|
فـعـآلـيـآت آلـمـنـتـدى | ||||
#1
|
|||||||||
|
|||||||||
المنهزم لا قاع له
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضللْ فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
عبادَ الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فهي أمرُ اللهِ لرسوله، وبها يَسْلَمُ الإنسانُ من طاعةِ الكافرين والمنافقين قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [الأحزاب: 1]. أيها المسلمون، عندما استوتْ سفينةُ نوحٍ عليه السلام على الجوديِّ، خَرَجَ أبناؤه، وانتشروا في الأرض مِن أقصاها إلى أقصاها، وعَمَرُوها مع مرورِ السنينِ وتعاقبِ الأجيالِ تلو الأجيال، كلُّ أمةٍ وقومٍ بالطريقةِ التي تناسبهم وتَتَأتَّى مع ظروفهم، فأسستْ تلكم الأممُ مع هذا التقادمِ معارفَ وعاداتٍ صارتْ نبراسًا لهم وأصولًا لا يمكن أن تهتزَّ ولا ينبغي لها ذلك، فهي الأنسبُ لهم، وهي التي توارثوها كابرًا عن كابر، وفي ذلك آيةٌ عظيمة من آيات الله، قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ﴾ [الروم: 22]. وكانت هذه الأممُ في مسيرتِها الإنسانيةِ بحاجةٍ للمرشدِ إلى الطريقِ الصحيحِ، فبعث اللهُ الرسلَ يبيِّنون لهم الهدى من الضلال، ولو شاء الله لجمع البشر كلَّهم على شريعة واحدة، لكنَّ اختلافَهم الإنساني اقتضى الاختلافَ التشريعي، وإن كان المقتضى من ذلك كلِّه توحيدَ اللهِ عز وجل، قال تعالى: ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ [المائدة: 48]. فإذا اقتضتْ حكمةُ اللهِ اختلافَ البشرِ في الشرائعِ، فلابد أن يظلَّ الاختلافُ قائمًا في سواها من العادات والطبائع، وأن يكونَ لكلِّ أُمَّةٍ خصوصيتُها التي جُبِلت عليها وتطبَّعتْ بها، وأن يكونَ لها هُويتها التي تُميزُّها عن غيرها. أن تكونَ كينونتُها قائمةً ثابتةً راسخة، لا تهتزُّ ولا تنهزمُ مهما كانت الظروف، ومهما تنوَّعت الحروب، ومهما اشتدَّت الضغوط. هُوية الأمةِ سرُّ وجودِها فإذا تحطَّمت الهُوية انتهتْ الأمةُ وذابتْ في سواها من الأمم. وقد كانت أسبابُ الانهزامِ سابقًا بل إلى وقتٍ قريبٍ قليلةً ومعلومةً وحادَّة. أما هي اليوم فكثيرةٌ ومجهولةٌ وناعمة، يقف العاقلُ أمامها حيرانَ وحالُه: تكاثرتِ الظِّباءُ على خِراشٍ وما يدري خِراش ما يصيدُ فها هي وسائلُ التواصلِ الاجتماعيِّ العالمي قد صيَّرت العالم بكافةِ أقطارِه إلى شاشةٍ صغيرة، ترى فيها مجاهيلَ الغربِ والشرقِ يمارسون عاداتِهم وطقوسَهم وفسوقَهم باستمرارٍ يُحيل الأمرَ إلى معايشة، ويُصيِّر الممنوعَ في النفسِ والطبعِ والشرعِ إلى مقبولٍ، بل إلى مرغوبٍ، بل إلى مُفتَخرٍ به. وما فتئ التطبُّع بهم في تصاعدٍ مستمرٍّ، بدأ بالمظاهرِ كالملابس، ثم انتقل إلى السلوكِ كاقتناءِ الكلاب، ثم إلى الكلامِ كالرطانةِ باللغةِ الأجنبية، وها هو يصلُ إلى أخطرِ المراحلِ عقيدةِ الإنسانِ ودينِه، حين يتقبَّلُ المسلمُ أو يحتفي ويحتفلُ بعيدٍ وثنيٍّ نصراني، يقول أصحابُه عن الله عزَّ وجل قولًا عظيمًا: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴾ [مريم: 88 - 92]، وكذلك الاحتفاءُ بأي مظهرٍ من مظاهرِه كشجرةِ عيدِ الميلادِ أو الملابسِ اللَّذين يرمزان إليه وغيرهِما، قال عمر رضي الله عنه: لا تعلَّموا رطانةَ الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسِهم يوم عيدهم؛ فإن السُّخطةَ تنْزل عليهم. إن الأمرَ يا عبادَ اللهِ خطيرٌ جدًّا، يُوجب اليقظة والفطنةَ والتفكيرَ الناقد، ويُحتِّم المسؤوليةَ الفرديةَ والأُبويةَ والاجتماعية، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: « أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». اللهم أصلحنا وأصلح ذرياتِنا، واجعلنا هداةً مهتدين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، أما بعد: فعباد الله، إنَّ الحيرةَ التي تصيبُ العاقلَ من تلكَ المظاهرِ هي بدايةُ الحل؛ لإنَّ الإحساسَ بالألمِ أولُ العلاج. وإننا يا عبادَ الله لئن كنَّا في زمنٍ هذا حالُه، فإنَّ أجرَ مدافعتِه ومقاومتِه مضاعفةٌ بإذن الله؛ فعن أبي أمية الشعباني قال: أتيتُ أبا ثعلبةَ الخشني رضي الله عنه فقلتُ: يا أبا ثعلبةَ كيف تقولُ في هذه الآية: ﴿ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ [المائدة: 105]، قال: أما واللهِ لقد سألتَ عنها خبيرًا، سألتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: بل ائتمروا بالمعروفِ وتناهوا عن المنكرِ حتى إذا رأيتَ شحًّا مطاعًا وهوًى متبعًا ودُنْيا مؤثرةً وإعجابَ كلِّ ذي رأيٍ برأيه، فعليك نفسَك، ودعْ أمرَ العوامِّ؛ فإنَّ مِن ورائكم أيامًا الصبرُ فيهنَّ مثلُ قَبْضٍ على الجمر، للعاملِ فيهنَّ مثلُ أجرِ خمسين رجلًا يعملون مثل عمله، قالوا: يا رسولَ الله أجرُ خمسين منهم؟ قال: خمسين منكم. فأبشروا يا عباد الله، أبشروا ما دمتم متمسِّكين بهدي القرآن الكريم، حريصين على أنفسكم ومن تعولون ألا تصيبهم لوثات الضلال، وصابرين في ذلك محتسبين الأجر راغبين إلى الله أن يعينَكم وينصرَكم ويثبِّتَكم، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾، وقال تعالى: ﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾، وقال عز شأنه: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾. فالحمد لله الهادي السبيل، والحمد لله الناصر المعين، والحمد لله في كل شأن وفي كل حين. ربنا هبْ لنا من أزواجنا وذرياتنا قرةَ أعين واجعلنا للمتقين إمامًا، ربنا اجعلنا مقيمي الصلاة ومن ذرياتنا ربنا وتقبل دعاء. اللهم ارفع عنا الوباء والغلاء، اللهم ارفع عنا الوباء والغلاء، اللهم ارفع عنا الوباء والغلاء، اللهم احفظنا بحفظك واكلأنا برعايتك، اللهم وفِّق ولي أمرنا لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفِّقه ونائبه لما فيه خير البلاد والعباد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا مريئًا نافعًا غير ضار، عاجلًا غير آجل. سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
18-Oct-2023, 09:15 AM | #2 |
|
رد: المنهزم لا قاع له
سَلِمت الأنَامل المُتألِقة لِروعة طَرحها
دَام الحضُور والعطَاء |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
18-Oct-2023, 04:25 PM | #3 |
|
رد: المنهزم لا قاع له
الف
شكر لجمال طرحك الراقي |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
18-Oct-2023, 05:50 PM | #4 |
|
رد: المنهزم لا قاع له
جزاك الله خير
وجعله في ميزان حسناتك .. |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
18-Oct-2023, 10:43 PM | #5 |
|
رد: المنهزم لا قاع له
،
تسسسلم يدك طرح جميل وروعه لاعدمناك ، |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
19-Oct-2023, 12:11 AM | #6 |
|
رد: المنهزم لا قاع له
سَلِمت الأنَامل المُتألِقة لِروعة طَرحها
دَام الحضُور والعطَاء |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
20-Oct-2023, 06:13 PM | #7 |
|
رد: المنهزم لا قاع له
طرح قيم
جزاك الله خير الجزاء |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
21-Oct-2023, 02:38 PM | #8 |
|
رد: المنهزم لا قاع له
-
جزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
22-Oct-2023, 09:10 PM | #9 |
|
رد: المنهزم لا قاع له
::
بارك الله فيك |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
29-Oct-2023, 06:51 PM | #10 |
|
رد: المنهزم لا قاع له
جُزاكّ الله خُير علىّ مُـا قُدمتّ
ورزُقكّ بُكُل حَرف خّطتهَ أناملكّ جُزيل الحُسناتّ |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|