{ اللهالذيخلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة
ثم جعل من بعد قوة ضعفا و شيبة } الروم .
و لم يقل خلقكم ضعافا أو في حالة ضعف ، إنما قال :
" خلقكم من ضعف
" كأن الضعف مادتهم الأولى
التي صيغ منها كيانهم
و الضعف هنا ذو معان و مظاهر
شتى في تكوين هذا الإنسان .
إنه ضعف البنية الجسدية الممثل في تلك
الخلية الصغيرة التي ينشأ منها الجنين .
ثم في الجنين و أطواره و هو فيها كلها واهن ضعيف .
ثم في الطفل و الصبي حتى يصل إلى سن الفتوة
و ضلاعة التكوين .
ثم هو ضعف المادة
التي ذرأ منها الإنسان . الطين .
الذي لولا نفخة من روح الله لظل في صورته
المادية أو في صورته الحيوانية ،
و هي بالقياس إلى الخلقة
الإنسانية ضعيفة ضعيفة .
ثم هو ضعف الكيان النفسي أمام النوازع و الدفعات ،
و الميول و الشهوات التي لولا النفخة العلوية
و ما خلقت في تلك البنية من عزائم و استعدادات ،
لكان هذا الكائن أضعف من الحيوان المحكوم بالإلهام .
ثم جعل من بعد ضعف قوة ..
قوة بكل تلك المعاني
التي جاءت في الحديث عن الضعف .
قوة في الكيان الجسدي ، و في البناء
الإنساني و في التكوين النفسي و العقلي .
ثم جعل من بعد قوة ضعفا و شيبة .
ضعفا في الكيان الإنساني كله .
فالشيخوخة انحدار إلى الطفولة بكل ظواهرها .
و قد يصاحبها انحدار نفسي ناشئ من ضعف
الإرادة حتى ليهفو الشيخ أحيانا
كما يهفو الطفل لا يجد من إرادته عاصما .
و مع الشيخوخة الشيب يذكر تجسيما
و تشخيصا لهيئة الشيخوخة و منظرها .