الصمت من إحدى الثقافات الإنسانية،
وهى تقابل ثقافة الكلام؛
وتعنى أن يلزم الإنسان السكوت
إذا ما تعرض لموقف لا يحيط
علمًا بكل تفاصيله، أو لموضوع
كثر فيه الجدل، أو لخصومة
خرجت عن حدود الأدب واللياقة،
أو دعى للكلام حول أعراض الناس
وشئونهم الخاصة..
وتشتد الحاجة إلى لزوم الصمت
إذا كان الأمر يتعلق بقضايا
ومصالح عامة، المجهول فيها
أكثر من المعلوم؛ لأن الخوض فيها
بغير علم يكون وباله على الجميع..
وتعد ثقافة الصمت إحدى سمات
التحضر والرقي، ففى البلاد المتحضرة
لا يتكلم الناس إلا عند الحاجة..
وإذا تكلموا وضعوا الكلام فى مواضعه؛
لأنهم مشغولون بأمور جادة،
ومن ثم اعتبروا الكلام وسيلة لقضاء
المصالح والحاجات، وابتكروا
عبارة ذات مغزى (غداء عمل)
فى إشارة واضحة إلى ضرورة
التركيز فى الكلام وعدم التوسع فيه،
أما البلاد غير المتحضرة،
فإن الناس يتكلمون فيها بغير حساب..
فهم يعيشون ليتكلموا
ولا يتكلمون ليعيشوا؛
إذ الكلام عندهم أصبح غاية
لا مجرد وسيلة
وعندما يأتى رمضان فإنه يأخذنا
من صخب الحياة وضجيجها
إلى ثقافة جديدة تناسب حالة الصيام..
إنها ثقافة الصمت وهى جزء
من عملية الإمساك والضبط
إزاء شهوات النفس، وعلى رأسها
شهوة الكلام..
بل إن الإمساك عن شهوة الكلام
يتطلب جهدًا أصعب من الإمساك
عن باقى شهوات النفس؛
ولذلك اتخذه الأنبياء والصالحون
منهجًا لحياتهم من أجل التفرغ
للعبادة والبعد عن شرور الناس
وإهدار الجهد والطاقة فيما لاينفع .
لكم خالص أحترامي وتقديرى
*****************************************