|
فـعـآلـيـآت آلـمـنـتـدى | ||||
#1
|
|||||||
|
|||||||
وقفُة بيانيُة مع سورةً قريًش
مدخل:
اسم السورة برهان وبيان واضح على مكان نزول القُرآن الكريم في بداياته، واسم القبيلة التي وُلد وعاش النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فيها، وتحدَّث لغتها، وهذا في حدِّ ذاتِه دحْضٌ لكلِّ مُشَكِّكٍ في صدْق نبوَّة المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فالمكان موجود، والقبيلة عُرِفَت في التَّاريخ، ولا زالتْ باقيةً إلى يوم الدين. نصُّ السورة الكريمة: قال الله تعالى: ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ*إِيِلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ*فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا البَيْتِ*الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ [قريش: 1-4]. حقيقة الإيلاف بين اللغة والقرآن الكريم: سنحاول - من خلال البحث عن مدْلول الكلِمة في المعاجم العربية - الوقوفَ على المعنى المعجمي السياقي والنسقي للكلمة؛ لندركَ حقيقةَ الإيلاف في سياق النصِّ القرآني الشَّريف، وعلاقة هذه الكلمة بما قبلها وما بعدها. ولهذا جاء في قواميس اللغة: آلفَتِ الإبِلُ: جَمَعَتْ بَيْنَ شَجَرٍ وماءٍ، وألف المَكانَ: ألِفَهُ، وألَّف الدَّراهِمَ: جَعَلَها ألْفًا، فآلَفَتْ هي، وألَّف فُلانًا مَكانَ كذا: جَعَلَهُ يألَفُهُ. والإِيلافُ في التَّنْزيلِ الحكيم: العَهْدُ، وشِبْهُ الإجازَةِ بالخفارَةِ، وأوَّلُ مَنْ أخَذَها هاشِمٌ مِن مَلِكِ الشَّامِ، وتَأويلُهُ: أنَّهُم كانوا سُكَّانَ الحَرَمِ، آمِنينَ في امْتيازِهِم وتَنَقُّلاتِهِم شِتاءً وصَيْفًا، والنَّاسُ يُتَخَطَّفُونَ مِن حَوْلِهِم، فإذا عَرَضَ لَهُم عارِضٌ، قالوا: نَحْنُ أهْلُ حَرَمِ الله، فَلا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ أحَدٌ، أو اللامُ للتَّعَجُّبِ، أي: اعْجَبُوا لإيلافِ قُرَيْشٍ، وكان هاشِمٌ يُؤَلِّفُ إلى الشَّامِ، وعَبْدُ شَمْسٍ إلى الحَبَشَةِ، والمُطَّلِبُ إلى اليَمَنِ، ونَوْفَلٌ إلى فارِسَ، وكان تُجَّارُ قُريْشٍ يَخْتَلفُونَ إلى هذه الأمصارِ بِحِبالِ هذه الإخْوَةِ، فَلا يُتَعَرَّضُ لَهُم، وكانَ كُلُّ أخٍ منهم أخَذَ حَبْلًا منْ مَلِكِ ناحِيةِ سَفَرِه أمانًا لَهُ. وألَّفَ بَيْنَهُما تَأليفًا: أوْقَعَ الألْفَةَ، وألَّف ألِفًا: خَطَّها، وألَّف الألْفَ: كَمَّلَهُ. والمُؤَلَّفةُ قُلُوبُهُم مِنْ سادةِ العَرَبِ: أُمِرَ النبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بِتَألُّفِهِم، وإعْطائِهِم لِيُرغِّبُوا مَنْ وَرَاءَهُم في الإسْلامِ، وهُم: الأقْرَعُ بنُ حابسٍ، وجُبَيْرُ بنُ مُطْعم، والجَدُّ بنُ قَيْسٍ، والحارثُ بنُ هِشامٍ، وحَكيمُ بنُ حِزامٍ، وحَكيمُ بنُ طُلَيْقٍ، وحُوَيْطِبُ بنُ عَبْدِ العُزَّى، وخالِدُ بنُ أسِيدٍ، وخالدُ بنُ قَيْسٍ، وزَيْدُ الخَيْلِ، وسَعيدُ بنُ يَرْبُوعٍ، وسُهَيْلُ بنُ عَمْرِو بنِ عَبْدِ شَمْسٍ العامِرِيُّ، وسُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو الجُمَحِيُّ، وصَخْرُ بنُ أمَيَّةَ، وصَفْوانُ بنُ أمَيَّةَ الجُمَحِيُّ، والعَبَّاسُ بنُ مِرْداسٍ، وعبد الرحمنِ بنُ يَرْبُوعٍ، والعَلاءُ بنُ جاريةَ، وعَلْقَمَةُ بنُ عُلاثَةَ، وأبو السَّنابِلِ عَمْرُو بنُ بَعْكَكٍ، وعَمْرُو بنُ مِرْداسٍ، وعُمَيْرُ بنُ وَهْبٍ، وعُيَيْنَةُ بنُ حِصْنٍ، وقيس بن عدِن، وقَيْسُ بنُ مَخْرَمَةَ، ومالكُ بنُ عَوْفٍ، ومَخْرَمَةُ بنُ نَوْفَلٍ، ومُعاوِيةُ بنُ أبي سُفيانَ، والمُغِيرةُ بنُ الحارِثِ، والنُّضَيْرُ بنُ الحارِثِ بنِ عَلْقَمَةَ، وهِشامُ بنُ عَمْرٍو، رضي الله عنهم. وتألَّفَ فلانًا: دَارَاهُ، وقارَبَهُ، ووصَلَهُ حتى يَسْتَميلَهُ إليه. وعلى هذا؛ فالإيلاف ثلاثة أوجه: أحدُها:أنَّ الإيلاف هو الإلف، قال علماء اللغة: ألفت الشيءَ وألفته إلفًا وإلافًا وإيلافًا بمعنى واحد؛ أي: لزمته، فيكون المعنى لإلْف قريش هاتين الرِّحْلتين، فتتصلا ولا تنقطعا. وقرأ ابن عامر: (لإلاف قريش)، وقرأ الآخرون: (لإيلاف قريش)، وقرأ عكرمة: (ليلاف قريش). وثانيها:أن يكون هذا من قولِك: لزمتُ موضع كذا وألزَمَنيهِ اللهُ، كذا تقول: ألفتُ كذا، وألَّفَنِيه الله، ويكون المعنى إثْبات الألفة بالتَّدبير الَّذي فيه لطف، ألف بنفسه إلفًا وآلفه غيره إيلافًا، والمعنى أنَّ هذه الألفة إنَّما حصلت في قريْش بتدبير الله، وهو كقوله: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ﴾ [الأنفال: 63]، وقال: ﴿فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾ [آل عمران: 13]. وقد تكون المسرَّة سببًا للمؤانسة والاتفاق، كما وقعَت عند انهِزام أصحاب الفيل لقريش، فيكون المصدر ها هنا مضافًا إلى المفعول، ويكون المعنى لأجل أن يجعل الله قريشًا ملازمين لرحلتيهم. وثالثها:أن يكون الإيلاف هو التهْيئة والتَّجهيز، وهو قول الفرَّاء وابن الأعرابي، فيكون المصدر على هذا القول مضافًا إلى الفاعل، والمعنى لتجْهيز قريش رحلتَيْها حتَّى تتَّصلا ولا تنقطعا، وقرأ أبو جعفر: (ليلاف) بغير همز فحذف همزة الإفْعال حذفًا كُلِّيًّا، وهو كمذهبه في ﴿يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [الأنعام: 5] وقد مرَّ تقريره[1]. الأسرار البيانيَّة للام المكسورة في بداية السورة: من عجائب القرآن الكريم ومعجزاته أنَّ كلَّ حرف فيه هو تحدٍّ صارخٌ لكلِّ البشَر على أن يأتُوا بمثله، وفي هذه السورة على قِصَرها معجزة عجيبة ممثَّلة في حرْف اللَّام المكسورة التي استهلَّتْ بها السورة: ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾، "فاللام في قوله: (لِإيلاف) تحتمِل وجوهًا ثلاثة: فإنَّها إمَّا أن تكون متعلِّقة بالسورة التي قبلها، أو بالآية التي بعدها، أو لا تكون متعلِّقة لا بما قبلها ولا بما بعدها. أمَّا الوجه الأوَّل - وهو أن تكون متعلِّقة بما قبلها - ففيه احتمالات: الأوَّل:وهو قول الزجَّاج وأبي عبيدة أنَّ التقدير: "فجَعَلهم كعصْفٍ مأكولٍ لإيلاف قريش"؛ أي: أهلَكَ اللهُ أصحابَ الفيل لِتبقَى قريش وما قد ألِفوا مِن رحلة الشتاء والصيف. القول الثاني:وهو أنَّ اللام في: (لإيلاف) متعلِّقة بقوله: (فَلْيَعْبُدُواْ)؛ وهو قوْل الخليل وسيبويه، والتقدير: "فلْيعبدوا ربَّ هذا البيت لإيلاف قريش"؛ أي: لِيَجعلوا عبادتَهم شُكْرًا لهذه النعمة واعترافًا بها، فإن قيل: فلِمَ دخلَت الفاء في قوله: ﴿فَلْيَعْبُدُواْ﴾؟ قُلنا: لِمَا في الكلام مِن معنى الشَّرط؛ وذلك لأنَّ نِعَم الله عليهم لا تُحَصى، فكأنَّه قيل: إنْ لم يعْبدوه لسائر نِعَمه فليعبدوه لهذه الواحدة الَّتي هي نعمة ظاهرة. القول الثَّالث:أن تكون هذه اللام غيرَ متعلِّقة، لا بما قبلَها ولا بِما بعدَها، قال الزجَّاج: قال قومٌ: هذه اللام لام التعجُّب، كأنَّ المعنى: اعجَبوا لإيلاف قريش؛ وذلك لأنَّهم كلَّ يوم يزدادون غيًّا وجهلًا وانغماسًا في عبادة الأوْثان، واللهُ تعالى يُؤلِّف شمْلهم، ويدفع الآفات عنهم، وينظِّم أسباب معايشهم؛ وذلك لا شكَّ أنَّه في غاية التعجُّب مِن عظيم حِلْم الله وكرمه، ونظيرُه في اللُّغة قولك: لزيد وما صنعْنا به، ولزيد وكرامتِنا إيَّاه، وهذا اختيارُ الكسائي والأخفش والفرَّاء. وأمَّا فيما يخصُّ التَّكرير في قوله: ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ*إِيلَافِهِمْ﴾، فهو أنَّه أطلق الإيلاف أوَّلًا، ثم جعل المقيَّد بدلًا لذلك المطْلق؛ تفخيمًا لأمْر الإيلاف، وتذكيرًا لعظيم المنَّة فيه، والأقْرب أن يكون قولُه: ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾ عامًّا يَجمع كلَّ مؤانسَة وموافقة كانت بينهم، فيدخل فيه مقامهم وسيرهم وجَميع أحوالِهم، ثمَّ خصَّ إيلاف الرِّحْلتين بالذِّكْر لسبب أنَّه قوام معاشهم؛ كما في قولِه: ﴿وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ﴾ [البقرة: 98]. أسرار المقابَلات في السورة: وبهذا فالسورة صورة واضحة لنِعَم الله الجليَّة التي خَصَّ بها قريشًا، فقد أمَّنهم اللهُ حين خاف النَّاس، وأطعمَهم حين جاع الناس، وجلَب لهم الرِّزق مِن كلِّ فجٍّ عميق، وحفِظ لهم البيتَ مِن هجمة أصحاب الفيل، فواجبُهم عبادتُه سبحانه، وشكر نعمِه الظَّاهرة. وفوق ذلك منَّ عليْهِم أن جعَل منهم النبيَّ الخاتم صلَّى الله عليه وسلَّم يعْرفون نَسَبَه وشَرَفَه وأخلاقه؛ قال تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 152]. وعليه؛ فإنَّ السورة تحْوي درسًا في ضرورة مقابلة نعم الله بالشُّكر والعبادة، والإذعان للمولى عزَّ وجلَّ. فيا أيُّها المؤمنون والمؤمنات، ابحثوا عن نِعَم الله السَّابغة عليْنا مِن فوقِنا إلى تحتِنا، بل إنَّ مُحيطَنا كلَّه هو في حدِّ ذاته نعمٌ مِن اللهِ تعالى. والحمد لله تملأ الميزان. [1] تفسير مفاتيح الغيب، بتصرُّف.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
24-Feb-2022, 03:02 PM | #2 |
|
رد: وقفُة بيانيُة مع سورةً قريًش
جَزَاكَ اللهُ خَيْرِ وَبَارِّكَ فِيكَ
وَنَفْعٌ بِكَ وبماقدمت جُعَلَهُ اللهَ فِي مَوَازِينِ حُسْنَاتِكَ دَمَّتْ بِحِفْظِ الرَّحْمَنِ وَرِعَايَتِهِ |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
24-Feb-2022, 03:23 PM | #3 |
|
رد: وقفُة بيانيُة مع سورةً قريًش
جزاك الله خير
وجعله في ميزان حسناتك .. |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
25-Feb-2022, 01:15 AM | #4 |
|
رد: وقفُة بيانيُة مع سورةً قريًش
الف شكر لك ولجلبك الراقي
سلمت يمينك دمت ودامت جهودك |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
25-Feb-2022, 02:06 AM | #5 |
|
رد: وقفُة بيانيُة مع سورةً قريًش
جزاك الله خير
وبارك الله فيك وجعلها في موازين حسناتك وأثابك الله الجنه أن شاء الله الله يعطيك العافيه |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
25-Feb-2022, 05:07 AM | #6 |
|
رد: وقفُة بيانيُة مع سورةً قريًش
جزاك الله خير
وبارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
25-Feb-2022, 08:39 AM | #7 |
|
رد: وقفُة بيانيُة مع سورةً قريًش
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
25-Feb-2022, 04:50 PM | #8 |
|
رد: وقفُة بيانيُة مع سورةً قريًش
جزاك الله خير الجزاء
ونفع بك وجعله في ميزان حسناتك تحياتي لك ماننحرم يارب |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
25-Feb-2022, 05:10 PM | #9 |
|
رد: وقفُة بيانيُة مع سورةً قريًش
كالعادة إبداع رائع. ومميز
وطرح يستحق المتابعة جزاك الله خير الجزاء شكراً لك |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
25-Feb-2022, 11:06 PM | #10 |
|
رد: وقفُة بيانيُة مع سورةً قريًش
جزاك الله خير
الله يعطيك العافيه |
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|