وما هي إلا ذكرى للبشر - منتديات أحاسيس الليل

 ننتظر تسجيلك هـنـا

{ إعلانات احاسيس الليل ) ~
 
   

فـعـآلـيـآت آلـمـنـتـدى


الإهداءات


العودة   منتديات أحاسيس الليل > |[ :: القسم الأسلامي:: ]| > أحاسيس القران وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 14-Feb-2023, 03:09 PM
عطر المساء غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
لوني المفضل White
 رقم العضوية : 381
 تاريخ التسجيل : Oct 2022
 فترة الأقامة : 731 يوم
 أخر زيارة : 14-May-2024 (11:01 PM)
 الإقامة : المريخ
 المشاركات : 11,475 [ + ]
 التقييم : 57173
 معدل التقييم : عطر المساء has a reputation beyond reputeعطر المساء has a reputation beyond reputeعطر المساء has a reputation beyond reputeعطر المساء has a reputation beyond reputeعطر المساء has a reputation beyond reputeعطر المساء has a reputation beyond reputeعطر المساء has a reputation beyond reputeعطر المساء has a reputation beyond reputeعطر المساء has a reputation beyond reputeعطر المساء has a reputation beyond reputeعطر المساء has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]

اوسمتي

افتراضي وما هي إلا ذكرى للبشر



﴿ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ﴾


الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ أبدعَ ما أوجدَ، وأتقنَ ما صنَعَ، وأحسنَ كلَّ شيءٍ خلقَه وأحكمَ ما شرعَ، وذلَّ كلُّ شيءٍ لجبروته وخضَعَ، سبحانهُ وبحمده، في رحمته الرجاءُ، وفي عفوِه الطمعُ، فكم من خيرٍ أفاضَ، وكم من مكروهٍ دفَعَ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريك له، تعالى في مجده وارتفعَ، وأحاط بكل شيءٍ علمًا ووسع، وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولهُ ومصطفاه وخليله، أفضل مُقتدًى به وأكمل مُتَّبَعٍ، صلَّى اللهِ وسلَّم وبارَكَ عليهِ وعلى آله وأصحابهِ أولو الفضلِ والتّقَى والورَعِ، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ، وكل من التزم بمنهجِ الحقِّ واتَّبَع، وسلَّم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:
فأوصيكم عبادَ اللهِ ونفسي بتقوى اللهِ، فاتقوا اللهَ رحمكم اللهُ، فتقوى الله فرجٌ ورزق: ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق:2-3]، وتقوى الله توفيقُ وتيسيرٌ، ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق:4]، وتقوى اللهِ مغفرةٌ وأجرٌ كبيرٌ، ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق:5]، وتقوى الله نجاةٌ وسلامة: ﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الزمر: 61]..

معاشر المؤمنين الكرام؛ صدقَ الله، ومن أصدقُ من الله قيلًا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [فاطر:41].

فإذا كان اللهُ جل جلالهُ هو الذي يُمسِكُ السماواتِ والأرضَ أن تزولا، فهو الذي يمسكُ الأرضَ ألا تهتزَ وتضطرب، وهو سبحانهُ وتعالى إنما يُري عباده من آياته ما يُريهم، لينتبهوا ويعتبروا، وليتوبوا ويرجعوا، فالسعيدُ من تنبهَ وتاب، وعادَ من قريبٍ وأناب، والشقيُ من غفلَ ولها، وأصرَّ وتمادى، ﴿ أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [التوبة:126]، فكم رأينا وسمعنا من حروبٍ مدمرة، وكوارث مُهلكة، وأعاصير وفيضاناتٍ جارفة، وأمراضٍ وأوبئةٍ فتاكة، وبراكينَ وزلازلَ مروعةٍ مرعبة.. آياتٌ وعبر، وحوادثٌ وغير، تضربُ هنا وهناك بكلِّ قوة؛ فلا يملك أحدٌ ردَّها، ولا يستطيعُ بشرٌ أن يسيطرَ عليها، فهي من جند الله: ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ﴾ [المدثر:31].

وآيةُ الزلازلِ يا عباد الله آيةٌ من آياتٌ الله عظيمة، وقدٌّر من أقدار الله الحكيمة، يُصيبُ بها من يشاءُ من عباده عدلًا وحكمة، ورأفةً ورحمة، نعم ففي الحديث الصحيح، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أُمَّتِى هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ؛ لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ وَالزَّلاَزِلُ وَالْقَتْلُ".

إنها هزةٌ للقلوب الغافلة، وصيحةٌ للنفوس المعرضة، إنها ذكرى لأهل الفسادِ والعناد، ومن يحبُّ أن تشيعَ الفاحشةُ في البلاد، إنها موعظةٌ لأهل الخمورِ والمسكرات، والمجاهرين بالفحش والمنكرات، والمستمرئينَ لأكل الربا والمحرمات، والهاجرين للبيوت الله التاركين للصلوات، وللكاسيات العاريات، ولكل المقصرين والعصاة أن ربكم يستعتبكم، فعودوا وأنيبوا.

فالزلزالُ إنما هو أمرُ اللهِ العزيزِ الحكيم، ومشيئتهُ النافذة؛ حيثُ يأذنُ لهذه الأرض أن تتحرك لبضع ثوانٍ قليلة، فإذا النتائجُ مروعة، وإذا الدمار هائل، والخسائرٌ فادحة، فضحايا الزلزالِ الأخير بلغت أكثرَ من 17 ألفِ قتيل، و85 ألف مُصاب، و 12 ألف مبنىً انهار انهيارًا كليًّا، أو شبه كلي، وبلغ عدد المتضررين أكثرَ من عشرين مليون إنسان، ولا زال مصيرُ الكثيرين مجهولًا، إنها يا عباد الله رسالة إنذارٍ من الملك الجبار، ﴿ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴾ [الإسراء:59]، ولا شك أنًّ منظرَ الأرضِ وهي تهتزُّ وترتج، وتتشققُ وتتصدع، تلك الأرضُ التي طالما كانت ساكنة، آمنةً وادعة، إذا بها في لحظةٍ خاطفة، ينقلبُ حالُها رأسًا على عقب، وإذا بكلِّ ما عليها يتمايلُ ويترنح، وإذا بالجدران تتساقط، وإذا بالسقوف تتهاوى، وإذا بالبنايات الضخمةِ تتحولُ إلى ركامٍ وحُطام، لحظاتٌ قليلةٌ ولكنها رهيبةٌ مُرعبة، أذهلت العقول، وأزاغت الأبصار، وبلغت معها القلوبُ الحناجر؛ يخرجُ الناسُ من بيوتهم سِراعًا، لا يلوون على شيء، مذهولين مذعورين، يسيرونَ بلا هدف، يركضونَ كالسُّكارى وما هم بسُكارى، ولكن الهولَ شديد، فلا إله إلا الله، كم في هذه الآية من عظَة وعبرة، ورسالةٌ قويةٌ لكل البشر، أنه لا أعظمَ ولا أكبرَ من الله جلَّ في علاه، وأنه لا أشدَّ منه بطشًا، ولا أعظمَ منهُ قوة، إنه اللهُ الواحد القهار، ذلَّ كلُّ شيءٍ لعظمته، وخضعَ كلُّ شيءٍ لمشيئَتِه، لا دافِعَ لمَا قَضَى، ولا مانِعَ لِمَا أعطى، يفعلُ في مُلْكِهِ ما يُريدُ، ويحكُمُ في خلقِهِ ما يشاءُ، ﴿ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾ [الرعد:11]، وإذا أراد شيئًا فإنما يقول له كن فيكون، خرَّتْ لعظمته الجبالُ الراسيات، وتصدعت من خشيتِه الصمُّ القاسيات.

لكأنَّ الزلزالَ حين يرجفُ بالأرض وأهلِها، يخاطبُهم خِطابًا فصيحًا بليغًا، يقول لهم: ألا ما أعجزَ الإنسان، وما أشدَّ ضعفه، وما أقلَّ حيلته، فمهما تعلَّم وعلا، ومهما تقدَّم وارتقى، فسيبقى ضعيفًا عاجزًا، ليس له من دون الله من ولي ولا نصير، وحتى إن رصدَ أماكن الزلازل، وقاس درجاتها، وحدَّد أماكنها وعرفَ أسبابها، لكنه سيظلُ أمامها ضعيفًا عاجزًا، فلا قوةَ توقفه، ولا أجهزةَ تخففه، ولا حيلةَ تحرفه، أو حتى تؤخِّره، ورسالةٌ أخرى تقولها لنا هذه الزلازلُ المرعبة: أن كلَّ ما نراه اليومَ من دمارٍ هائل، ومشاهدَ مروعة، ما هو إلا جزءٌ يسير، ومشهدٌ قصير، من زلزالِ السَّاعةِ العظيم، وإذا كان أهلُ الأرضِ جميعًا قد فُجِعوا بحركاتٍ أرضيةٍ قليلة، وهزَّاتٍ سطحيةٍ يسيرة، وفي بقاعٍ معينة محدودة؛ فكيف ﴿ إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وبُسَّت الجبالُ بسًَّا * فكانت هباءً منبثًا ﴾ [الواقعة:4-6]، وكيف إذا ﴿ حُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ﴾ [الحاقة:14]، كيف سيكون الحال: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الإنسان مَا لَهَا ﴾ [الزلزلة: 1-3]، لقد وصفَ الجليلُ الجبار ذلك الزلزالَ بأنه عظيم، وأنَّ كلَّ مرضعةٍ ستذهلُ من هوله عن رضيعها، وكلُّ ذات حملٍ ستضعُ حملها، فاستمع وانصت وتأمل: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج:1-2]..

ونصوصُ الكتاب والسنة تؤكدُ أنَّ كلَّ ما يُصيبُ العبادَ من المصائبِ والكوارث، إنما هو بسبب ذنوبهم وبما كسبت أيديهم، قال تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى:30]، وكونَها تقعُ لأسبابٍ كونيةٍ ربما تُعرف، فلا يُخرجَها عن كونها مقدَّرةً من الله سبحانه على العباد لذنوبهم، فهو مُسببٌ الأسباب سبحانه، قال جلَّ وعلا: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الزمر:62]، فإذا أراد الله شيئًا أوجدَ سببه, ورتبَ عليه نتيجته، كما قال تعالى: ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ [الإسراء:16]، ولا شك أنَّ الركونَ إلى التفسير المادّي والتحليلِ العلميّ, والبعدَ عن العِظَة والذِّكرى، لا شك أنَّ ذلك من تزيينِ الشيطان، كما قال سبحانه: ﴿ فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام:43]، فيعللون الظواهرَ تعليلًا ماديًّا صِرْفًا، لا ينتجُ عنه إلا مزيدٌ من الغفلة وقسوة القلوب وقلة الاتعاظ، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ [المؤمنون:76]، ولئن سألتهم ما حكمةُ هذه الكوارث ومن دبَّرها؟ ومن جعلها بهذه الصورة ولماذا أرسلها؟ فلن يرفعوا بذلك رأسًا، ولن يبالوا له جوابًا، وصدق الله: ﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴾ [الروم:7]، فأين قول العظيم الجبار: ﴿ وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا ﴾ [الإسراء:59]! أين قول المدبر الحكيم: ﴿ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء:60]!

أين قولُ من لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه: ﴿ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام:43]!

ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ هذه الأمةَ سيكون فيها خسفٌ ومسخٌ وقذفٌ، فلم يقل: إن السببَ هو تصدعُ الأرض وضعفُ قشرتها، إنما نصَّ على أن السببَ هو المعاصي، فقال صلى الله عليه وسلم: "يَكونُ في أمَّتي خسفٌ ومَسخٌ وقذفٌ؛ إذا ظَهَرتِ القِيانُ والمعازِفُ وشُرِبَتِ الخمورُ، والحديث صحيح، وفي صحيح البخاري، قال صلى الله عليه وسلم: "بيْنَما رَجُلٌ يَجُرُّ إزارَهُ مِنَ الخُيَلاءِ، خُسِفَ به، فَهو يَتَجَلْجَلُ في الأرْضِ إلى يَومِ القِيامَةِ"، وعندما استغرب الصحابة هزيمتهم في يوم أحدٍ، أنزل الله تعالى قوله: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 165].

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ [النحل:45-47].
أقول ما تسمعون …

الخطبة الثانية
الحمد لله كما ينبغي لجلاله وجماله وكماله وعظيم سلطانه، أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر:18].

معاشر المؤمنين الكرام؛ إنَّ من فضل اللهِ ورحمتهِ بعباده أنه لا يؤاخذُهم بكل ذنبٍ فعلوه, قال تعالى: ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ ﴾ [النحل:61]، ولكن إذا نسوا وغفلوا وتمادوا، خوَّفهم وذكَّرهم بالآيات والمصائب والابتلاءات، فحين سئل صلى الله عليه وسلم: أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: "نعم، إذا كثرُ الخبث"، والخبثُ هو المعاصي، قال تعالى: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم:41].

ثم إنَّ المصائبَ والكوارثَ ليست بالضرورة عذابًا أو انتقامًا، بل قد تكونُ ابتلاءً واختبارًا؛ قال تعالى: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء:35]، وفي الحديث الصحيح: إن الله إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم.

ولا شك أنَّ في هذه الابتلاءات والمصائب حِكمًا كثيرة، وفوائد كبيرة؛ منها التمييز والتمحيص، قال تعالى: ﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾ [آل عمران:179].

ومن حكم هذه المصائب والابتلاءات وفوائدها: تكفيرُ الذنوب ومحو السيئات، ففي الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم: "ما يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ والمؤمنةِ في نفسِهِ وولدِهِ ومالِهِ حتَّى يَلقى اللَّهَ وما عليْهِ خطيئةٌ".

ومن حِكمها وفوائدها: تعظيمُ الأجور ورفعُ الدرجات، ففي الحديث الصحيح: "إنَّ عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاء، وإنَّ اللهَ تعالى إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمن رضيَ فله الرِّضَا، ومن سخِط فله السُّخطُ".

ومن حكمها أيضًا: إيقاظُ القلوب الغافلة وتنبيهها؛ لئلا تركن إلى الدنيا، وتغفلَ عن الآخرة، فالمصائب توقظ الغافلين، وتجعلهم يعملون لدارٍ لا مصائبَ فيها ولا ابتلاءات، ثم إنَّ في هذه المصائب تحذيرًا وإنذارًا، فالمقصرُ يتدارك، والمتراخي يجتهد، والمخطئُ يتراجعُ ويُصلح، قال تعالى: ﴿ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ﴾ [الأنعام:42].

فاتقوا الله عباد الله واحذروا غضب الجبار، واستدفعوا البلاءَ بالتوبة وكثرة الاستغفار، فهو القائل سبحانه: ﴿ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الأنفال:33]، واتقوا الكوارثَ ومصارعَ السوءِ بصنائع المعروف، والاستقامةَ على أمر الله والإصلاح؛ فهو سبحانه القائل: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ [هود:117].

ألا وإن مِنْ أَعْظَمِ ما دعا إليه ديننا العظيم مُوَاسَاةَ المحتاجين، وإغاثة المنكوبين، فإنما المؤمنون إخوة، والمؤمنُ للمؤمن كالبنيان المرصوص، واللهُ في عَونِ المَرءِ ما كان المرءُ في عَونِ أَخيه.

أما وقد فتحَ ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين - وفَّقه الله وسدَّده - أبواب العون والمساعدة، فلنقم بما أَوجَبَهُ اللهُ علينا تِجاهَ إِخْوَانِنا المنكوبين، فقدِ اجتمعَ عليهم خوفٌ وجوعٌ وبردٌ، وفَقْدٌ وكرْبٌ شديد، فنفِّسوا عنهم قدر ما تستطيعون، فـ"مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، وتصدقوا إن الله يجزي المتصدقين، وأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحْسِنِيْن، ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ﴾ [المزمل:20]..

اللهم إنا نستودعُك إخواننَا في تركيا وسوريا والشامِ، اللهم فالطُفْ بهم وتَوَلَّ أمرَهم، واجبر مصابهم، اللهم شافِ مرضاهُم، وعافِ مبتلاهم، وأغثْ محتاجهم، وتقبَّل قَتلَاهُم في الشُهداءِ.

اللَّهُمَّ لاَ تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ، وَلاَ تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ، وَعَافِنَا بعافيتكَ، أنت مولانا فنعم المولى ونعم النصير...
اللهم صل محمد...



 توقيع : عطر المساء

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
قديم 14-Feb-2023, 04:05 PM   #2


سلطان الزين متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 47
 تاريخ التسجيل :  Jun 2021
 أخر زيارة : 24-Oct-2024 (05:19 PM)
 المشاركات : 100,806 [ + ]
 التقييم :  62615
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Blanchedalmond

اوسمتي

افتراضي رد: وما هي إلا ذكرى للبشر



الله لايحرمك الأجر


 
 توقيع : سلطان الزين

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 14-Feb-2023, 04:08 PM   #3


* السلطان * غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 263
 تاريخ التسجيل :  Feb 2022
 أخر زيارة : 02-Oct-2024 (10:38 AM)
 المشاركات : 189,423 [ + ]
 التقييم :  154198
لوني المفضل : Brown

اوسمتي

افتراضي رد: وما هي إلا ذكرى للبشر



جزاك الله خير


 
 توقيع : * السلطان *

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 14-Feb-2023, 05:51 PM   #4


نَبض متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 346
 تاريخ التسجيل :  Aug 2022
 أخر زيارة : اليوم (03:59 AM)
 المشاركات : 303,268 [ + ]
 التقييم :  195215
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : White

اوسمتي

افتراضي رد: وما هي إلا ذكرى للبشر



::

بارك الله فيك


 
 توقيع : نَبض

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 15-Feb-2023, 08:33 AM   #5


الحر متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 293
 تاريخ التسجيل :  Apr 2022
 أخر زيارة : 24-Oct-2024 (10:44 AM)
 المشاركات : 575,581 [ + ]
 التقييم :  287029
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Gray

اوسمتي

افتراضي رد: وما هي إلا ذكرى للبشر



متصفح متميز جزاك الله خير الجزاء
لا عدمنا جديدك


 
 توقيع : الحر

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 15-Feb-2023, 02:26 PM   #6


عطر المساء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 381
 تاريخ التسجيل :  Oct 2022
 أخر زيارة : 14-May-2024 (11:01 PM)
 المشاركات : 11,475 [ + ]
 التقييم :  57173
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : White

اوسمتي

افتراضي رد: وما هي إلا ذكرى للبشر



حضور ملفت لا عدمتكم


 
 توقيع : عطر المساء

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 15-Feb-2023, 03:35 PM   #7


لهفة شوق متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 321
 تاريخ التسجيل :  Jun 2022
 أخر زيارة : 25-Oct-2024 (12:49 PM)
 المشاركات : 26,090 [ + ]
 التقييم :  14590
لوني المفضل : Cadetblue

اوسمتي

افتراضي رد: وما هي إلا ذكرى للبشر



جزاك الله خير
وبارك في عطائك


 
 توقيع : لهفة شوق

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 15-Feb-2023, 06:19 PM   #8


غَيْم..! متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4
 تاريخ التسجيل :  May 2021
 أخر زيارة : اليوم (02:18 AM)
 المشاركات : 820,663 [ + ]
 التقييم :  452940
 الدولهـ
Saudi Arabia
لوني المفضل : White

اوسمتي

افتراضي رد: وما هي إلا ذكرى للبشر



جزاك الله كل خير
وجعله في ميزان حسناتك ..


 
 توقيع : غَيْم..!

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 16-Feb-2023, 01:27 AM   #9


روح متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 287
 تاريخ التسجيل :  Mar 2022
 أخر زيارة : يوم أمس (06:31 PM)
 المشاركات : 30,712 [ + ]
 التقييم :  15900
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: وما هي إلا ذكرى للبشر



جزاك الله كل خير


 
 توقيع : روح

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 16-Feb-2023, 05:12 AM   #10


N@gh@m متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 14
 تاريخ التسجيل :  May 2024
 أخر زيارة : يوم أمس (07:47 PM)
 المشاركات : 485,143 [ + ]
 التقييم :  225542
 الدولهـ
Lebanon
 الجنس ~
Female
 SMS ~
لوني المفضل : Purple

اوسمتي

افتراضي رد: وما هي إلا ذكرى للبشر





 
 توقيع : N@gh@m

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رعشات ذكرى * السلطان * •₪• زاوية حرة •₪• 12 07-Mar-2024 07:12 PM
ذكرى اليمه السيف نآي شاعر ( من قلم العضو سبق نشره) 10 03-Mar-2024 06:06 PM
بقايا.. ذكرى~_~ رااامز خوآطر من قلم العضو ( سبق نشره) 25 07-Feb-2024 10:31 PM
ذكرى بيضاء فرح •₪• زاوية حرة •₪• 12 04-Feb-2024 10:34 PM


الساعة الآن 08:30 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع ما يطرح في منتديات أحاسيس الليل لا يعبر عن رأي الموقع وإنما يعبر عن رأي الكاتب
وإننــے أبرأ نفســے أنا صاحبة الموقع أمامـ الله سبحانه وتعالــے من أــے تعارف بين الشاب والفتاة من خلال أحاسيس الليل
vEhdaa 1.1 by rKo ©2009