تقول العرب: "شر البلية ما يضحك"، ويقول الألمان (Shadenfroh) أي الفرح مع الألم والأذى، بينما يستخدم الإنجليز عبارة (Roman Holiday) أي عطلة رومانية، وهي عبارة مأخوذة من قصيدة شايلد - هالود (Childe Haold) للشاعر البريطاني جورج غوردون (Georg Gorden) الذي يضحك رغم الألم والمعاناة الكبيرة، ولقد راج هذا المثل في ثقافتنا حتى أصبح يستخدم عندما يرى الإنسان أمرا غير مقبول، ولكن الناس رغم ذلك يقتنعون به.
يخبرني أحدهم أن أخاه رأى حلماً فاتصل على أحد المفسرين وقص عليه ما رأى، فشخصه صاحبنا بأنه يعاني من ضعف نظر وبحاجة إلى نظارة طبية على وجه السرعة. وبالفعل اقتنع الرائي وذهب يبحث عن النظارة، وعلى الرغم من تأكيد أطباء العيون بأنه نظره سليم تماماً إلا أنه مقتنع أنه بحاجة إلى نظارة طبية.
والسؤال: إلى متى يتمادى هؤلاء المفسرون في الحديث عن مواضيع لا يفقهون فيها شيئاً؟ ماذا تركوا للطب، والفلك، والهندسة، وعلم الاجتماع، وعلم السياسة، وعلى الاقتصاد.. إلخ. كم من شخص تم تشخيصه من قبل مفسر بمرض ما، بل ووصف له العلاج، ثم لنتأمل حال بعض هؤلاء المفسرين؛ إنهم يتحدثون بكل ثقة عن معرفتهم بماضي الإنسان، وبحاضره، بل ومستقبله، ونحن نعلم أن المستقبل يدخل في نطاق الغيب، والغيب لا يعلمه إلا الله. وسيقولون لك إن هناك رموزا وعن طريق فكها يستطيعون معرفة الحلم، ولكن هل هناك قواعد معينة متفق عليها لهذه الرموز ودلالاتها؟ الجواب: لا.. فالموضوع لا يعدو كونه آراء ووجهات نظر، وربما رقص على آلام الناس ومعاناتهم لكسب المشاهدات والمتابعين.
إن المفسر الصادق لا يجزم بصحة تفسيره، بل يقول أعتقد، والعلم بيد الله. فما بالك بمفسر يتهم المتصل بجريمة ما، أو ارتكاب ذنب معين، أو يؤكد له إصابته بمرض، أو تعرضه لسحر.. إلخ. وكل هذه الأمور تتسبب في التأثير النفسي السلبي على الرائي، أحدهم رفع صوته على امرأة مطالبا إياها بالتوبة جراء جريمة الزنا التي ارتكبتها!! ولقد تأكد من ثبوت هذه الجريمة بسبب مكالمة وحلم، ألم يعلم أن ثبوت جريمة الزنا في الإسلام بحاجة إلى أربعة شهود! "إن شر البلية ما يضحك".