفار والمشركين بالله عز وجل؛ كما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزِن شعيرة، ثم يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن برة، ثم يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه ما يزن من الخير ذرة))[5]. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ويخرج الله من النار أقوامًا بغير شفاعة، بل بفضله ورحمته، ويبقى في الجنة فضلٌ عمن دخلها من أهل الدنيا، فيُنشئ الله لها أقوامًا فيدخلهم الجنة"[6]. هذه آثار الشفاعة في الآخرة، وكلها من فضل الله وإكرامه على الخلق، وكلها بإذنه وتصرُّفه سبحانه، فهو رب كلِّ شيءٍ وخالقه، وكل شيء تحت تصرُّفه، إذا قال للشيء: كُن كان كما أرد، نسأل الله الإخلاص في القول والعمل، وأن يجنِّبنا الزلل في القول والعمل، ونسأله أن يَمُنَّ علينا برحمته ويُكرمنا بفضله وواسع مغفرة، والحمد لله رب العالمين. [1] متفق عليه، واللفظ لمسلم. [2] أخرجه مسلم، كتاب التوبة، باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، برقم (2752). [3] متفق عليه. [4] شرح العقيدة الطحاوية (229). [5] أخرجه البخاري. [6] شرح العقيدة الواسطية - الهراس (215). وكف الأذى: عن الناس بنظر أو لسان أو يد، فيدخل فيه اجتناب الغيبة، وظن السوء، واحتقار بعض المارة، كما يدخل فيه تضييق الطريق عليهم حسًّا أو معنًى، كأن يكون الجالسون ممن يهابهم المارة أو يخافونهم، فيمتنعون من المرور لمصالحهم؛ لأنهم لا يجدون طريقًا إلا ذلك الموضع. ورد السلام: أي: يسلم من المارة، وهو من فروض الكفايات. والأمر بالمعروف: وهو كل ما عرفه الشرع، ودعا إليه فرضًا كان أو نفلًا. والنهي عن المنكر: وهو كل ما أنكره الشرع ونهى عنه نهي تحريم أو تنزيه. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفايات التي إذا قام بها بعض الجالسين سقطت عن الباقين. وفي بعض الأحاديث حقوق أخرى: منها حسن الكلام، وإرشاد ابن السبيل، وتشميت العاطس إذا حمد، وإغاثة الملهوف، وإرشاد الضال، وإعانة المظلوم، وهذه الحقوق وأمثالها تدخل في الأمر بالمعروف، فهي في الحقيقة تفصيل لبعض ما أجمل في حديث أبي سعيد. قال صاحب الفتح (ج6 / 38): "ويؤخذ منه أن دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة لندبه أولًا إلى ترك الجلوس مع ما فيه من الأجر لمن عمل بحق الطريق، وذلك أن الاحتياط لطلب السلامة آكد من الطمع في الزيادة". [1] الأحداث: جمع (حدث) وهو صغير السِّنِّ. [2] انظر: الإصابة 85/ح 3، والخلاصة 115، والرائد 63، والشهاوي 252. [3] وعلى ذلك فهو من قبيل عطف المفردات، وقيل: إن الجلوس منصوب بفعل محذوف مناسب تقديره: "اجتنبوا"، وعلى هذا فهو من عطف الجُمَل ... وفي النحو الواضح الثانوي أن أقل الوجوه تكلفًا في إعراب: "إياكم والرياء": إياكم "باعدوا" و"احذروا" الشر، فإياكم مفعول به في محل نصب بفعلٍ محذوف، والواو حرف عطف، والشر منصوب بفعل محذوف، ويكون العطف حينئذٍ من باب الجمل؛ [انظر: التصريح على التوضيح ص 242/ ج 2]. [4] حريم الدار: ما أضيف إليها من حقوقها ومرافقها.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
24-May-2022, 03:17 PM | #2 |
|
رد: آثار الشفاعة في الآخرة
جزاك الله خير
وبارك الله فيك وبموازين حسناتك يارب |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
24-May-2022, 03:40 PM | #3 |
|
رد: آثار الشفاعة في الآخرة
جزاك الله خيرا ولاحرمك الاجر
بوركت وطرحك الطيب |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
24-May-2022, 03:50 PM | #4 |
|
رد: آثار الشفاعة في الآخرة
الله يعطيك العافيه جزاك الله خير
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
24-May-2022, 10:20 PM | #5 |
|
رد: آثار الشفاعة في الآخرة
جزاااك الله خير ..
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
24-May-2022, 10:47 PM | #6 |
|
رد: آثار الشفاعة في الآخرة
الله يعطيكم العافية،،
دام عطائكم المميز،، لكم مني أرق التحايااا، |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
25-May-2022, 09:27 AM | #7 |
|
رد: آثار الشفاعة في الآخرة
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
25-May-2022, 09:34 AM | #8 |
|
رد: آثار الشفاعة في الآخرة
جزاك الله خير
وجعله في ميزان حسناتك .. |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
25-May-2022, 06:59 PM | #9 |
|
رد: آثار الشفاعة في الآخرة
اسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتك
وَ يجعل الفردوس الأعلى سكنك تقديري لك |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
27-May-2022, 03:01 PM | #10 |
|
رد: آثار الشفاعة في الآخرة
_
، جَزَاكَ اَللَّهُ خَيْر . . . وَأَحْسَنَ إِلَيْكَ فِيمَا قَدَّمَتْ دُمْتُ بِرِضَى اَللَّهِ وَإِحْسَانِهِ وَفَضْلِهِ ~ |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
هم الآخرة وهموم الدنيا | سليدا | نفحات ايمانيه | 8 | 23-Mar-2024 01:25 PM |
من فضائل النبي أنه سيد الأنبياء وصاحب الشفاعة والمقام المحمود | نزف القلم | قسم الرسول مع حياة الصحابة | 12 | 26-Dec-2023 07:39 PM |
آثار قصر حاتم الطائي في توارن | سليدا | السياحة وعجائب الدنيا | 12 | 13-Dec-2023 06:44 PM |
من فضائل النبي: أنه سيد الأنبياء وصاحب الشفاعة والمقام المحمود | سحآب | قسم الرسول مع حياة الصحابة | 10 | 14-Sep-2023 08:49 PM |
آثار الحرام على العبادات | وطن عمري | نفحات ايمانيه | 17 | 17-Jul-2023 10:53 PM |