بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
(( لماذا استعاذ الرسول من غلبة الدين ))
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صل الله عليه وسلم
كان النبي صل الله عليه وسلم يعظِّم الدَّينَ في نفوس أصحابِه تعظيمًا عظيمًا، قال جابرُ بن عبد الله: تُوفِّيَ رجل منَّا فغسَّلناه وحنَّطناه وكفّنّاه وأتينا به النّبيَّ ليصلّيَ عليه، فخَطا خطَواتٍ ثم قال: ((أعليه دَين؟)) قالوا: ديناران يا رسول الله، فتأخَّرَ عنِ الصّلاةِ عليه وقال: ((صَلّوا على صاحِبِكم))، فقال أبو قتادة: هما عليَّ يا رسولَ الله، قال له النبيُّ: ((برِئَت ذمّةُ الغريم وحُقَّ الدين؟)) قال: نعم يا رسول الله، فصلّى عليه النبيّ صل الله عليه وسلم ، ثم لقِيَ أبا قتادة في اليومِ الثاني قال: ((يا أبا قتادةَ ما فعَل الديناران؟)) قال: يا رسول الله، إنما ماتَ بالأمس! ثمّ لقِيَه اليومَ الثاني وقال: ((يا أبا قتادةَ ما فعل الديناران؟)) قال: يا رسول الله، دفعتُهما لصاحبهما، قال: ((الآن برَدت عليه جِلدَته))، قال ابن حجر: وفي هذا الحديث أشعار لصعوبة أمر الدين وأنه لا ينبغي تحمله إلا من ضرورة.
هكذا علَّم النبيّ أمّته؛ ليعرفوا حقوقَ العباد ولا يظلِم بعضهم بعضًا ولا يتعدَى بعضهم على بعض.
وقد روى ميمون الكردي عن أبيه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم أيُّما رجلٍ تَزَوَّجَ امرأةً على ما قَلَّ مِنَ المَهْرِ أوْ كَثُرَ ، ليس في نفسِهِ أنْ يُؤَدِّيَ إليها حقَّها ؛ خَدَعَها ، فماتَ ولمْ يُؤَدِّ إليها حقَّها ؛ لَقِيَ اللهَ يومَ القيامةِ وهوَ زَانٍ ، وأيُّما رجلٍ اسْتَدَانَ دَيْنًا لا يُرِيدُ أنْ يُؤَدِّيَ إلى صاحِبِه حقَّهُ ؛ خَدْعَةً حتى أَخَذَ مالهُ ، فماتَ ولمْ يَرُدَّ إليهِ دِينَهُ ؛ لَقِيَ اللهَ وهوَ سارِقٌ . رواه الطبراني وصححه الألباني.
وروى صُهَيْبُ الْخَيْرِ رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال: أيما رجل تدين دينا وهو مجمع أن لا يوفيه إياه لقي الله سارقا) رواه ابن ماجه والبيهقي.
وروى عبدُ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صل الله عليه وسلم قَالَ: (يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلاَّ الدَّيْنَ) رواه مسلم
وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صل الله عليه وسلم فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ وَضَعَ رَاحَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ ثُمَّ قَالَ: (سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا نُزِّلَ مِنْ التَّشْدِيدِ)؟ فَسَكَتْنَا وَفَزِعْنَا فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ سَأَلْتُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا التَّشْدِيدُ الَّذِي نُزِّلَ؟ فَقَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ رَجُلاً قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيِيَ ثُمَّ قُتِلَ ثُمَّ أُحْيِيَ ثُمَّ قُتِلَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ) رواه النسائي وحسنه الألباني.
وعَنْ سَعْدِ بْنِ الأَطْوَلِ أَنَّ أَخَاهُ مَاتَ وَتَرَكَ ثَلاثَ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَتَرَكَ عِيَالاً فَأَرَدْتُ أَنْ أُنْفِقَهَا عَلَى عِيَالِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صل الله عليه وسلم (إِنَّ أَخَاكَ مُحْتَبَسٌ بِدَيْنِهِ فَاقْضِ عَنْهُ) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَدَّيْتُ عَنْهُ إِلاَّ دِينَارَيْنِ ادَّعَتْهُمَا امْرَأَةٌ وَلَيْسَ لَهَا بَيِّنَةٌ قَالَ: (فَأَعْطِهَا فَإِنَّهَا مُحِقَّةٌ) رواه ابن ماجه
وتأملوا كيف أن النبي صل الله عليه وسلم كان يستعيذ دبر كل صلاة من المغرم وهو الدين، أي كان يستعيذ من ذلك خمس مرات في اليوم، أي ألف وثمانمائة (1800) مرة في السنة، مما يدل على خطر الوقوع في الديون التي لا يقوى المرء على سدادها، بعض الناس يحاول جاهدًا أن يعيش عيشة الأغنياء المترفين حتى ولو كلفه ذلك إلى الاقتراض فوق ما يطيق، فتجده يدخل في متاهات من الديون والقروض والتقسيطات في سبيل أن تكون له سيارة فارهة، ومنزل فاخر قد يكون فوق مستواه الاجتماعي والاقتصادي، فيذل نفسه بهذه الديون حتى يعجز عن الأداء فيلجأ إلى أخذ الزكاة وينتظر إحسان المحسنين، وقد كان النبي صل الله عليه وسلم يستعيذ من الدين
وليدبر كل امرئٍ نفقته على قدر رزقه، ولا ينظر إلى نفقة الأغنياء ولو كانوا أقاربه؛ فإنّ أبا ذر رضي الله عنه قال: أوصاني رسول الله صل الله عليه وسلم أن أنظر إلى من دوني ولا أنظر إلى من فوقي.
بادر الى التخلص من ديونك قدر المستطاع بسدادها ولا تقترض إلا في الأمور الملحة، فقد روى ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صل الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (مَنْ فَارَقَ الرُّوحُ الْجَسَدَ وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ ثَلاثٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ مِنْ الْكِبْرِ وَالْغُلُولِ وَالدَّيْنِ) رواه الترمذي وابن ماجه
وتذكر أن من رفض السداد في حياته أخذ من حسناته وعذب في النار، فقد روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم "مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دِينَارٌ أَوْ دِرْهَمٌ قُضِيَ مِنْ حَسَنَاتِهِ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ" رواه ابن ماجه
وفي رواية للطبراني أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: الدَّينُ دَينانِ ، فمن مات و هو ينوي قضاءَه ، فأنا وليُّه ، و من مات و لا ينوي قضاءَه فذاك الذي يُؤخذُ من حسناتِه ، ليس يومئذٍ دينارٌ و لا درهمٌ
فاللهم إنا نعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال
وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين .
|
|
|
|
glh`h hsjuh` hgvs,g lk ygfm hg]dk lhg; hglg;