على هامش العام المنصرم - منتديات أحاسيس الليل

 ننتظر تسجيلك هـنـا

{ إعلانات احاسيس الليل ) ~
 
   

فـعـآلـيـآت آلـمـنـتـدى


الإهداءات


العودة   منتديات أحاسيس الليل > |[ :: القسم الأسلامي:: ]| > نفحات ايمانيه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 17-Jun-2024, 07:06 PM
سلطان الزين متواجد حالياً
Saudi Arabia     Male
لوني المفضل Blanchedalmond
 رقم العضوية : 47
 تاريخ التسجيل : Jun 2021
 فترة الأقامة : 1224 يوم
 أخر زيارة : 24-Oct-2024 (05:19 PM)
 الإقامة : المدينة المنورة
 المشاركات : 100,806 [ + ]
 التقييم : 62615
 معدل التقييم : سلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]

اوسمتي

افتراضي على هامش العام المنصرم



على هامش العام المنصرم

أ. د. علي بن إبراهيم النملة

على هامش العام المنصرم

قال أستاذي: إن من الجوانب التي تميز هذه البلاد سيرها في تاريخها على التقويم الهجري، خاصة فيما يتعلق بالصرف في نهاية الشهر..وقال: إن كثيرًا من البلاد العربية والإسلامية لا تكاد تذكر التقويم الهجري إلا عند حلول شهر رمضان المبارك، وقرب حلول عيد الأضحى المبارك، وندرك نحن هذا، وندرك التوجيهات السامية التي تؤكد على استخدام التقويم الهجري، وفي الوقت ذاته ندرك الحاجة إلى استخدام التقويم الآخر في المراسلات الخارجية.



وقد يرى البعض أن مثل هذا الموضوع لا يستحق مثل هذا البحث والتقصي، إلا أن الأمر كما يبدو لم يتوقف عند هذا الحد، ولكنه جر معه شيئًا مما يصاحب هذا التقويم الآخر من شعائر وطقوس هي من الأصل الذي قام عليه التقويم بعيدة، ويلاحظ أن كثيرًا من وسائل الإعلام العربية والإسلامية تعد برامج خاصة عن أحداث العام المنصرم، وأن العام المنصرم كان مليئًا بالأحداث، بعض منها يسرنا نحن، وبعض لا نحبذه، ولكننا نقبله بروح المؤمن، فهناك فلسطين وأفغانستان، وهناك طائرات المدنيين التي سقطت بهم، وهناك زلازل أرمينيا، وفيضانات السودان وبنغلاديش، وهناك أحداث أخرى متفرقة.



لا يتوقف الأمر على التركيز الإعلامي على عام مضى، والتطلعات لعام قادم، بل إن بعضًا من المسلمين في بلاد أخرى تراهم ينخرطون في احتفالات العام الجديد، ويهنئ بعضهم بعضًا، ويتبادلون البطاقات، ليس في العام الجديد فحسب، بل وفي عيد الميلاد الذي يحيونه مع نهاية كل عام، وأعرف أن شخصًا قد نصب شجرة عيد الميلاد في زاوية من زوايا داره، وعندما تسأله عن موجب هذا يقول لك: هذه للأولاد؛ ليفرحوا كما يفرح أقرانهم، وهذه ناحية تحتاج إلى توقف ونقاش؛ لأنها وإن كانت مظهرية فلها ما لها من تأثيرها على الجيل، وأعرف شخصًا آخر في بلاد عربية مسلمة يُولِمُ بديك رومي في عيد الشكر الذي يوافق آخر خميس من نوفمبر، ويدعو له الأصدقاء والأحباب، بل إن هناك محلات عربية في بلاد عربية تبيع اللحم الحلال ويرتادها كثير من المسلمين، تجد أنهم يبيعون في هذه الفترة الديك الرومي المذبوح على الطريقة الإسلامية، بحجة أنه لا يتوافر في السوق إلا أيام عيد الشكر.



هذا وفي الجانب الآخر تجد أن هناك نشاطًا محدودًا نوعًا ما عندما يحل عيد الفطر المبارك أو عيد الأضحى المبارك في بعض البلدان العربية أو الإسلامية، حيث الناس ينخرطون في أعمالهم، وقد لا يستطيعون الخروج إلا لأداء صلاة العيدين، وليس الكلام هذا على ظاهره؛ فهناك أقليات مسلمة تحتفل بالعيدين، فلا وجه للمقارنة، ولكنها الروح التي تبرز واضحة في الأعياد الأخرى، فالتلفزيون في كثير من البلدان العربية والإسلامية - وأمامه الأطفال - مليء بالدعايات والبرامج والعروض ونحوها، في وقت يغفل فيه الأهل عن استغلال هذه الفرصة ليعطوا الأبناء فكرة عن هذا الوضع، ويؤكدوا لهم على التميز الذي سيقفون منه وقفات تفكير وتروٍّ.



نعم هناك من الأسر الإسلامية في الخارج من يقول: وما المانع من أن يشارك الصغار الآخرين أشياء فيها براءة، ويترك للأهل شرح هذه الأشياء وانتزاعها من مدلولها الروحي؟ ولعل هذه المقولة هي التي يخشى منها؛ إذ يعتقد أن الصغار لا يتأثرون، وعلينا أن نعود إلى نفسية الصغار لندرك أنهم أكثر من غيرهم تأثرًا بما حولهم، وأن توجيههم أهم بكثير من توجيه البالغين، ولم يثبت إلى الآن بطلان الحكمة التي تقول: إن العلم في الصغر كالنقش في الحجر، ولم يقتصر الأمر على الصغار، ولكنه أيضًا شمل الكبار؛ نتيجة لعدم الشعور بالانتماء الإسلامي الصحيح، وهذا هو محور الحديث، ففي الوقت الذي تجد فيه حماسًا للدين وللرسول عليه السلام تفتقد عند البعض في بلدان عربية وإسلامية الجوانب العملية لهذا الحماس، ونقول: إن الحديث هنا ينصب على المجتمع العربي والمسلم بشكل عام، ألسنا نرى أن بعض البلاد العربية والإسلامية قد جعلت من يومي السبت والأحد إجازة رسمية لها بدلًا من الخميس والجمعة، رغم أن هذه البلاد العربية والإسلامية لا تذكر في نظامها أنها تدين بغير الإسلام؟!



ويناقش الآخرون فكرة الأشهر، وربما السنين، وعلينا ألا نغفل الدعوات المتكررة في بلاد أخرى، تؤيد فكرة توحيد التقويم حاليًّا، حتى وصل الأمر بالبعض أن يناقش بجدية مسألة تعديل الأسماء فقط.



والخلاصة أن الذي يبدو أن هناك رغبة من قبل بعض أبناء عرب ومسلمين في التعلق بالتقويم الميلادي، وأننا نلاحظ هذا مع نهاية كل عام ميلادي، وأن هذا بارز في كثير من البلاد العربية والإسلامية، ولكنه - بحمد الله وفضله - ينعدم في هذه البلاد المتميزة - المملكة العربية السعودية - فلا بد من التأكيد على هذا التميز، ولا بد من نقله إلى بقية البلاد العربية والإسلامية، بحيث يكون التقويم الهجري هو الأسلوب المتبع لتأريخ الوقائع والأحداث والمؤتمرات واللقاءات والزيارات على مستوى المؤسسات والمنظمات والجمعيات العربية والإسلامية، وهذا أمل نتطلع إلى تحقيقه، وأمل في النفس خالجها مع نهاية العام الميلادي 1988م، وكان الله في عون الجميع.



1409هـ هذا العام الجديد!:

كل عام وأنتم بخير وسلام، يدخل علينا هذا العام الجديد ونحن أكثر بشرى وابتهاجًا من أعوام مضت، نحن الآن على مشارف مشروعات للسلام، الحرب العراقية الإيرانية قد رسم لها أن تتوقف يوم السبت القادم 8/ 1/ 1409هـ الموافق 20/ 8/ 1988م، وتبدأ المحادثات المباشرة بين الطرفين يوم الخميس 13/ 1/ 1409هـ الموافق 25/ 8/ 1988م، والجنود الروس سيكثفون من انسحابهم من أفغانستان، بحيث لا يبقى إلا أعداد محدودة من الجنود والمستشارين العسكرين الذين سيشرفون على خروج آخر جندي روسي من أرض الأفغان، وفي جنوب إفريقيا ستتوقف الحرب بينها وبين أنجولا، وسيعود الجنود الكوبيون إلى بلادهم، والانتفاضة الفلسطينية ستستمر معلنة للعالم كله أن هناك إرادة تتحطم أمامها جميع الحركات الجانبية التي تنتهي في الإطالة بالوجود اليهودي في فلسطين.



يناقشون في مطلع هذا العام الهجري المبارك من المنتصر ومن الخاسر في هذه الحروب، ويقول البعض: إن كل الأطراف قد خسرت، ولم يفز فيها إلا بعض أولئك الذين تحدثت عنهم في الأسبوع الماضي[1]، والحق أن آثار الحرب لا تنتهي مع نهاية الحرب، فنحن لا نزال نعيش آثار الحرب العالمية الثانية رغم مرور أكثر من أربعين عامًا على توقفها 1945م - 1988م، وفيتنام لا تزال تعيش آثار الحرب التي تورطت فيها كل من روسيا وأمريكا، وخرج الاثنان خاسرين بكل المقاييس، والحرب الكورية قبلها لا تزال باقية الآثار، وهكذا، وعليه فإن إيران والعراق سيحتاجان إلى وقت غير قصير لتلتئم جروحهما بعد أن فقدوا مليون قتيل في حرب السنوات الثماني، والروس سيخرجون من أفغانستان كما خرجت أمريكا من فيتنام، إلا أن الوضع في أمريكا يسمح بأن يقول الجنود والقواد والإعلام: إنهم هُزِموا، فتقوم لهم الهيئات والمؤسسات، والجمعيات والمستشفيات، بل والمصحات، ويقيمون لهم حائطًا في العاصمة واشنطن يكتبون فيه أسماء من قتلوا في هذه الحرب من الأمريكيين، ويواصلون البحث عن المفقودين.



أما في الاتحاد السوفييتي فإن الوضع لن يسمح بشيء من ذلكم أبدًا، وستظل القبضة الحديدية تضلل كثيرًا من الناس داخل الاتحاد السوفييتي وخارجه، ولن تقوم هناك جمعيات أو مؤسسات، ولن يقام للمقتولين ما أقيم لهم في واشنطن، ولا يهم الأمر هنا أن يقام لهم حائط أو نُصب أو غيره، المهم أن يعيَ الآخرون أن هذه الدولة التي أطلق عليها الكثيرون الدولة العظمى تخرج مهزومة من قِبَل أولئكم الذين أطلق عليهم الكثيرون أيضًا (البدائيين)، ولا إخالهم بدائيين وهم يملكون العقيدة التي أعانتهم على الصمود أمام هذه القوة العظمى، هم ليسوا بدائيين وهم يضعون أسلحتهم أمامهم ويقفون بين يدي الله تعالى معبرين عن توكلهم عليه في العدة والعدد، بدائيتهم أتت من أنهم لا يملكون السلاح المادي الذي تملكه أصغر دولة تحرص على حماية حدودها ووجودها، ولكن الروس لم يبخلوا عليهم بالسلام، فأعطوهم - دون رغبة منهم - السلاح الذي جلبوه ليقضوا به عليهم، وتلكم من التدابير التي لا تخضع للتخطيط، ولا تفيد بها الدراسات الإستراتيجية؛ أي: إنها خارجة عن إرادة الإنسان ومستواه في التفكير.



ولو عدنا إلى الوضع في إيران والعراق لوجدنا أن إيران قد تورطت في هذه الحرب لأسباب لعلها معروفة، ويحضرني هنا كلمة قالها السيناتور الأمريكي هنري جاكسون ممثل واشنطن الولاية ورئيس لجنة الشرق الأوسط في مجلس الشيوخ، كان قبل وفاته قد قال: إن الوضع في إيران يفرض إشغال الإيرانيين؛ ليتمكن الحكام من البقاء والإبقاء على إيران؛ لأن إيران - كما تقدم - سوف تنقسم على نفسها حالما تتاح الفرصة للتفكير في الأوضاع الداخلية، والآن وقد بدأ حزب مجاهدي خلق يهدد الحكومة من الداخل بدأت مصداقية ما قاله ذلكم السيناتور الراحل، وعليه فلعل الحكومة الإيرانية الحالية كانت تصر على استمرار الحرب حتى تتلافى حربًا داخلية بدلًا من الحرب على الحدود، ولتتلافى حربًا أهلية بدلًا من الحرب بين جنس وآخر، وهكذا.



والمرء هنا لا يسعى إلى أن يتمنى الشر بالآخرين، ولكنه الوضع الذي يفرض مثل هذه الاستنتاجات، يضاف إلى ذلكم الصراع على السلطة بين أحمد الخميني ومنتظري ورافسنجاني، وكل من هؤلاء يمثل اتجاهًا لا يخرج عن النطاق العام الذي رسمه الخمينيون لحكم البلاد قبل ثماني سنين.



ولعل من نتائج هذه الحرب أن فقدت إيران مجموعة غير يسيرة من أبنائها الذين كانوا مختلفين مع فكرة الحرب، فغادروا البلاد بما معهم من أرصدة، وبدؤوا باستثمارها في أوروبا وأمريكا، وكوَّنوا هناك جالية لم تكن موجودة من قبل، هؤلاء يسميهم البعض "تجار البازارات"، وهم بحق أهل الاقتصاد في البلاد، ومثلهم العلماء في المجالات الشتى من مجالات المعرفة، يحاضرون ويبحثون ويدرسون في الجامعات الغربية، ويستحي بعض منهم أن يقال عنه: إنه إيراني، حتى قال لي أحدهم: إنني لست من إيران الحالية، وإن كنت من إيران.



حتى علماء الدين أدلوا بدلوهم وكتب "150.000" عالم منهم عريضة للخميني يطلبون منه فيها أن ينهي الوضع ويقبل بالقرار، فرد عليهم أنهم إن كانوا مصرين على هذا الطلب فليدعوا الله أن يعجل في موته - موت الخميني - ويقف آية الله اليعقوبي في المنابر يندد بالسياسة التي اتبعها الخميني في هذه الحرب في الوقت الذي أوهم فيه الخميني الناس أن قراره السياسي هذا قد أخذ طابع القدسية، ولا بد لبقية الآيات أن يلتزموا بهذا القرار ويدافعوا عنه، على اعتبار أنه لم يصدر من مجرد بشر!



وإيران ما بعد الشاه تحتاج إلى مزيد من الدراسات والتحليل للعقلية والنفسية التي حكمت إيران في هذه الفترة؛ ليخرج المرء بأحكام موضوعية متجردة لا بد أن تصل في نهاية المطاف - ولو طالت مسافته - إلى النتيجة الحتمية لمثل هذه التصرفات ليدفع الشعب الإيراني في النهاية الثمن باهظًا، متمثلًا في فلذات الأكباد من الأطفال والشباب الذين كان من الممكن تحويلهم إلى الحق، والاستعانة بهم في مواجهة نوائب الدهر عمومًا، ومواجهة عدو مشترك يهدد المنطقة بالتمزق والضياع، هذا إذا كان هذا العدو مشتركًا! هذا بالإضافة إلى الأيامى والثكالى والأيتام والمعوقين الذين يحتاجون إلى أكثر من مجرد المال أو المؤسسات، يحتاجون إلى المعاني أكثر من الماديات، حيث لا يصلح العطار ما أفسده الدهر.



فيأتي وقف إطلاق النار وبدء المحادثات في سبيل السلام ليقطع الطريق أمام مزيد من المآسي بأشكالها المختلفة، ويترك مجالًا لرأب الصدع وعلاج الجرح، بدلًا من أن تتسع الفجوة فلا يلتئم الجرح، ويحل علينا هذا العام يحمل البشرى لنا جميعًا في استئناف حياة أكثر هدوءًا وأكثر تركيزًا على قضايا مصيرية نحن بحاجة إلى التركيز عليها على مستوى المنطقة العربية عمومًا، فليكن عامنا هذا عام السلام، وليكن بداية النهاية لكل منغصات السلام، وكان الله في عون الجميع.



1410هـ هذا العام الجديد:

يؤثَر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قوله: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا"، ومحاسبة النفس ليست مقصورة على مرور عام وحلول عام آخر، فالمرء يحاسب نفسه بالثواني والدقائق والساعات والأيام والشهور، وهناك شعور خاص عند حلول عام جديد يَعْتَوِرُ المرء ويجعله دون رغبة أحيانًا ينظر إلى الخلف، إلى عام مضى فيقوِّم ما ناله في هذا العام وما قدمه، ويحاول أن يوازن بين ما قدمه وما ناله حسبما هي الجهة التي قدم لها ونال منها، فالعابدون يقدمون جهدهم - وحسب مقدرتهم - في العبادة ولا ينظرون إلى ما نالوه جزاءً لما قدموه، فذلك أمر متروك لله تعالى، وعمر بن الخطاب كان يقول: "إنه لا يحمل همَّ الإجابة، ولكنه يحمل همَّ الدعاء".



والمواطنون يقدمون العمل الواجب للوطن في الداخل والخارج، وهم أيضًا لا يقوِّمون ما قدموه بما نالوه، فمهما نالوا فلن يعطوا الوطن حقه، مع أنهم ينالون الكثير من الوطن، وما برح الوطن يدر عليهم من خيرات ينعمون بها ولا يدركها بعضهم إلا من فقدها، أو عاش مع فاقديها؛ ولذا تأتي فائدة السفر في الموازنة بين ما يقدمه هذا الوطن لمواطنيه وبين ما تقدمه الأوطان الأخرى لأبنائها، لقد كثرت الهجرات من الأوطان الأخرى سعيًا وراء الاستقرار والأمن الوظيفي والغذائي والنفسي، ولكننا في هذا الوطن - بحمد الله - تكثر الهجرات إلينا؛ سعيًا وراء التنعم بالاستقرار والأمن بكل أنواعه، وهذا شيء مشاهَد، ولسنا بعيدين بُعدًا معنويًّا عن أمريكا، ذلكم البلد الذي قام أصلًا على المهاجرين من أوروبا وإفريقيا وآسيا، ولم يحس فيه هؤلاء المهاجرون بعدُ بما ذهبوا يبحثون عنه.



والمقيم في هذه البلاد الطيبة يتمنى طول الإقامة، ليس لأنه ينال مادة أكثر مما ينال في بلاده، ولكنه هنا يطعم معنى الحياة، فيكوِّن الصداقات مع أبناء هذه البلاد، ويُشعَر - بالمبني للمجهول - بأنه من أهل الدار، وقد يسيء البعض من هؤلاء حسن التعامل، فتكون هناك انطباعة غير طيبة لدينا عن المجموع، ويؤخذ هذا وذاك حجة عليهم، ومع هذا فتراهم يغبطون أبناء هذه البلاد على بلادهم.



ومع إطلالة العام الجديد ينظر المرء إلى الخلف، فيحمد الله على أن مضت به الأعوام وهو في خير عميم، ويرى أن أية سلبيات قد مرت عليه - إن كان قد واجهها خلال الأعوام الماضية - إنما هي منبهات له تعينه على الإدراك بأنه يعيش الواقع بالعمل الجاد، والجهد المطلوب.



وينظر المرء إلى الأمام - ربما الأمام البعيد - مع حلول العام الجديد، فتجدد عنده تلكم الطموحات التي كان قد رسمها في لحظة من اللحظات، فتراه يعلق الآمال وهو يدرك بإيمانه أنه قد لا يلقى أهله وربعه في العام القابل، ولكننه لا يستسلم لهذا، فيغرس ما معه من فسيلة، حتى لو كانت الساعة قاب قوسين أو أدنى منه، سواء الساعة الكبرى، أم ساعته هو، وما عليه إلا أن يدعو الله أن يكون عامه هذا عام خير وبركة على بلاده وأهله وذاته.



عمر والرشوة..

وأنا أعود إلى عبقرية عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خطها يراع عباس محمود العقاد - رحمه الله - وحيث إني عدت إلى أقوال عمر في محاسبة النفس والنظر إلى نتائج الدعاء أجد أن مملكة الإسلام في عهد عمر بن الخطاب قد توسعت كثيرًا جدًّا مما كانت عليه أيام أبي بكر - رضي الله عنه - وأيام الرسول عليه الصلاة والسلام، فلا بد من الولاة والعمال على الأمصار، ولا بد من العاملين في الولايات مع الولاة والعمال، ولسماحة الدين ينشره عمر يستعين الولاة والعمال بغير المسلمين ممن يعيشون تحت حماية ورعاية راية الإسلام، ولكن عمر لا يعجبه هذا الأسلوب في الاستعانة بأهل الذمة، وكان يقول لولاته: "إني نهيتكم عن استعمال أهل الكتاب؛ فإنهم يستحلون الرشا" (جمع رشوة)، يقول العقاد: "وطلب/ عمر/ يومًا من أبي موسى رجلًا ينظر في حساب الحكومة، فأتاه بنصراني، فقال: إني سألتك رجلًا أشركه في أمانتي، فأتيت بمن يخالف دينُه ديني"، وكان لعمر خادم من أهل الكتاب يقال له: أسبق، فعرض عليه أن يسلم حتى يستعين به على بعض أمور المسلمين، فأبى، فأعتقه وأطلقه وقال له: "اذهب حيث شئت".



عجيب أمرُ عمر بن الخطاب وموقفه هذا، عمر بن الخطاب الذي أبى أن يصلي في كنيسة في بيت المقدس خشية أن يقال بعده: صلى بها عمر، فتحول الكنيسة مسجدًا، وعمر بن الخطاب الذي وجد قذارة على عتبة الكنيسة فوضع "حجره" يحملها به يبعدها عن الكنيسة، موقف عمر من أهل الكتاب موقف إيجابي في بدايته ونهايته، لكنهم - كما وصفهم - يتعاطَون الرشوة.



ويتهم الغربيون - ومنهم أهل الكتاب - بعض بلاد المسلمين بالرشوة، وأنها متفشية بينهم حتى في المطارات، فيرد عليهم المسلمون بأنهم لم يكونوا يعرفون الرشوة قبل أن يختلطوا بالأجناس الأخرى عن طريق الاستعمار، أو عن طريق السفر إلى بلادهم والاطلاع على ثقافتهم.



ويحسن المسؤولون كثيرًا في هذه البلاد الطاهرة حينما يشهرون بالمرتشين في الصحف المحلية، معلنين صراحة رفضهم لهذه العاهة، ووقوفهم منها موقف المحارب لكل ما من شأنه أن يقوض هذا المجتمع، ويسيء إلى مبادئه التي يقوم عليها، وإلى سمعته التي يبنيها.



عمر والتوراة..

وما دُمنا مع عمر الذي سنَّ العام الهجري بدءًا من محرم الحرام، وما دام لعمر موقف من أهل الذمة، نرى عمر يقع على كتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فيقرؤه على الرسول عليه الصلاة والسلام، فيغضب الرسول عليه السلام، ويقول لعمر - كما في تفسير ابن كثير -: ((أمُتَهوِّكون فيها يا بن الخطاب؟! والذي نفسي بيده، لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبونه، أو بباطل فتصدقونه، والذي نفسي بيده، لو أن موسى كان حيًّا ما وسعه إلا أن يتبعني))، والقصة في تفسير ابن كثير عند تفسير سورة يوسف، ولها طرق أخرى.



وذلكم منهج ثقافي فكري عقدي ينبه إليه الرسول عليه السلام أمة محمد، ألا تستعين بكتب أهل الكتاب، والقرآن الكريم بين ظهرانيها، ولا يقتصر الأمر على الكتب، ولكنه عليه السلام ينهى أن يكون غير المسلمين مصادر للمعلومات؛ خشية أن يخبروا بالحقيقة فيكذبها المسلمون، أو يخبروا بالباطل فيصدقه المسلمون، وهذا الموقف يجرنا إلى التعريج على فئة من أبناء أهل الكتاب - في العموم - نسميهم المستشرقين، فأخبرونا بالباطل فصدقه كثير من العرب والمسلمين، وأخبرنا بعضهم بالحق فكذبه البعض من العرب والمسلمين، وكم تأثر بهم البعض، وكم تأثر منهم الكثيرون، وعودة يسيرة إلى مثل هذه الوقفات الثقافية من رسول الله عليه السلام تعطينا بدقة ما نريد أن نكونه من موقف تجاه الثقافات الأخرى وتجاه أولئكم الذين جعلوا من ثقافتنا وديننا في عالمنا الإسلامي مجالًا يحققون منه أهدافًا بعيدة المدى، ذكر منها الباحثون الأهداف التنصيرية والاستعمارية والتجارية والاقتصادية والسياسية والوقوف مع هؤلاء يحتاج إلى نَفَس وثروة علمية ورغبة في البحث، والله المستعان. (الجزيرة: العدد 6170).

الأحد 19 محرم 1410هـ، 20 أغسطس 1989م

[1] المقصود بهم هنا تجار السلاح الذين يسعون إلى ترويج بضاعتهم على حساب حياة الأمم!



 توقيع : سلطان الزين

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

رد مع اقتباس
قديم 17-Jun-2024, 07:23 PM   #2


حـُـلم متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 124
 تاريخ التسجيل :  Aug 2021
 أخر زيارة : 24-Oct-2024 (08:50 PM)
 المشاركات : 302,683 [ + ]
 التقييم :  149066
لوني المفضل : Cadetblue

اوسمتي

افتراضي رد: على هامش العام المنصرم




طرح قيم
جزاك الله خير الجزاء


 
 توقيع : حـُـلم

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 18-Jun-2024, 03:17 AM   #3


نَبض متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 346
 تاريخ التسجيل :  Aug 2022
 أخر زيارة : اليوم (01:55 AM)
 المشاركات : 303,268 [ + ]
 التقييم :  195215
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : White

اوسمتي

افتراضي رد: على هامش العام المنصرم



::

بارك الله فيك


 
 توقيع : نَبض

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 18-Jun-2024, 05:22 AM   #4


دانه البحر متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 612
 تاريخ التسجيل :  Apr 2024
 أخر زيارة : 24-Oct-2024 (03:19 AM)
 المشاركات : 15,845 [ + ]
 التقييم :  6388
لوني المفضل : Cadetblue

اوسمتي

افتراضي رد: على هامش العام المنصرم









جزاك الله كل خير على ماانتقيت
طرح القييم ومفيد
بااارك الله فيك وسلمت الايااادي
جعله الله فى ميزان اعمالك
اشكرك لما جلب وطرح
تحيتي ودمت بحفظ الرحمن





























































 
 توقيع : دانه البحر

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 18-Jun-2024, 09:24 AM   #5


N@gh@m متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 14
 تاريخ التسجيل :  May 2024
 أخر زيارة : يوم أمس (05:09 PM)
 المشاركات : 484,003 [ + ]
 التقييم :  224542
 الدولهـ
Lebanon
 الجنس ~
Female
 SMS ~
لوني المفضل : Purple

اوسمتي

افتراضي رد: على هامش العام المنصرم





 
 توقيع : N@gh@m

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 18-Jun-2024, 11:22 PM   #6


الحر متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 293
 تاريخ التسجيل :  Apr 2022
 أخر زيارة : 24-Oct-2024 (10:44 AM)
 المشاركات : 575,581 [ + ]
 التقييم :  287029
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Gray

اوسمتي

افتراضي رد: على هامش العام المنصرم



جزاك الله خير
وكتب الله أجرك وبارك الله فيك


 
 توقيع : الحر

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 19-Jun-2024, 04:28 PM   #7


سلطان الزين متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 47
 تاريخ التسجيل :  Jun 2021
 أخر زيارة : 24-Oct-2024 (05:19 PM)
 المشاركات : 100,806 [ + ]
 التقييم :  62615
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Blanchedalmond

اوسمتي

افتراضي رد: على هامش العام المنصرم



كل الشكر وكل الورد لهذا الحضور الأكثر من رائع
تحياتي لكم


 
 توقيع : سلطان الزين

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 20-Jun-2024, 03:23 AM   #8


متيم متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 545
 تاريخ التسجيل :  Nov 2023
 أخر زيارة : يوم أمس (11:04 PM)
 المشاركات : 70,731 [ + ]
 التقييم :  37552
لوني المفضل : Cadetblue

اوسمتي

افتراضي رد: على هامش العام المنصرم



بارك لله بك ونفع بما قدمت


 
 توقيع : متيم

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 20-Jun-2024, 11:32 PM   #9


ملك الأحساس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 391
 تاريخ التسجيل :  Nov 2022
 أخر زيارة : 23-Oct-2024 (01:19 AM)
 المشاركات : 244,226 [ + ]
 التقييم :  39774
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Antiquewhite

اوسمتي

افتراضي رد: على هامش العام المنصرم



سلمت يمينك
ع جمال طرحك المميز


 
 توقيع : ملك الأحساس

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 23-Jun-2024, 10:47 PM   #10


غَيْم..! متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4
 تاريخ التسجيل :  May 2021
 أخر زيارة : يوم أمس (05:01 PM)
 المشاركات : 819,012 [ + ]
 التقييم :  451780
 الدولهـ
Saudi Arabia
لوني المفضل : White

اوسمتي

افتراضي رد: على هامش العام المنصرم



جزاك الله خير
وجعله في ميزان حسناتك ..


 
 توقيع : غَيْم..!

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المؤتمر العام لـ"الألكسو" يشيد بمبادرة السعودية "الموهوبون العرب" حـُـلم • •₪• أخبار وأحداث العالم •₪•• 14 30-May-2024 11:47 PM
8 سنوات من إطلاق "الحلم" وهذا ما أُنجز في 2023.. قفزات الرؤية الواعدة تتواصل والطموح حـُـلم • •₪• أخبار وأحداث العالم •₪•• 6 28-Apr-2024 08:09 PM
جازان.. الطلب على الأراضي السكنية يتراجع لأدنى مستوى له هذا العام حـُـلم • •₪• أخبار وأحداث العالم •₪•• 12 17-Apr-2024 07:42 PM
مدير الأمن العام: لا مخالفات في موسم العمرة هذا العام.. والمعتمرون تفرغوا للعبادة حـُـلم • •₪• أخبار وأحداث العالم •₪•• 8 17-Apr-2024 07:00 PM
الأمن العام يدعو الموجودين في مكة للصلاة حول منازلهم وتخفيف الزحام عن الحرم حـُـلم • •₪• أخبار وأحداث العالم •₪•• 6 10-Apr-2024 02:08 AM


الساعة الآن 03:29 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع ما يطرح في منتديات أحاسيس الليل لا يعبر عن رأي الموقع وإنما يعبر عن رأي الكاتب
وإننــے أبرأ نفســے أنا صاحبة الموقع أمامـ الله سبحانه وتعالــے من أــے تعارف بين الشاب والفتاة من خلال أحاسيس الليل
vEhdaa 1.1 by rKo ©2009